ملفات

مصر: الاقتراض الخارجى.. الدواء المر

الدولار

مع استمرار الحكومة فى الاقتراض من الخارج ووصول حجم القروض الخارجية لأكثر من %36 من إجمالى الناتج المحلى لمصر بنهاية ديسمبر 2017، وفى المقابل حدوث زيادات متتالية فى احتياطى النقد الأجنبى ووصوله لمستويات قياسية، توجد تساؤلات تحتاج لإجابة عليها.
هل مصر فى حاجة لمزيد من الاقتراض الخارجى بعد أن وصل حجم الدين الخارجى لأكثر من 82 مليار دولار؟ وهل نحن فى حاجة لزيادة احتياطى النقد الاجنبى أكثر من مستوياته الحالية؟، وما هو المستوى الأمثل لاحتياطى النقد الأجنبى بالنسبة لمصر؟، وما هو التصرف الأمثل فى التعامل مع مشكلة تزايد الدين الخارجى، وهل إطلاق يد الحكومة فى الاستدانه أمر مقبول أم يحتاج لضوابط؟.
تلك التساؤلات تتزامن مع ما كشفه البنك المركزى عن وصول إجمالى الدين الخارجى لمصر لنحو 82.9 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2017، بزيادة قدرها 3.9 مليار دولار عن يونيو 2017.
وأشار المركزى إلى أن رصيد الدين الخارجى يصل لنحو %36.1 من الناتج المحلى الإجمالى، مؤكداً أن هذه النسبة ما زالت فى الحدود الآمنة وفقا للمعايير الدولية.
وتلقت مصر منذ بداية عام 2018 نحو 7 مليارات دولار عن طريق طرح سندات دولية على دفعتين الأولى بقيمة 4 مليارات دولار فى يناير 2018 والثانية بـ7 مليارات دولار فى فبراير 2018.

طارق عامر

«عامر»:مستويات الدين لا تدعو للقلق ومصر قادرة على تحمل المزيد

وبحسب المركزى، فإن الدين الخارجى يصل لنحو %191.3 من إجمالى الصادرات السلعية والخدمية لمصر بنهاية ديسمبر 2017.

وأشار إلى أن الديون قصيرة الأجل تصل لنحو 11.1284 مليار دولار ما يعادل نحو %13.4 من إجمالى الدين الخارجى، فى حين يصل حجم الديون الخارجية متوسطة وطويلة الأجل نحو 71.7561 مليار دولار، ما يعادل نحو %88.6 من إجمالى الدين الخارجى. وتصل نسبة الديون الخارجية قصيرة اﻷجل لنحو %30.1 من صافى احتياطيات مصر من النقد الأجنبى.

وبحسب المركزى، فإن حجم الدين الخارجى الحكومى وصل لنحو 38.7101 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2017، مما يعادل نحو %46.7 من إجمالى الدين الخارجى، ونحو %16.9 من إجمالى الناتج المحلى.
فيما تصل خدمة الدين الخارجى لنحو %60.2 من الصادرات السلعية الخدمية، وتصل لنحو %36.6 من الحصيلة الجارية.
ويصل حجم الدين الخارجى الخاص بالبنك المركزى لنحو 27.4033 مليار دولار، فى حين يبلغ حجم الدين الخارجى المستحق على البنوك العاملة فى السوق المصرية لنحو 6.0946 مليار دولار، وتصل مديونية بعض القطاعات الأخرى، التى لم يذكرها «المركزى» تفصيلاً، لنحو 10.6765 مليار دولار.
وبحسب «المركزى»، فإن فوائد الدين الخارجى تصل لنحو %3.9 من الصادرات السلعية والخدمية، وتصل %2.4 من الحصيلة الجارية.
ويبلغ متوسط نصيب المواطن المصرى من الدين الخارجى بنهاية ديسمبر 2017 نحو 790.8 دولار.
وكان طارق عامر محافظ البنك المركزى قد أكد أن مستويات الدين الخارجى وخدمته لا تدعو للقلق على الإطلاق، وأن قدرات مصر أكبر بكثير، وتتحمل مزيداً من الديون طبقا للمؤشرات العالمية.

أضاف، فى تصريحات سابقة له، أن الدولة تستخدم تلك الديون لأنها تقوم بعمليات التنمية فى الوقت الحالى.
وتابع عامر «لمن يقول إن الدين كبر، أقول إن الاقتصاد كبر أيضاً، والدين الخارجى ليس به أى نوع من القلق، ومصر لم تتأخر يوماً فى سداد التزماتها الخارجية خلال أصعب الظروف».
وقال أيضاً «لدينا ميزة فى الدين الخارجي، أن مدده طويلة جداً، حيث تصل إلى 15 و20 سنة، وتوجد قروض على 60 سنة، فهناك القرض الكورى الأخير لمترو الأنفاق للمرحلتين الرابعة والخامسة، يسدد على 57 سنة، بفائدة %0.1».

محمد عبدالعال

 

«عبدالعال»: يجب أن يخضع لدراسات متأنية وموافقات صريحة من جهات الاختصاص

وبحسب محمد عبدالعال الخبير المصرفى وعضو مجلس إدارة بنك قناة السويس، فإنه لا أحد ينكر حجم وقيمة الإنجازات التى تحققت من خلال برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى منذ انطلاقه قبل عام ونصف العام بالتعاون مع صندوق النقد الدولى، ورغم ذلك توجد مخاوف من ظاهرة النمو المتزايد لمعدل الديون الخارجية لمصر.
أضاف أن الدين الخارجى واصل قفزاته ليصل لنحو 82.8 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2017، مقابل 67.3 مليار دولار ديسمبر 2016، بنسبة نمو بلغت %23.17.
أشار إلى أن صندوق النقد الدولى كان قد توقع وصول الدين الخارجى إلى نحو %34.6 من إجمالى الناتج المحلى خلال العام المالى الجارى، وأن تصل تلك النسبة لنحو %33.3 خلال العام المالى المقبل.
وكانت وكالة «ستاندارد آند بورز» قد أكدت أن عدم سيطرة مصر على الدين الخارجى قد يسبب لها ضغوطاً سلبية على تصنيفها الائتمانى مستقبلاً.
وبحسب عبدالعال، فإن خطورة تزايد الدين الخارجى يمكن أن تقاس بمؤشرين، الأول نسبة الدين الخارجى إلى إجمالى الناتج المحلى، فكلما كانت اقل من %60 تكون فى معدل آمن وفقاً للمعايير العالمية، وهذه النسبة تدور لدينا فى حدود 34 إلى %36 ويمكن اعتبارها ما زالت فى الحدود الآمنة.
أما المؤشر الثانى فهو نسبة إجمالى أعباء خدمة الديون الخارجية إلى حجم الصادرات، وبعبارة أخرى قدرة الصادرات المصرية على سداد كل أو جزء من تكلفة الديون الخارجية، وهذه النسبة فى مصر تتحسن تدريجياً، خاصة مع اتجاه الصادرات المصرية للنمو.
وتابع عبدالعال «فى تصورى أن مخاطر الدين الخارجى لمصر سوف تتضاءل مع الزمن، حيث إن إجمالى الناتج المحلى سوف ينمو بمعدل أكبر من نمو الدين الخارجى».
أشار إلى عدة محددات توضح مدى حاجة مصر للاقتراض من الخارج وهى أن هذه القروض تستخدم فى تمويل مشروعات تتطلبها عملية التنمية الاقتصادية، والتى يتعين أن تتم دفعة واحدة مع عمل دراسات جدوى للمشروعات التى سوف تستخدم تلك القروض فى تمويلها والتأكد أن التدفقات المستقبلية للمشروع تغطى أصل القرض وفوائده.
وقال عبدالعال «نحن دولة مررنا بمراحل مختلفة من التوتر السياسى والحروب والحصار الاقتصادى ومواجهة الارهاب، الأمر الذى عطل مسيرة خطط التنمية الاقتصادية، ومن ناحية أخرى نجد أن معدل الادخار المحلى ضعيف، الأمر الذى يحتم اللجوء إلى التمويل الخارجى».
أضاف أن توجه الدولة للاقتراض الخارجى يؤدى لانخفاض الدين المحلى وتحسين عجز الموازنة نتيجة انخفاض تكلفة الاقتراض، وهو ما يقلل فى النهاية من مخاطر الدين الخارجى.
أشار إلى أن توسع مصر فى عمليات التنقيب والاكتشاف عن الغاز الطبيعى واستخراجه سيغطى احتياجات مصر مع نهاية 2018، ونبدأ بعدها فى تصديره للخارج، وبالتالى زيادة إيرادات الدولة من النقد الأجنبى، وبالتالى انخفاض حجم ديونها الخارجية.
وأوضح أن الحكومة تخطط لضم الاقتصاد غير الرسمى الذى يقدر بنحو %50 من الاقتصاد الرسمى، وإذا ما تم هذا الدمج فإن إجمالى الناتج المحلى سوف يزداد، وبالتالى فإن نسبة الدين الخارجى للناتج المحلى ستنخفض.
وقال إن الدين الخارجى لمصر متنوع، حيث يتكون من قروض ذات آجال قصيرة، وهى التى تنطوى على مخاطر أكبر، وهذه الديون نسبتها فى حدود %39 من الدين الخارجى، وتوجد قروض متوسطة وطويلة الأجل نسبتها فى حدود %61 وهذه التركيبة تعطى مصر مساحة زمنية للسداد تتناسب مع جداول تدفقات النقد الأجنبى.
وتابع «لم يلاحظ على الاطلاق وجود ضغوط سياسية من الدول الدائنة تؤثر على سلامة واستقلال السيادة المصرية، كما أن مصر لم تتخلف يوماً عن سداد أقساط مديونياتها الخارجية فى مواعيدها، الأمر الذى يؤكد أنها تمتلك القدرة على السداد».
وتوقع عبدالعال أن يظل الدين الخارجى كمقدار وقيمة ثابتاً ومستقراً لسنوات قادمة، ولكن سوف ينخفض كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى بسبب زيادة الناتج.
وقال إن الدولة تستهدف استقرار الدين الخارجى بين 30 و%32 من الناتج المحلى الإجمالى خلال الأعوام القادمة.
على الجانب الآخر تلاحظ استمرار ارتفاع الاحتياطى ووصوله لمستوى 44.1 مليار دولار بنهاية مايو 2018 وهو أعلى مستوى تاريخى له على الإطلاق.
وبحسب عبدالعال، فإنه مثلما يحمل ارتفاع الاحتياطى من مظاهر إيجابية ومزيداً من الثقة فى الاقتصاد المصرى، إلا أنه فى نفس الوقت يطرح مزيداً من علامات الاستفهام، خاصة أنه يأتى بالتزامن مع ارتفاع معدلات الديون الخارجية.
أشار إلى إنه بغض النظر عن حجم ومكونات ومصادر هذا الاحتياطى، سواء كان من مصادر ذاتية أو ديون خارجية مختلفة، فإن هذا ليس هو العامل المهم، ولكن أهمية هذا الاحتياطى وتراكمه فى هذه المرحلة يرتبط بعدة عوامل أساسية أخرى.

أوضح أن تلك العوامل تتمثل فى المدى الزمنى الآمن الذى يمكن أن يغطى كامل احتياجات مصر من الاستيراد، وهو حوالى 9 أشهر، والمستوى الحالى للاحتياطى يغطى تلك الفترة بالفعل، بالإضافة إلى حاجة مصر لاحتياطى نقدى يعزز ثقة المستثمرين فى قدرتها على المحافظة على استقرار سعر الصرف وسوق النقد والمتطلبات التمويلية.
وتابع عبدالعال «إذا كنا نسدد أقساط ديون خارجية بفوائدها فى مواعيدها، ونسدد فواتير الاستيراد، فما الخوف من تراكم فائض لدى المركزى يعزز الثقة ويساعد على استمرار واستقرار أوضاع النقد الأجنبى».
أضاف، «فى تصورى فإن النموذج البرازيلى بالنسبة لحجم الاحتياطى النقدى هو الأقرب لنا، ومن الأفضل الاستمرار فى تنميته وصولاً إلى مستوى 135 مليار دولار، بشرط أن يكون معظمه من فوائض المصادر الذاتية للنقد الأجنبى، ومن مساهمات أنشطة الاقتصاد القومى الجالبة للنقد الأجنبى، خاصة التصدير والسياحة وقناة السويس، وأن يكون الجزء الممول من قروض طويلة الأجل وبأسعار فائدة غير مبالغ فيها تتلاءم مع أسعار السوق السائدة من ناحية ومعدل الجدارة الائتمانية لمصر من ناحية أخرى».
وقال إن «مصر فى بعض الأحيان تقترض بأسعار فائدة مرتفعة تصل إلى %6، فإن هذا الأمر عادة ما يكون عند طرح السندات، وهو أمر لا يتعلق بمستويات أسعار الفائدة فى السوق بقدر ما يرتبط بحجم مخاطر الدولة والملاءة المالية لها ومدى ثقة العالم فى قدرتها على الاستمرار فى السداد، خاصة أننا فى بداية برنامج اصلاح اقتصادى، وهو أمر طبيعى».
أكد عبدالعال أن الاقتراض المباشر يجب أن يخضع لدراسات متأنية وموافقات صريحة من جهات الاختصاص، وحسب الصلاحيات التى ينظمها الدستور، والتى يجب أن يقرها البرلمان فى النهاية، أما القروض التى فى شكل سندات دولية أو محلية فهذه تدخل فى نطاق أنشطة سوق المال، وهى من اختصاص وزارة المالية والبنك المركزى ووحدات القطاع المصرفى.
أشار إلى أن المحدد الوحيد فى جدوى الاستمرار فى الاعتماد على القروض أو مصادر التمويل الخارجى هو استخدام تلك القروض فى تمويل احتياجات الاستثمار المباشر، وسد الفجوة التمويلية لعملية التنمية المستدامة، واستبعاد استخدامه فى تمويل عجز الموازنة ودعم السلع أو دعم سعر الصرف أو الإنفاق الترفى والاستهلاكى، مع الالتزام بسداد أقساط وأصل القروض وفوائدها فى مواعيدها وفقاً لبرنامج السداد، وألا تكون تلك القروض مرتبطة بأى ضغوط سياسية تؤثر على سيادة الدولة.

طارق متولى

«متولى»: ضرورى مع بداية الإصلاح الاقتصادى فى ظل ندرة العملة الأجنبية

وبحسب طارق متولى الخبير المصرفى، فإن الاقتراض الخارجى بصفة عامة يحتاجه الاقتصاد مع بداية الإصلاح الاقتصادى وإعداد البنية التحتية للاستثمار، ولتهيئة المناخ الجاذب للاستثمار، فى ظل ندرة العملة الأجنبية، حيث يكون الاقتراض الخارجى هو الحل، لكن يجب أن يكون فى حدود آمنة، ولفترات زمنية لا ترهق ميزانية الدولة ولا الأجيال القادمة ولا يؤثر على القرار السيادى للدولة.
ويرى متولى أنه مع وصول حجم الدين الخارجى لمستوياته الحالية فإنه يجب التوقف عن الاقتراض، كما يجب العمل على جذب الاستثمار المباشر فى الفترة القادمة، اعتماداً على ما تحقق من نتائج إيجابية للإصلاح الاقتصادى، وأن يكون هناك قرار سيادى بهذا الشأن، مع بحث إمكانية استبدال الديون قصيرة الأجل بأخرى متوسطة وطويلة الأجل، مع الحفاظ على مستوى الدين دون زيادة.
أشار إلى أنه يجب أن يكون لنا عبرة ببعض الدول التى أسرفت فى الاقتراض الخارجى، سواء على مستوى الدولة أو البنوك العاملة بها والسماح لها بالاقتراض الخارجى، لتمويل مشروعات محلية لإحداث انعاشة اقتصادية سريعة والآن تعانى من مشاكل عديدة.
وتابع «زيادة احتياطى النقد الأجنبى طالما من موارد حقيقية للدولة فهو شىء جيد ومطلوب فى الحدود المتعارف عليها وطبقاً للتوقعات المستقبلية للاقتصاد المحلى والعالمى، ولكن لا أرى حاجة لزيادة الاحتياطى عن طريق الاقتراض، بعد ما وصلت قيمته حالياً لنحو 44 مليار دولار، وهو ما يكفى لتغطية أكثر من 9 شهور واردات سلعية، علماً بأن المستوى الأمثل للاحتياطى هو ما يكفى لتغطية ما بين 3 و6 شهور واردات».
أضاف، أنه فى بعض الأحيان توجد تكلفة تتحملها موازنة الدولة نتيجة الإصلاح الاقتصادى، ومنها بناء الاحتياطى وتكلفة الاقتراض، ومن هنا تظهر أهمية عدم التمادى فى زيادة الاحتياطى من قروض، تجنباً لتحمل المزيد من الأعباء المتمثلة فى الفارق بين تكلفة الاقتراض والاستثمار.
أشار إلى أنه قبل يناير 2011 كان حجم الدين الخارجى 36 مليار دولار وحجم الاحتياطى حوالى 36 مليار دولار أيضاً، وحجم الدين الخارجى كان يمثل %15 من الناتج القومى، ومعظم الديون طويلة الأجل وبأسعار فائدة مخفضة، مما كان لا يمثل عبئاً على ميزانية الدولة، وكانت أحد أهم نقاط القوة للاقتصاد فى هذا التوقيت.
وقال إن الاتجاه لتحويل الديون قصيرة الأجل فى ظل الظروف الحالية إلى طويلة الأجل اتجاه مقبول، مع التركيز على عدم زيادة المديونية عن الحدود الحالية وهو الأهم.
أضاف «الحكومة ليست مطلقة اليد فى الاستدانة من الخارج، فلابد من موافققة البرلمان، لكن المطلوب فى الفترة المقبلة مزيداً من الضوابط والقيود لهذا الأمر، مما يتطلب رؤية شاملة اقتصادية وسياسية، بما يحقق الاستفادة والمصلحة العامة».

هانى أبوالفتوح

«أبوالفتوح»: الاستدانة مقبولة طالما ستضيف طاقات إنتاجية

من جانبه قال هانى أبوالفتوح الخبير المصرفى، إن مستوى الدين الخارجى لمصر من الأمور التى حدث خلاف فى الرأى بشأنها بين الجهات المختلفة، سواء من الداخل أو الخارج، فكل جهة تتبنى وجهة نظر مختلفة، تتفاوت بين التشاؤم والقلق، إلى الطمأنينة، التى مصدرها أن الأمور لم تصل بعد إلى درجة سيئة، وأن الدين الخارجى مازال فى الحدود الآمنة وفقاً للمعايير الدولية المتعارف عليها.
وأضاف «التوسع فى الاقتراض الخارجى كان مبرره تمويل برنامج الإصلاح الاقتصادى وعجز الموازنة، خصوصاً مع ارتفاع تكلفة الاقتراض محلياً بسبب ارتفاع أسعار الفائدة».
أشار إلى أنه بحسب نشرة طرح سندات اليورو التى طرحتها وزارة المالية مؤخرا، فقد بلغ حجم الدين الخارجى لمصر نحو 82.9 مليار دولار فى ديسمبر 2017، غير أنه وفقا لتقدير وكالة «فيتش» للتصنيف الائتمانى فإن هذا الدين يصل لنحو 100 مليار دولار فى نهاية 2017، ومع ذلك أقرت «فيتش» أن جزءاً كبيراً منه لا يزال بشروط ميسرة.
كان وزير المالية السابق عمرو الجارحى قد فسر الاختلاف بين تقدير وكالة «فيتش» وبيانات البنك المركزى بشأن قيمة الدين الخارجى بأن تعريف الدين الخارجى للبنك المركزى يختلف عما أعلنته الوكالة، حيث لا يتم احتساب استثمارات الأجانب فى أدوات الدين الحكومى ضمن الديون الخارجية.
وتابع «العبرة ليست بالأرقام المجردة، ولكن يجب أن يتم استخدامها فى إطار مؤشرات اقتصادية متعارف عليها، وهى نسبة الدين الخارجى من الناتج المحلى الإجمالى».
أوضح، أنه وفقاً للمعايير الدولية يعتبر الحد الآمن للدين الخارجى %60 من الناتج المحلى الإجمالى، لذلك فإن وصول هذه النسبة فى مصر إلى %36.2 بنهاية سبتمبر 2017، يشير إلى أن الدين الخارجى مازال فى الحدود الآمنة، بينما تسعى الحكومة إلى تخفيضها إلى 30 و%32 مستقبلا، مع تحسن المؤشرات الاقتصادية وتراجع الفجوة التمويلية واستمرار نمو الاقتصاد.
وقال أبوالفتوح «أشار محافظ البنك المركزى المصرى مؤخراً إلى أن وضع الاقتصاد المصرى يستطيع تحمل ديون خارجية بقيم أكبر من الحالية، طالما يمكن الوفاء بأقساط الدين والفوائد فى تواريخ استحقاقه، ومع ذلك فالأفضل عدم التوسع فى الدين الخارجى إلا لمبررات قوية، تضمن عدم ارهاق الموازنة العامة بأعباء خدمة الدين، والحصول على التمويل بشروط ميسرة لسد الفجوة التمويلية، وتعديل هيكل استحقاقات الديون الخارجية لصالح الأجل المتوسط وطويل الأجل ذى الفائدة الأقل».
أضاف، أن رصيد احتياطى النقد الأجنبى لمصر وصل إلى 44.029 مليار دولار بنهاية أبريل 2018، مشيراً إلى أن جميع دول العالم تقريباً، بغض النظر عن حجم اقتصادها، تمتلك احتياطيات كبيرة من العملات الأجنبية، وتستخدم الاحتياطيات كمصدر دعم فى أوقات الأزمات المحتملة، وخاصة أزمات فى ميزان المدفوعات.
وتابع «تنخرط الدول فى التجارة الدولية، لذلك يعتبر الاحتياطى النقدى الأجنبى عاملاً مهماً من أجل ضمان عدم حدوث أى توقف فى العلاقات التجارية الدولية، والقاعدة التى تتبعها البنوك المركزية عادة هى الاحتفاظ بمعادل ما لا يقل عن 3 أشهر من الواردات بالعملة الأجنبية».

صافي الاحتياطات الدولية

أشار إلى أنه مع زيادة الانفتاح التجارى فى إطار العولمة، حدثت زيادة فى معدل الاحتياطيات، حيث زادت النسبة إلى عدة أشهر من الواردات، وهذا يتماشى مع البيان المالى للموازنة العامة الذى يستهدف رفع نسبة الاحتياطى من النقد الأجنبى إلى أكثر من 6 شهور من الواردات فى عام 2018 – 2019، علاوة على ذلك، يعتبر عامل التجارة الخارجية ومدى كفاية تغطية الاحتياطى للواردات معبراً عنه بعدد من الأمور التى تأخذها وكالات التقييم الائتمانى بعين الاعتبار.
وقال إن التدفقات المالية الخارجية أصبحت مثل الاستثمار المباشر والاستثمار فى البورصة، أكثر أهمية للنمو الاقتصادى، كما أنه عادة ما تكون التدفقات المالية أكثر تقلباً، مما يفرض ضرورة زيادة الاحتياطى النقدى الأجنبى، كما أن الاحتفاظ بالاحتياطيات، نتيجة لزيادة التدفقات المالية، يتطلب أن تحتفظ أى دولة باحتياطيات سائلة مساوية لخصومها الأجنبية المستحقة فى غضون عام».
أضاف أن هناك تكاليف فى الاحتفاظ برصيد كبير من الاحتياطى النقدى الأجنبى، وعادة ما تؤدى تقلبات الأسعار فى أسواق الصرف إلى المكاسب والخسائر فى القوة الشرائية للاحتياطيات، كما أن القوة الشرائية للعملات تقل باستمرار بسبب انخفاض قيمة العملة بسبب التضخم، لذلك تقوم البنوك المركزية باستمرار بزيادة رصيد الاحتياطى للحفاظ على نفس القيمة لمواجهة تقلبات أسعار الصرف.
وتابع «تطور الدين الخارجى بشكل مقبول خلال السنوات الأخيرة قبل أن يأخذ منحنى صعوديا منذ عام 2012، حيث بلغ فى ذلك الوقت نحو 34.38 مليار دولار، ثم تدرج فى الصعود حتى بلغ 48.06 مليار دولار و55.06 مليار دولار و79.03 مليار دولار فى أعوام 2015 و2016 و2017 على التوالى، وبلغ اجمالى اعباء هذا الدين 5.61 مليار دولار و5.08 مليار دولار و7.18 مليار دولار فى نفس تلك السنوات الثلاث».
أشار إلى أن العبرة هنا بهيكل آجال الدين، لأنه من المعروف أن الديون قصيرة الأجل تعتبر أكثر خطورة إذا كانت تشكل نسبة كبيرة من الدين الخارجى، خاصة مع وجود صعوبات فى التدفقات النقدية من موارد أصيلة، مثل حصيلة الصادرات والسياحة وتحويلات العاملين بالخارج، بما يضمن سداد أقساط الدين الفوائد فى مواعيدها، لذلك تستهدف وزارة المالية هيكلة الدين الخارجى واستبدال الديون قصير الأجل بطويلة الأجل ذات العائد المنخفض.
أشار إلى أن الدين الخارجى مازال فى الحدود الآمنة، غير أن إجمالى الدين العام هو ما يمثل خطراً حقيقياً، والاستدانة لابد أن تكون لأسباب قوية، ولها مبررات تستند على المزايا التى تحققها، والتى ينبغى أن تفوق الوسائل الأخرى البديلة للحصول على التمويل، وفى الإطار الدستورى وفقاً للمادة 127 من الدستور، والتى لا تجيز للسلطة التنفيذية الحصول على أى قروض إلا بعد موافقة البرلمان.
وقال إنه من الناحية النظرية، لا مانع من الاستدانة الخارجية طالما أنها ستضيف طاقات جديدة إلى قطاعات الإنتاج، وتولد إيرادات بالعملة الأجنبية، مما ينعكس على نمو الاقتصاد المصرى ويزيد معدل النمو، أما أن تكون الاستدانة غرضها الرئيسى معالجة عجز الموازنة أو مشروعات لا تدر عائداً فهذا أمر ينبغى إعادة النظر فيه.
أكد أنه يجب أن تتوفر خطة معلنة للتدفقات بالعملة الأجنبية لسداد الدين الخارجى، وأن يمارس البرلمان دوره الرقابى للتعرف على تلك الخطة ومتابعة الالتزام بها، من خلال آلية لمتابعة استخدام القروض.

رضوى السويفي

«السويفى»: مصر كانت مضطرة لزيادة الاقتراض مؤقتاً

وبحسب رضوى السويفى رئيس قسم البحوث بشركة فاروس القابضة للاستثمارات المالية، فإنه رغم أن الاقتراض عموماً أمر ليس إيجابياً، إلا أن مصر كانت مضطرة لزيادة الاقتراض من الخارج، كمرحلة مؤقتة، للخروج من عنق الزجاجة، حيث لم تكن هناك أى موارد تغطى الفجوة التمويلية التى نعانى منها، والتى كانت تقدر بنحو 10 مليارات دولار سنويا.
توقعت السويفى، زيادة المديونية الخارجية لمصر خلال الفترة القادمة، فى ظل إعلان الحكومة مسبقاً عن استهدافها طرح سندات أخرى بالأسواق الخارجية.
وتابعت «الحكومة مضطرة لذلك لحين توافر الموارد الطبيعية للنقد الاجنبى، كما أنها تحاول تقليل الاقتراض من الداخل لتخفيف عبء خدمة الدين، وبالتالى تقليل عجز الموازنة العامة للدولة قدر الإمكان».
أضافت أن الديون قصيرة الأجل تبلغ نحو %13.2 فقط من إجمالى الدين الخارجى لمصر، وهو أمر فى حد ذاته إيجابى جداً، حتى لا تكون هناك التزامات قصيرة الأجل ترهق الدولة وهى تسير فى بداية برنامج الاصلاح الاقتصادى.
ورداً على تساؤل عما إذا كانت مصر فى حاجة لزيادة احتياطى النقد الأجنبى أكثر من مستواه الحالى، قالت السويفى، إننا نحتاج لزيادته بالفعل لكن من مصادر مختلفة، والأفضل أن يكون من مواردنا الذاتية، لافتة إلى أن مصر أمامها التزامات خارجية عليها سدادها خلال الفترة القادمة، مما يتطلب احتياطياً قوياً يعينها على القيام بذلك.
وتوقعت السويفى أن يتراوح حجم الاحتياطى خلال الـ12 شهراً القامة بين 40 إلى 45 مليار دولار، مشيرة إلى أن المستوى الحالى للاحتياطى يغطى 9 أشهر واردات وهو مستوى مناسب جداً طبقا للمقاييس العالمية.

 

الموضوع مترجم من جريدة ديلي نيوز إيجيبت 

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

مصر تعيد النظر في واردات الغاز الطبيعي مع تراجع الطلب على الكهرباء

تراجع ‏مصر احتياجاتها من استيراد الغاز في ظل انخفاض الطلب...

منطقة إعلانية