ملفات

حمى صفقات الدمج والاستحواذ تنتشر فى الخليج

بداية من برج خليفة فى دبى وحتى برج الحمراء فى الكويت، شيدت اقتصادات الخليج الغنية بالبترول ناطحات سحابها على عجل فى السنوات القليلة السابقة للأزمة المالية، ولكن الآن فى ظل انخفاض أسعار البترول، الذى يعرف بأنه أغلى سلعة فى المنطقة، بدأت وتيرة محمومة مماثلة فى دمج بعض المصارف والشركات الصناعية العملاقة فى الخليج.
وقالت وكالة أنباء «بلومبرج»، إن البنوك فى جميع أنحاء منطقة الخليج تقود موجة قياسية من عمليات الدمج والاستحواذ، فى الوقت الذى تبحث فيه الحكومات عن طرق للحفاظ على المنافسة ومحاربة تباطؤ النمو.
وبدأ تدفق الصفقات فى الارتفاع سريعاً منذ الاندماج الضخم بين اثنين من أكبر المصارف فى أبوظبى عام 2017، بجانب اندماج 3 شركات استثمار فى الإمارة العام الماضى.
وتشهد السعودية أول اندماج مصرفى منذ 20 عاماً، بالإضافة إلى استحواذ شركة «أرامكو» السعودية على الشركة السعودية للصناعات الأساسية «سابك»، ما يعد أكبر صفقة اندماج واستحواذ فى البلاد، ويأتى ذلك بعد اتفاق الشركة السعودية العالمية للبتروكيماويات على شراء شركة الصحراء للبتروكيماويات فى صفقة بقيمة تقترب من 2 مليار دولار خلال العام الماضى.
وساعد ارتفاع أسعار البترول خلال أكثر من 10 أعوام العديد من دول الخليج على التوسع بقوة فى الداخل والخارج، ولكن العديد من الدول، بما فى ذلك الإمارات والسعودية وقطر، خفضت إنفاقها بعد انخفاض الأسعار فى عام 2014، كما أن أسعار البترول استقرت، خلال الربع الأول من العام الجارى، عند مستوى يكفى بالكاد لمساعدة دول الخليج فى تحقيق توازن موازنتها.
وأوضحت «بلومبرج»، أن الحكومات، التى تلعب دوراً مهماً فى صنع القرارات المتعلقة بصفقات الدمج والاستحواذ فى المنطقة، دعمت تلك الصفقات لجعل القطاع المالى أكثر تنافسية، مشيرة إلى أن إمارة أبوظبى، التى تمتلك %6 من احتياطيات البترول العالمية، كانت حريصة بشكل خاص على ذلك النوع من الصفقات.
وقالت أليسون وود، محللة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى شركة «كونترول ريزكس» البريطانية، إنه فى الوقت الذى لم يتسبب فيه انهيار أسعار البترول عام 2014 فى تكثيف نشاط الاندماج والاستحواذ بشكل فورى، فإنه أثار تقييماً أوسع للإنفاق وربحية الكيانات المملوكة بشكل جزئى وكامل للدولة، كما أنه جعل الحكومات والشركات الخاصة أكثر توافقاً مع الفوائد المحتملة للدمج والاستحواذ على المدى الطويل؛ لمنحها ميزة تنافسية فى الأسواق الرئيسية.
وقالت «بلومبرج»، إنه لم يُستثن أى قطاع فى المنطقة من التأثر بأسعار البترول، فمعظم البنوك، على سبيل المثال، تعتمد بشكل كبير على الودائع الحكومية، التى انخفض حجمها بالتزامن مع انخفاض أسعار البترول الخام، كما أن المقرضين واجهوا طلباً ضعيفاً على الائتمان وضعف أداء القروض وسط قيام الحكومات بخفض الإنفاق بعد انخفاض أسعار البترول.
ومع ذلك، لا يعد سوق البترول الهابط المحرك الوحيد لطفرة صفقات الدمج والاستحواذ، بل إن العدد المفرط للبنوك يحث على ذلك أيضاً، فهناك 70 مؤسسة مصرفية مدرجة فى القائمة تخدم كثافة سكانية تقترب من 50 مليون نسمة، ما يعرض المقرضين الصغار للضغط، فى حين أن المملكة المتحدة التى تضم نحو 65 مليون شخص لا تمتلك سوى 10 بنوك تقريباً ضمن قائمتها.
وأشارت «بلومبرج» إلى أن معظم البنوك المقرضة فى الدول الأعضاء بمجلس التعاون الخليجى مملوكة جزئياً على الأقل من قبل حكوماتها، ما يجعل الدمج أسهل.
وسلطت «بلومبرج» الضوء على بعض الاندماجات التى شهدتها المنطقة فى الأعوام الأخيرة، فقد جمعت أول عملية دمج مصرفى فى الإمارات عام 2007 بين مصرفى الإمارات الدولى ودبى الوطنى، واستطاعت بعد ذلك الشركة الناتجة، أى بنك الإمارات دبى الوطنى، تسجيل أكثر من 3 أضعاف أرباحها منذ ذلك الحين، بينما ارتفع صافى الدخل بمعدل سنوى مركب تبلغ نسبته %11 بين عامى 2008 و2018 رغم المرور ببعض السنوات المضطربة بعد الأزمة المالية العالمية.
وفى عام 2017، أنشأ اندماج أكبر مقرضى أبوظبى «بنك الخليج الأول وبنك أبوظبى الوطنى»، ثانى أكبر بنك بالمنطقة، وهو بنك أبوظبى الأول، ومنذ ذلك الحين أثار موجة من المحادثات بين المنافسين.
بالإضافة إلى ذلك، يقترب بنك أبوظبى التجارى من الاندماج مع بنك الاتحاد الوطنى وبنك الهلال، كما تفكر أبوظبى فى دمج مصرفى أبوظبى الإسلامى وأبوظبى الأول لإنشاء أكبر بنك مقرض فى الشرق الأوسط.
وفى السعودية، تقترب الوحدة المحلية التابعة لمصرف «إتش إس بى سى» من الاستحواذ على ذراع محلى لمجموعة «رويال بنك أوف اسكتلندا» بقيمة 5 مليارات دولار، كما بدأ المصرف التجارى الوطنى، وهو مصرف البلاد، محادثات مبدئية نهاية العام الماضى مع بنك الرياض للاندماج معاً، وتشهد البحرين والكويت وعمان محادثات اندماج بين البنوك أيضاً.
وأوضحت «بلومبرج»، أن البنوك ليست الكيانات الوحيدة الخاضعة لصفقات الدمج والاستحواذ، ففى العام الماضى دمجت إمارة أبوظبى صندوق «مبادلة» ومجلس أبوظبى للاستثمار لإنشاء صندوق بأصول تصل قيمتها إلى 230 مليار دولار تقريباً، بعد عام واحد فقط من دمج «مبادلة» مع شركة الاستثمارات البترولية الدولية «أبيك».
وفى الوقت الذى ارتفع فيه سعر البترول بنحو %25 هذا العام حتى منتصف مارس الماضى، لا تزال أكبر اقتصادات الخليج بعيدة عن معدلات النمو التى وصلت إليها قبل انهيار أسعار البترول عام 2014.
وقالت «بلومبرج»، إن مواقف المساهمين تجاه عمليات الدمج والاستحواذ تتغير أيضاً، فمع كل صفقة ناجحة تصبح الحكومات والشركات أكثر ارتياحاً تجاه فكرة الدمج.
وقال كريم تاننير، رئيس قسم الاستثمار المصرفى لدى «جى بى مورجان تشيس» فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن السجلات الحديثة المتتبعة لعمليات الدمج والاستحواذ تخلق مجموعة سوابق قوية بالمنطقة يمكن للهيئات التنظيمية الاعتماد عليها، كما أنها تعد بمثابة مثالاً تحتذى به للشركات التى بإمكانها النظر إلى تلك الصفقات باعتبارها طريقاً للنمو.

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

صندوق النقد: مستمرون في دعم مصر ولم نحدد موعد المراجعة المقبلة

أكدت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي، جولي كوزاك، خلال مؤتمر...

منطقة إعلانية