يدخل اتفاق «أوبك بلس» التاريخى فى أبريل، والذى أدى إلى تخفيضات عميقة فى الإنتاج، المرحلة الأكثر خطورة مع تعافى الطلب على البترول وارتفاع الأسعار.
وفى الوقت نفسه، تلقى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، التقدير على هذا الإنجاز رغم أن الولايات المتحدة، أكبر منتج فى العالم للبترول، لم تكن جزءاً من الاتفاق.
والآن يمكن أن يلعب الرئيس الأمريكى دورا محوريا فى مصير الاتفاق وليس من خلال حث قادة السعودية وروسيا، وإنما من خلال التحرك بشكل حاسم – أو الفشل فى التحرك – لاحتواء تفشى وباء فيروس كوفيد 19 فى الولايات المتحدة.
وإذا وقعت موجة ثانية من إصابات الفيروس، وخصوصا فى الولايات الجنوبية والجنوبية الغربية يمكن أن تقوض التعافى فى الطلب على البترول الأمريكى إذا امتنع الناس عن السفر والترفيه أو إذا أعيد فرض العقوبات، كما أنها قد تضر بالمعروض إذا أدى تزايد الحالات فى تكساس إلى تجدد القيود على نشاطات حقول البترول.
وفى أبريل الماضي، كان الإنجاز الذى قام به ترامب هو إقناع قادة أهم دولتين (روسيا والسعودية) منتجتين للبترول بخفض الإنتاج، فى حين ترك قطاعه حر للاستجابة لقوى السوق.
وفى الواقع، فإنه أقنع ولى العهد، محمد بن سلمان، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بخلق بيئة أسعار ينجو فيها – إن لم يكن يزدهر – قطاع البترول الصخرى الأمريكي، وبالتأكيد خدم التوقف فى تراجع أسعار البترول مصالح السعودية وروسيا كذلك.
وتراجعت إيرادات تصدير المملكة للبترول، لأدنى مستوى على الإطلاق رعم أن كمية الخام التى تركت الدولة ارتفعت إلى أكبر إجمالى شهرى على الإطلاق.
والحفاظ على الامتثال الكامل بالتخفيضات المتفق عليها فى الإنتاج – والذى أعاد التوزان إلى حد ما للطلب والعرض فى سوق البترول كما بدأ عملية الاستنزاف الضرورية بشدة فى المخزونات – سيكون صعبا للغاية إذا بدأ المنتجون الأمريكيون فى فتح الصنابير.
ويتداول خام غرب تكساس الوسيط دون 40 دولاراً للبرميل، وهى أسعار ليست عالية كفاية لإعادة الحفارات العاطلة للعمل وحفر آبار جديدة، ولكن قد تكون الأسعار مرتفعة كفاية لتشجيع بعض المنتجين على التكسير الهيدروليكى للآبار التى تم حفرها الفعل ولكن لم تستكمل، كما أنهم بالتأكيد، فى مستوى يسمح، بإعادة تنشيط إنتاج الآبار التى تم غلقها فى ذروة الأزمة فى أبريل.
ولا تظهر البيانات الأسبوعية من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، انخفاض الإنتاج الأمريكى لأدنى مستوى بعد، ويعكس التعافى الكبير فى أرقام الأسبوع المنتهى فى 20 يونيو عودة إنتاج خليج المكسيك الذى تم إيقافه نتيجة العاصفة الاستوائية «كريستوبال»، ليس نتيجة لزيادة الضخ من الآبار البرية.
ولكن تقرير الإنتاجية الأحدث من الإدارة ، يظهر الإنتاج من حوض البرميان، الذى يشكل أكثر من برميلين لكل خمسة براميل منتجة فى الولايات المتحدة، والذى استقر فى يونيو ويوليو عند حوالى 4.27 مليون برميل يوميا، وما سيحدث بعد ذلك وما سيعنيه لتوازن العرض والطلب هو بعيد كل البعد عن الوضوح.
وقد يعتمد ما سيحدث بعد ذلك على الوباء فى الولايات المتحدة، فقد تتسبب ارتفاع أعداد الإصابة عبر الولايات الجنوبية، فى تثبيط الناس عن السفر فى إجازات، فى الوقت الذى بدأت فيه معدلات استهلاك الجازولين فى الارتفاع، وقد يضع مزيج من انخفاض الطلب وزيادة المعروض الأسعار مجددا تحت الضغط ويزيد التساؤلات داخل مجموعة «أوبك بلس» عن مبرر دعم المجموعة للأسعار لصالح شركات البترول الأمريكية.
ولكن إذا كانت الموجة الثانية من الإصابات سيئة بالفعل، أو خرجت العدوى عن السيطرة بما يجبر السلطات فى تكساس وغيرها على كبح النشاط الاقتصادى مجددا، فقد يتسبب ذلك فى تراجع الإنتاج بجانب تراجع ثانى فى الطلب، وينطوى ذلك على الكثير من عدم اليقين بجانب الاستجابة غير الواضحة تماما لقطاع البترول الأمريكي.
ولم يقل أحد أن إدارة سوق البترول خلال الوباء ستكون سهلة ولكن أى صفقة لا تشتمل على أكبر منتج للبترول فى العالم تجعل مهمة الإدارة أكثر صعوبة.
بقلم: جوليان لى
استراتيجى البترول لدى وكالة أنباء «بلومبرج»
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا