إدارة المدن الكبرى التحدى الأصعب للحكومات المحلية
الخدمات المالية وقطاع التكنولوجيا أهم مصادر التفوق
كشفت الطبعة الجديدة من «جلوبال مترو مونيتور» عن المشهد المتغير للقوة الاقتصادية للمدن الحضرية التى تسيطر عليها بشكل متزايد مناطق فى البلدان الناشئة.
وتتركز أعلى مؤشرات الأداء للنمو بين عامى 2014 و2016 فى دول آسيا الناشئة مع عدد قليل من الاقتصادات المتقدمة حيث تضم القائمة 7 مدن آسيوية من بين أفضل عشرة مناطق.
ويخلق النمو السريع فرصاً اقتصادية كبيرة فى هذه الاقتصادات الإقليمية الناشئة ولكنه يجلب أيضاً تحديات مثل ظاهرة الازدحام ومتطلبات القدرة على تحمل تكاليف السكن لطبقات المجتمع المختلفة.
بالإضافة إلى مشكلات ناجمة عن التلوث بسبب تضاعف معدلات النشاط الحضارى كما تتسع هوة عدم المساواة بين طبقات المجتمع، وتمثل هذه الصعوبات اختباراً للمسئولين الحكوميين الذين يسعون إلى إدارة هذا النمو.
ويحدد مدى نجاح هذه الإدارة نطاق الرخاء العالمى المستدام وبالتالى إمكانية الحفاظ على مصادر لكثير من النمو والفرص فى تلك المدن الكبيرة.
1– دبلن – أيرلندا – شركات تبحث عن ملاذات ضريبة وتضخ المليارات
جاءت نتائج «دبلن» فى المرتبة الأولى من النمو غير المسبوق لنسبة الفرد من الناتج المحلى الإجمالى، والذى ينبع بدوره من مزيج من الاقتصاد القوى والأرقام الغريبة للحسابات الإحصائية التى تولد تقديرات إجمالى الناتج المحلى.
والعديد من الشركات متعددة الجنسيات تقيم بشكل قانونى فى دبلن لأغراض التهرب الضريبيى، ولكنها لا تنتج السلع والخدمات فى الواقع ورغم ذلك تقف وراء دخول مليارات الدولارات الساخنة إلى السوق.
وزادت بعض هذه الشركات من حجم التصنيع التعاقدى الذى أجرته فى الخارج، ولكن من الناحية الإحصائية تنعكس تلك الأنشطة فى حسابات الناتج المحلى الإجمالى والوطنى باعتبارها صادرات، ولا تزال دبلن مدينة جاذبة فى مجال تكنولوجيا المعلومات والصناعات الإبداعية والخدمات المالية.
2 – سان خوسيه – الولايات المتحدة – أفضل مدن أمريكا لخلق الوظائف والإنتاج
مثل سان فرانسيسكو شهدت مدينة سان خوسيه، موطن وادى السليكون مقر شركات التكنولوجيا العملاقة، نمواً ملحوظاً للوظائف وارتفاعاً فى مستوى الدخل بسبب الأداء القوى لقطاع التكنولوجيا.
وتفوقت سان خوسيه أكبر مدن ولاية كاليفورنيا على كافة المناطق الحضرية الأخرى تقريباً فى خلق الوظائف والإنتاجية ومعدل نمو الأجور على مدى السنوات الخمس الماضية، ولكنها مثل سان فرانسيسكو لديها حاجة ملحة لتطوير اقتصاد أكثر شمولاً.
3 – تشنجدو – الصين – الوجهة الرئيسية للاستثمار الأجنبى المباشر بالبلاد
يبلغ عدد سكان تشنجدو، عاصمة مقاطعة سيشوان الجنوبية الغربية 11 مليون نسمة وبعيداً عن المقاطعات الساحلية أصبحت هى الوجهة الرئيسية للاستثمارات الأجنبية المباشرة، وكانت دائماً واحدة من أسرع مناطق التحضر نمواً فى البلاد.
وينظر قادة تشنجدو إلى العلوم والتكنولوجيا باعتبارها صناعة النمو المقبلة وكان الهدف منها هو جعل المنطقة واحدة من مراكز التكنولوجيا المتطورة فى البلاد.
فى وسط منطقة الخليج، دفع اقتصاد سان فرانسيسكو نمو التكنولوجيا الأمريكية، وقد جذبت ميزتها فى الصناعات الرقمية والتكنولوجية الحيوية الاستثمار والموهبة، مما أدى إلى نمو مرتفع فى الناتج المحلى الإجمالى للفرد الواحد ووصل إلى 101 ألف دولار عام 2016.
وفى الولايات المتحدة، كانت سان فرانسيسكو واحدة من 11 منطقة حضرية أمريكية تحسنت على جميع المقاييس المتعلقة بالنمو والازدهار وشمولية الأداء، ومع ذلك يجب على سان فرانسيسكو التركيز على سد الفجوات العرقية والاقتصادية المهمة، ومعالجة ارتفاع تكاليف الإسكان للحفاظ على النمو فى السنوات القادمة.
ولا تزال بكين عملاقة الاقتصاد الصينى حيث تهيمن على الاقتصاد الوطنى مع نظيرتها شنجهاى، حتى مع تحول النمو الاقتصادى وأنماط الهجرة المحلية بعيداً عن المدن الكبرى فى الصين.
وكانت الهجرة موضوعاً للجدل فى بكين، حيث تبنت الحكومة أسلوباً صارماً فى طرد المهاجرين إلى المدينة منها الإزالة القسرية لتجمعاتهم السكنية بجانب حوافز مالية للعودة إلى مسقط رأسهم وتأسيس مشاريع خاصة.
6- نيودلهى – الهند – الحكومة المحلية للعاصمة تتحكم بالقطاعات الأساسية
ويتنقل ملايين الهنود إلى نيودلهى بحثاً عن مستويات معيشة أعلى حيث يبلغ فيها نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى 18.6 ألف دولار أى ثلاثة أضعاف المعدل الوطنى للبلاد.
وتتمتع حكومة نيودلهى المحلية بسلطات كبيرة فى التعليم والبيئة والنقل، وقد دخلت فى صراع مع الحكومة المركزية داخل المحكمة العليا حول سلطات الوظائف الإدارية التى يمكنها السيطرة عليها.
وتواجه المدينة تحديات عديدة فيما يتعلق بالازدحام والتلوث الناجمين عن تحضرها السريع، وفى أكتوبر 2017، سجلت محطة المراقبة الجوية فى السفارة الأمريكية بنيودلهى ارتفاعاً قياسياً فى التلوث مما دفع رئيس وزراء المدينة إلى إدانة صارمة لظروف التلوث وجودة الهواء هناك.
7- مانيلا – الفلبين – مركز الاقتصاد الوطنى
يبلغ عدد سكان العاصمة مانيلا حوالى 13.2 مليون نسمة وهى تقارب مساحة العاصمة الفرنسية باريس أو مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، وباعتبارها مركز الاقتصاد الوطنى فإن الاقتصاد الحضرى فيها يمثل 36% من الناتج المحلى الإجمالى للبلاد.
وساهم النشاط الدولى بمجال التجارة البحرية ومعالجة العمليات التجارية فى تعزيز النمو الاقتصادى فى المنطقة.
وكما هو الحال فى المدن الآسيوية الكبيرة الأخرى، فقد واجه النمو السريع تحديات ما دفع الحكومة عند وضع خطة التنمية الإقليمية الجديدة التى أعدتها هيئة تطوير مانيلا الكبرى للتركيز على تطوير البنية التحتية لمعالجة مشكلة الازدحام المتوطنة بالعاصمة.
8- فوتشو – الصين – التحول لاقتصاد الخدمات والتفوق فى التجارة الإلكترونية
على غرار مقاطعة «شيامن» كانت مدينة «فوتشو» فى الآونة الأخيرة مركزاً صناعياً ولكنها الآن تمر بمرحلة انتقالية إلى اقتصاد خدمات الأغلبية.
وتعد «فوتشو» عنصراً داعماً لمدينة «فوجيان» أيضاً، كثانى أكبر مصدر للتجارة الإلكترونية بين الولايات الصينية.
وافتتحت شركة «إى باى» العملاقة للتجارة الإلكترونية منطقة صناعية مساحتها 323 ألف قدم مربعة فى عام 2018 هناك، كما احتلت «فوتشو» المرتبة العاشرة فى أسرع المدن الحضرية نمواً فى العالم بالطبعة السابقة من «جلوبال مترو».
9- تيانجين – الصين – ازدهار قطاع الشحن والتكنولوجيا يجذب الاستثمار
تعتبر «تيانجين» واحدة من 4 بلديات إدارية صينية كبرى مما يجعلها خاضعة بشكل مباشر لسيطرة الحكومة وتقع فى شمال البلاد على بعد نحو 120 كيلومتراً من العاصمة بكين.
وفى عام 2014، كانت «تيانجين» ثالث أكثر ميناء ازدحاماً فى الصين، بعد شنجهاى ونينجبو-تشوشان، وبالإضافة إلى دورها فى الشحن، فإن تيانجين تأخذ زمام المبادرة بمجال الذكاء الاصطناعى مع استثمارات عامة ضخمة فى تطوير التكنولوجيا.
ومع ذلك، فقد جاء نمو المدينة ومعه تكاليف فلا يزال انفجار مستودع الألعاب النارية فى عام 2015 واحداً من أكبر الكوارث التى صنعها الإنسان فى التاريخ الصينى، وكشفت عن نظام تنظيمى ضعيف وممارسات فاسدة على الأراضى، مما أدى إلى سجن عمدة تيانجين آنذاك.
10- شيامن – الصين – الخدمات المالية تصنع الفارق
تقع مقاطعة «شيامن» على مضيق تايوان حيث تحتل موقعاً استراتيجياً كمركز صينى لحركة النقل الجوى والأنشطة التجارية البرية والبحرية وتعد جزءاً مهما فى منطقة فوجيان الاقتصادية الخاصة ومبادرة الحزام والطريق الصينية.
واستفادت هذه المدينة الكبيرة من استثمارات البنية التحتية الهائلة من الحكومة المحلية وقد كتب عنها المدون «سيفان ليو» مؤخراً أن تعدادها يبلغ 3.8 مليون نسمة حيث تقوم نهضتها بشكل كبير على الاستفادة من أنشطة الخدمات المالية المزدهرة.
وترتبط المدينة بأمريكا الشمالية من خلال برامج التبادل بين جامعة شيامن و26 جامعة فى الولايات المتحدة وكندا، بما فى ذلك كورنيل وجورج تاون ومكجيل.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا