كانت جهود الولايات المتحدة، لدفع إيران نحو وضع مالى متأزم، تسير بشكل جيد. فقد أجبرت البنوك الأوروبية، على دفع غرامات مالية كبيرة ووقف تدفقاتها المالية. كما أنها فرضت عقوبات على قطاعى البنوك والطاقة فى البلاد، مما أعادها إلى طاولة المفاوضات النووية. ولكن يبدو أن إيران وجدت قناة جديدة لمعاملاتها، وهذه القناة هى آسيا.
قالت وكالة أنباء بلومبرج إن المقرضين فى كوريا الجنوبية وتايوان وغيرهما من دول المنطقة الآسيوية، لعبوا دورا، سواء كان ذلك عن علم أو بدون علم، فى مساعدة إيران على التهرب من العقوبات التجارية قبل الاتفاق النووى وتحويل بعض عائداتها من البترول إلى الدولار اﻷمريكى.
وأفاد عدد من المسئولين السابقين المتخصصين فى العقوبات بوزارة الخزانة اﻷمريكية، أنه بعد فرض غرامات بمليارات الدولارات على البنوك اﻷوروبية جراء انتهاكها للعقوبات، حولت إيران تركيزها إلى البنوك الآسيوية.
وقال المسئول السابق بوزارة الخزانة والبيت الأبيض، جوان زاريت، إن العديد من البنوك الآسيوية لم تتخذ أى إجراءات حول إدارة المخاطر المالية.
وبحسب ما قاله عدد من المسئولين السابقين المتخصصين فى الغرامات بوزارة الخزانة الأمريكية، فإن تحول تركيز إيران إلى البنوك الآسيوية يؤكد مدى صعوبة فرض عقوبات دولية وإبقاء الجهات الفاعلة السيئة بعيدة عن النظام المالى الأمريكى.
واشتملت وثائق وإفادات فى القضايا الأخيرة المتعلقة بإيران فى ولاية ألاسكا ومدينة نيويورك على خريطة المعاملات الإيرانية مع البنوك الآسيوية، والتى تضمنت دلائل حول كيفية تحويل إيران، مليار دولار من أموالها الموضوعة فى حسابات الضمان فى بنك «ووري» والبنك الصناعى الكوري، اللذين يعتبران من أكبر البنوك الحكومية المقرضة فى كوريا الجنوبية، رغم أن هذه اﻷموال– بموجب العقوبات الأمريكية– غير مسموح التصرف فيها إلا لمجموعة معينة من الأغراض.
وعلى مدى العامين الماضيين، اتخذت إدارة الخدمات المالية فى نيويورك، إجراءات ضد العديد من البنوك الآسيوية، بما فى ذلك البنك الزراعى الصينى، وبنك نونغيوب الكورى الجنوبى، وبنك ميجا إنترناشونال التجارى التايوانى، فضلاً عن دفع بنك «طوكيو–ميتسوبيشى يو اف جي»، ما يزيد على 560 مليون دولار غرامة إلى الجهات الرقابية الأمريكية نظير علاقتها مع إيران، وذلك فى عامى 2013 و2014.
وقال وكيل وزارة الخارجية اﻷمريكية لشئون الإرهاب والمالية، سيجال ماندلكير، إنه بعد تدقيق القوى القانونية والهيكل التنظيمى الأمريكى فى العلاقات التى تربط البنوك الآسيوية وإيران، وضعت وزارة الخزانة الأمريكية خلال العام الماضي، قائمة سوداء تضم 20 شخصا وكيانا فى آسيا، جميعهم على علاقة بالحرس الثورى الإيرانى ودعم الإرهاب وانتهاكات حقوق الإنسان وغيرها من النشاطات الإجرامية.
وتعود معاملات إيران قيد التدقيق، إلى قبل الاتفاق النووى عام 2015، والذى سمح لإيران باستعادة بعض المعاملات التجارية العادية وجمع الإيرادات من مبيعات النفط، مقابل الحد من الأنشطة النووية لطهران.
ولكن الجهود الإيرانية التى تم اكتشافها مؤخرا للتهرب من العقوبات الدولية تؤكد تصريحات الرئيس اﻷمريكى دونالد ترامب بعدم إمكانية الوثوق بإيران وتبرر تهديداته بإلغاء الاتفاق.
وتدقق الولايات المتحدة منذ سنوات فى تعاملات البنوك الأوروبية التى تسهل وصول إيران إلى النظام المالى الأمريكي، وقال مسئولون أمريكيون سابقون إنه بعد ما يقرب من 12 قضية تضمنت غرامات تتجاوز قيمتها الـ 16 مليار دولار على تلك البنوك، أنهت البنوك تعاملاتها مع إيران.
وأصبح وصول إيران إلى المؤسسات المالية الآسيوية ممكنا بشكل جزئى نظرا لعلاقاتها الوثيقة المستمرة مع العديد من الدول الآسيوية، ممن مازالوا يعتبرون شركاء تجاريين أقوياء ومستهلكين لصادرات البترول الإيراني، رغم مرور سنوات من وقوع إيران فى مأزق دولى.
وقالت المسئولة السابقة فى وزارة الخزانة، إليزابيث روزنبرج، إن عائدات البترول تعتبر ذات أهمية خاصة لاقتصادات الموارد، مثل إيران، ولذلك فلديها ميزان تجارى مع كل هذه الدول، وذلك بحسب ما قالته المسئولة السابقة فى وزارة الخزانة إليزابيث روزنبرج.
وأشارت الوكالة اﻷمريكية إلى أنه فى ظل العقوبات الصارمة السابقة للاتفاق النووي، سُمح لإيران ببيع النفط والغاز إلى المشترين الأجانب، بشرط إيداع الإيرادات فى حسابات معينة فى تلك الدول، ولا يمكن سحبها إلا لأغراض معينة، مثل دفع ثمن الشحنات الإنسانية المحملة بالأغذية والأدوية.
وحتى تتمكن من تجنب تلك القيود، قامت إيران بتزوير السجلات وإنشاء شركات وهمية لجعل المعاملات تبدو وكأنها متعلقة بعمليات الشراء المسموح بها، فمن بين نحو 200 مليار دولار من أموال النفط والغاز الإيرانى الموضوعة فى حسابات الضمان لدى البنوك فى جميع أنحاء العالم، قدر الباحثون أن إيران تمكنت من سحب أكثر من 50 مليار دولار بشكل غير مشروع، طبقا لتقديرات الباحثين.
وتمكنت إيران من استخراج مليار دولار من بنكين فى كوريا الجنوبية فى أقل من 6 أشهر خلال عام 2011، قبل أن يطلق المسئولون الأمريكيون تحذيرات حول هذه المعاملات.
ولكن حتى بعد فرض حصار على تلك الجهود، أعرب المسئولون عن خوفهم من عثور البنوك على وسائل أخرى لمواصلة أعمالها كالمعتاد مع ايران، وفقا للإفادات ووثائق المحكمة.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا