فى تصريح لشبكة «سى. إن. بى. سى»، قال كبير مسئولى الاستثمار للدخل الثابت العالمى لدى «بلاك روك»، إن أكبر مدير للأصول فى العالم بدأ العمل فى عملات «البيتكوين»، مما شكل سببا لارتفاع العملة الافتراضية إلى مستوى قياسى جديد تجاوز حاجز الـ 52 ألف دولار.
وبدأت الضجة المؤسسية حول البيتكوين عندما كشفت «مايكروستراتيجى»، وهى شركة برمجيات مدرجة فى الولايات المتحدة، أغسطس الماضى، أنها استثمرت ما يصل إلى 250 مليون دولار من أموالها الفائضة فى البيتكوين كتحوط ضد الدولار.
وكان أحد النتائج غير المقصودة لتحرك وزارة الخزانة، يتمثل فى إمكانية اعتبار أسهم «ماكروستراتيجى»، قريبا، أسهما مدرجة ثمينة نتيجة امتلاك البيتكوين بشكل مباشر.
وجذبت هذه الواقعة الاهتمام المؤسسى بعملة البيتكوين، وبلغت ذروتها فى التصريح الكبير الذى قدمته شركة «رافر» فى ديسمبر الماضى، والذى أعلن خلاله مدير الأصول البريطانى، استثماره بشكل أولى بقيمة 550 مليون جنيه إسترلينى فى تلك العملة، حسبما ذكرت الكاتبة إيزابيلا كامينسكا، فى مقال نشرته صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
ومنذ ذلك الحين، استطاعت عملة البيتكوين تحقيق نجاح كبير، إذ ارتفعت قيمتها فى الأسابيع الأخيرة، بعد إعلان صانع السيارات الكهربائية الأمريكى «تسلا» عن قيامه أيضاً بتنويع حيازته من خلال الاستثمار فى الأصول المشفرة.
لكن السؤال الهام حقا الآن يدور حول ما الذى يعنيه هذا الأمر بالنسبة لعملة البيتكوين، بعد أن بدأت الأسماء المؤسسية الدخول فى عالم فئة الأصول هذه.. وبالتالى يحتمل أن تجلب معها تدفقات مالية كبيرة.
الاستثمار فى السلع
يعتبر تأثير صناديق المعاشات التقاعدية على أسعار السلع أحد الأمور السابقة الجيدة التى يجب النظر إليها، إذ قرر ذلك النوع من الصناديق اتخاذ قرار مماثل فى عام 2005-2006 يدور حول الحاجة إلى البحث عن استثمارات بديلة للتنويع مقابل تقلبات الدولار الأمريكى.
ورغم أن فكرة استثمار صناديق المعاشات التقاعدية فى سلع مثل البترول والمعادن وحتى السلع الزراعية- عادة ما يتم من خلال العقود الآجلة- تعتبر فكرة طبيعية جدا اليوم، إلا أنها كانت تمثل خطوة كبيرة بعيدة عن تفويضات إدارة الأموال التقليدية فى منتصف العقد الأول من الألفية الثالثة، وكانت نقطة الجدل الكبيرة آنذاك هى الافتقار لوجود عوائد، وبالتالى فإن مخاطر السعر العلنى قد تعرض الصناديق للخطر أيضا.
وللحد من المخاطر، تكدست صناديق التقاعد والمديرين المؤسسيين فى الغالب على منتجات مؤشرات السلع الأساسية، التى تتبع مؤشر «جولدمان ساكس» أو على صناديق الاستثمار المتداولة على السلع.
ولا يزال التأثير الإجمالى لأموال المؤسسات على منحنى العقود الآجلة للسلع خلال هذه الفترة محل نقاش ساخن، لكن يُفترض منذ فترة طويلة أن هذا التأثير ربما يكون قد ساهم فى المبالغة فى تسعير العقود الآجلة للسلع مقارنة بأساسيات أسعار التسليم الفورى، وهو ما يؤدى إلى تطبيع هيكل كونتانجو فى أسعار السلع- أى أن الأسعار الآجلة أعلى من الأسعار الفورية- خاصة بعد الأزمة المالية العالمية لعام 2008.
وهذا بدوره، أرسل إشارة إلى السوق لمواصلة إنتاج السلع بغض النظر عن الطلب الطبيعى لأن هيكل كونتانجو جعل إنتاجها مربحا من الناحية المالية لغرض بسيط هو تخزينها بدلا من استهلاكها.
ولم يكن أى من هذا مجديا من الناحية المالية لولا الجدار المؤسسى للمال الموجود على منحنى العقود الآجلة، الذى يسعد بخسارة القيمة فى كل مدار شهرى متتالى للمراكز الآجلة فى هيكل كونتانجو، وكان تأثير هذا الأمر عائدا سلبيا لصناديق الاستثمار فى السلع الأساسية.
وطالما استمر سعر السلع فى الارتفاع للتعويض عن تقويض العائد، أثبت الوضع إمكانية التحكم فيه.
لكن بمجرد انعكاس أسعار السلع، لم يستغرق الأمر وقتا طويلا حتى تكتشف المؤسسات أن اتخاذ وضع الخمول فى المنحنى يشكل استراتيجية للخسارة يمكن أن يستغلها المنتجون ومؤسسات التداول على أرض الواقع.
وعندما حدث ذلك، عاد الميل للتراجع إلى السوق ليفتح الباب أمام جميع السلع المخزنة سابقا، والتى تم تمويلها من خلال هيكل كونتانجو، وكان تأثير ذلك انهيارا كليا فى أسعار السلع، بقيادة البترول، على مدار عام 2015.
عائدات العملات المشفرة
على عكس أسواق السلع الأساسية، فإن العقود الآجلة للبيتكوين غير سائلة وغير مستحقة، لكن الوضع الطبيعى لمنحنى العقود الآجلة للبيتكوين كان لفترة طويلة يتخذ اتجاها مماثلا للذهب، إذ إنه كان يميل نحو هيكل كونتانجو، ولم يتخذ اتجاها هابطا كما هو الحال مع معظم السلع الأخرى، ويرجع ذلك إلى الطبيعة المالية للعملة المشفرة.
ويتمثل الاختلاف الكبير الآخر مع البيتكوين فى إمكانية قيام مديرى المؤسسات بتخزين الأصول المشفرة بكل سهولة، على عكس السلع الصناعية الضخمة، التى تتطلب إدارة احترافية وخبرة كبيرة للاحتفاظ بها فعليا.
يذكر أن منحنى البيتكوين لطالما ظل فى وضع هيكل كونتانجو، وهو ما يعنى أنه كان مقترحا مختلفا تماما بالنسبة لمديرى المؤسسات عن الاستثمار فى السلع.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا