سجل نشاط الدمج والاستحواذ العالمى فى الأشهر التسعة الأولى من عام 2018، رقماً قياسياً جديداً، إذ تجاوز ارتفاعه المستوى القياسى السابق فى أعقاب الأزمة المالية قبل أكثر من عقد.
وأوضحت بيانات صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أن صفقات الدمج والاستحواذ حول العالم بلغت قيمتها ما يقرب من 3.3 تريليون دولار منذ بداية العام الحالى، وهو ارتفاع بنسبة %39، مقارنة بالفترة المقابلة من 2017، وتتسابق الشركات على إعادة تشكيل نفسها فى مواجهة التغيير التكنولوجى الكبير.
وذكرت الصحيفة البريطانية، أن المسئولين التنفيذيين لدى الشركات استفادوا من أسعار الأسهم القياسية وثقة المستهلكين المرتفعة وتكاليف الاقتراض المنخفضة نسبياً، لكن تراجع الرسوم أدى إلى عدم الاستفادة من طفرة البنوك الأمريكية.
ولجأت الشركات العملاقة بما فى ذلك شركات الكابلات الأمريكية «كومكاست»، وشركة «تى موبيل» اللاسلكية، وشركة «تاكيدا» اليابانية لصناعة الأدوية، إلى عمليات الدمج والاستحواذ لتفادى التهديدات التنافسية وتوسيع أعمالها التجارية.
وحافظ النشاط على نموه بوتيرة سريعة فى الربع الثالث، وكانت العمليات أكثر نجاحاً بشكل خاص فى قطاعات الطاقة والرعاية الصحية والتكنولوجيا فى الأشهر الثلاثة الماضية، بما فى ذلك استحواذ شركة «انيرجى ترانسفير ايكويتى» على شركة «انيرجى ترانسفير براتنرز» فى صفقة بلغت قيمتها 62 مليار دولار.
وتسارعت موجة صفقات الدمج والاستحواذ فى قطاع الطاقة بسبب ثورة المستثمرين ضد هياكل الشركات المعقدة والتغييرات فى قانون الضرائب الأمريكى.
وانجذبت شركات الطاقة الكبيرة إلى الأصول المعروضة للبيع مع ارتفاع أسعار البترول، إذ وافقت شركة «بى بى» البريطانية فى يوليو الماضى على صفقة استحواذ بقيمة 10.5 مليار دولار على مؤسسة «بى إتش بى» شركة الأصول الصخرية الأمريكية.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن بنك «مورجان ستانلى» تفوق على بنك «جولدمان ساكس» ليتصدر الأول قائمة المستشارين الأكثر نشاطًا لعمليات الدمج والاستحواذ حول العالم، وتبعهما بنوك الاستثمار فى «وول ستريت» ومنها «جيه بى مورجان» و«سيتى جروب» و«بنك أوف أمريكا».
ويمكن أن يكون نشاط الدمج والاستحواذ متقلبًا، إذ يحذر المصرفيون من أن صدمة سوق الأسهم أو السندات يمكن أن تؤدى إلى إعاقة نمو الشركات.
لكن إذا استمر التعامل فى الصفقات بمعدل مماثل للأشهر التسعة الأولى من العام الحالى، فقد تصل قيمة العمليات إلى 4.3 تريليون دولار على مدار العام بأكمله.
وذكرت الصحيفة، أن حجم الصفقات القياسية التى تم إبرامها العام الحالى لن تؤدى بالضرورة إلى رسوم قياسية فى «وول ستريت» حتى مع عمل كل من «مورجان ستانلى» و«جولدمان ساكس» و«جيه بى مورجان» على أكثر من 700 مليار دولار من الصفقات حتى الآن منذ بداية 2018.
وانخفضت رسوم الخدمات المصرفية الاستثمارية بنسبة %4، مقارنة بالأشهر التسعة الأولى من عام 2017 لتصل إلى 74.1 مليار دولار، وينبع هذا الانخفاض جزئيا من تراجع الاكتتاب فى الدخل الثابت وانخفاض رسوم الطروحات العامة الأولية.
وقال الرئيس المشارك العالمى لعمليات الدمج والاستحواذ فى بنك «جى بى مورجان تشيس»، كريس فينتريسكا، إن إيرادات البنوك ستبدأ فى الارتفاع قريبًا، إذ تم الإعلان عن صفقات كبيرة نهاية عام 2017 وفى وقت سابق من 2018.
وتقدر «تومسون رويترز»، وصول رسوم عمليات الدمج والاستحواذ إلى ما قيمته 16.3 مليار دولار من الصفقات التى تم الاتفاق عليها.
وتشمل بعض من أكبر الصفقات حتى الوقت الراهن منذ بداية العام الحالى، ما يسمى بتحويل الشركات العامة إلى خاصة، وهى تشمل شراء مجموعة «بلاك روك» لصندوق «جامرسى بروبيرتى تراست» فى شهر مايو الماضي، إلى جانب شراء مؤسسة «كى كى آر» لشركة «انفيشن هيلثكير» فى يونيو.
وخلال مايو، وافقت «سيلفر ليك» مجموعة الاستثمار المباشر الأمريكية، على الاستحواذ على «زد بى جى» التى تعد واحدة من أكبر مجموعات البحث عن العقارات على الإنترنت بالمملكة المتحدة، فى صفقة بلغت قيمتها 2.2 مليار جنيه استرلينى.
وكشفت الأبحاث التى أجرتها شركة «بين آند كومبانى»، أن الصفقات بين القطاعين العام والخاص قد ارتفعت فى العام الماضى إلى ما يقرب من ضعف المستوى فى عام 2016.
وتأتى عمليات شراء شركات الاستثمار المباشر للمؤسسات العامة فى وقت قامت فيه صناديق الاستحواذ بجمع مبالغ قياسية من رأس المال، وكشفت بيانات «تومسون رويترز»، أن إجمالى قيم صفقات الاستثمار المباشر العالمية بلغ 314.2 مليار دولار منذ بداية العام الحالى وهى أقوى فترة للاستحواذات منذ 2007.
وقال روب بلفورد، رئيس مجموعة المستثمرين الماليين والاستراتيجيين فى أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لدى «جولدمان ساكس»، إن جمع الأموال بشكل قياسى يجب أن يقود صفقات ضخمة، مضيفاً أن شركات الاستثمار المباشر تملك الكثير من المال لإنفاقه، وتركز كثيراً على الصفقات الكبيرة، لكنه أوضح أن بعض الصفقات بين القطاعين العام والخاص ستكون صعبة نظرًا لأن الأنشطة التجارية باهظة الثمن.
وخلال السنوات الـ8 الماضية ادعى المصرفيون، أن هذا هو العام الى تنطلق فيه عمليات الدمج والاستحواذ الهندية، لكنها كانت توقعات خاطئة حتى الآن.
وكشفت البيانات، أن عمليات الدمج والاستحواذ فى البلاد سجلت أعلى مستوى لها على مدار الأشهر التسعة الأولى من 2018، إذ بلغت قيمة الصفقات 99 مليار دولار، مقارنةً بـ 62 مليار دولار فى عام 2017 بأكمله.
وبالنسبة لتدفقات الصفقات عبر الحدود، فقد أدى الطلب على تحديث قطاعات التكنولوجيا والرعاية الصحية فى الهند إلى تحفيز العديد من المعاملات الكبيرة.
وسجل استحواذ «وول مارت» على حصة الأغلبية فى شركة التجارة الإلكترونية الهندية «فليبكارت» بقيمة بلغت 16 مليار دولار، رقماً قياسياً، مما ساعد على دفع الصفقات فى الداخل إلى نحو 40 مليار دولار بزيادة %63 على أساس سنوى.
وبلغ إجمالى قيم عمليات الدمج والاستحواذ المحلية 45.6 مليار دولار منذ بداية العام وحتى الوقت الراهن، بزيادة حوالى %190 على أساس سنوى.
وتظهر بيانات صادرة عن «تومسون رويترز»، أن الإيرادات التى جمعتها الشركات الصينية للاكتتابات العامة فى 2018 بلغت حتى الوقت الراهن 50 مليار دولار بزيادة نسبتها %65، مقارنة بالفترة المقابلة من العام الماضى، وهو ما يمثل ثالث أعلى مستوى على الإطلاق.
ونتيجة لذلك تشكل الطروحات العامة الأولية فى الصين أكثر من ثلث إجمالى إيرادات الاكتتابات العالمية منذ بداية العام، متخطية بذلك الولايات المتحدة كدولة الاكتتاب الرئيسية، للسنة الخامسة على التوالى.
وتعد «تشاينا تاور» أكبر مجموعة فى العالم للاتصالات السلكية واللاسلكية من حيث الإيرادات وشركة «تشياومى» المصنعة للهواتف الذكية فى الصين من بين أكبر الاكتتابات العامة الأولية.
وجمعت شركة «تشاينا تاور» مبلغ 6.9 مليار دولار من الاكتتاب العام الأولى فى أغسطس الماضى وهو أكبر مبلغ تم جمعه على مستوى العالم فى أول مرة فى السوق منذ 2016، فى حين جمعت شركة شياومى 4.72 مليار دولار فى يونيو.
ومع ذلك انخفض عدد الشركات الصينية التى أدرجت فى البورصة هذا العام بنسبة %60، وشهد سوق عروض الاكتتابات الأولية فى بكين تحولاً هائلاً من الشركات المملوكة للدولة إلى الشركات الخاصة.
وقال رئيس قسم التمويل لدى «جولدمان ساكس»، آرون آرث، إن سوق الطروحات العامة الأولية فى الصين شهد تحولا هائلا من الشركات المملوكة للدولة إلى جهات الطروحات الخاصة فى قطاع الأعمال التى تحتاج إلى رأس المال من أجل النمو.
المصدر: جريدة البورصة
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا