سوف يتعين على الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، أن يقرر كيفية التعامل مع المخالفين للعقوبات الجديدة المفروضة على إيران؛ حيث إنَّ عقوباته أحادية الجانب على مشتريات البترول ستدخل حيز التنفيذ يوم 5 نوفمبر الجارى، ومن المفترض أن تقدم للعالم خياراً قاسياً.
ولكن على الرغم من النهج المتشدد، يبدو أن الكثير من الدول، بما فى ذلك حلفاء أمريكا، ستكون بين خيارين، إما انتهاك العقوبات الأمريكية وإما السعى للحصول على استثناءات. وذكرت وكالة أنباء «بلومبرج»، أنه فى آخر مرة فرضت فيها الولايات المتحدة عقوبات مماثلة على طهران أثناء إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، حصلت دول مثل الصين، واليابانن وكوريا الجنوبية، وتركيا، وتايوان، والهند على استثناءات.
ولكن فى هذه المرة كما يقول وزير الخارجية الأمريكى مايكل بومبيو، إنَّ الولايات المتحدة تسعى إلى إيقاف جميع مشتريات البترول من إيران، ولكن سوف تنظر الإدارة، أيضاً، فى تقديم إعفاءات عند الحاجة لذلك.
وليس من الواضح ما إذا كان سيتم الإعلان عن هذه الإعفاءات علناً، أو سيتم الاتفاق عليها خلف الكواليس، ولكن طلب الإعفاءات سيجبر الولايات المتحدة على النظر فى أولويات أخرى، قبل أن تقرر مدى صعوبة اتخاذ مثل هذه الإجراءات الصارمة.
وكشفت «بلومبرج» عن بعض البلدان التى قد تتعارض مع القواعد الأمريكية الجديدة والحالة التى يمكن أن تقدمها للحصول على معاملة خاصة.
أولاً: الهند
قالت «بلومبرج»، إنَّ الهند التى تعد ثانى أكبر مستورد للخام الإيرانى تقلص مشترياتها بالفعل، ولكن تشير الدلائل إلى أنها لن تلتزم بالصفقة بشكل كامل.
وأضافت الوكالة، أن الحكومة الهندية ليست مجرد مشترٍ للخام الإيرانى، ولكنها تستعد، أيضاً، لشراء الدفاعات الصاروخية من روسيا، وهى جريمة أخرى خاضعة للعقوبات فى نظر واشنطن.
لكن الولايات المتحدة قد أعلنت أنها يمكنها التعاون مع الهند؛ حيث قال «بومبيو»، خلال زيارة لنيودلهى مع وزير الدفاع جيم ماتيس، فى سبتمبر الماضى، «إن جهودنا هنا ليست من أجل معاقبة شريك استراتيجى كبير».
وكانت الهند واحدة من 4 دول حصلت على إشادة خاصة من ترامب، فى الأمم المتحدة الشهر الماضى.
ثانياً: كوريا الجنوبية واليابان
على الرغم من أن أقرب حليفين لأمريكا فى آسيا قد قلصا مشترياتهما من الخام الإيرانى إلى الصفر فى الآونة الأخيرة، فإنَّ ذلك لن يدوم.
وذكرت «بلومبرج»، أنَّ كوريا الجنوبية طلبت، رسمياً، الحصول على استثناء، وضغطت شركات التكرير اليابانية على حكومتها للقيام بالمثل.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تحتاج فيه الولايات المتحدة إلى كلا البلدين للمساعدة فى الحفاظ على العقوبات الدولية المفروضة على كوريا الشمالية؛ بسبب برنامج «بيونج يانج» النووى، ويمكن القول بأنهما أهم قضية فى السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية، ولذلك لن يتم رفض أى طلب للحصول على استثناء من «سول» أو «طوكيو» بسهولة.
ثالثاً: تركيا
تواجه تركيا تحدياً مزدوجاً، وتصر على أنها لن تلتزم بالعقوبات الأمريكية التى لم تصادق عليها الأمم المتحدة، ولن تسقط خطتها لشراء أنظمة صاروخية متقدمة من روسيا، على الرغم من كونها عضواً فى الناتو.
وكانت العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا متوترة؛ بسبب احتجاز البلاد قساً أمريكياً تم إطلاق سراحه فى نهاية المطاف الشهر الجارى.
ولكن رغم ذلك، فإنَّ العلاقات لا تزال متوترة، ولا يزال مصرفى تركى كبير فى السجن الأمريكى؛ بسبب خرقه جولة سابقة من العقوبات المتعلقة بإيران.
رابعاً: العراق
قالت «بلومبرج»، إنَّ العراق منتج رئيسى للبترول، ولا يقوم باستيراد الخام الإيرانى، ولكنه يعتمد على طهران لتوليد الكهرباء وكذلك الغاز الطبيعى؛ لتغذية محطات الطاقة الخاصة به.
وأضافت أن هذه الإمدادات حيوية بالنسبة إلى اقتصاد يكافح للتعافى من آثار الحرب المدمرة التى دامت سنوات، وبالفعل أعرب المسئولون العراقيون عن اهتمامهم بالحصول على استثناء من العقوبات الأمريكية.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تنافست فيه أمريكا مع إيران من أجل فرض النفوذ فى بغداد منذ الغزو الأمريكى عام 2003، ويبدو أن المعركة كانت لصالح طهران، بعد أن خسر رئيس الوزراء المدعوم من الولايات المتحدة حيدر العبادى، الانتخابات وأُطيح به هذا الشهر.
خامساً: الصين
تعد بكين أكبر مستورد لبترول إيران، وهى منافس لواشنطن لا يتكيف مع أنواع الضغوط الأمريكية.
وكشف مسئولون صينيون، أنَّ بكين رفضت طلب الولايات المتحدة بالتوقف عن شراء الخام الإيرانى، على الرغم من أنها وافقت على عدم زيادة المشتريات.
وربما يكون قطع العلاقات التجارية المزدهرة بين الصين وإيران مهماً خارج نطاق القوة الأمريكية، فمع مغادرة الشركات الأوروبية طهران تحت ضغط من ترامب، ترى الصين فرصة عمل هناك.
ومع ذلك فإنَّ ترامب، يخوض صراعاً أوسع مع الصين بشأن التجارة؛ حيث يفرض رسوماً جمركية على جزء كبير من الصادرات الصينية، وسوف تكون العقوبات الإيرانية مجالاً يمكن لبكين من خلاله أن تعرض على ترامب تقديم تنازلات.
المصدر: جريدة البورصة
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا