تعاون البنك الدولى مع «المركزى» فى إصدار الـ«Sandbox» مرهون بـ3 اشتراطات
التحول الرقمى والتوزيع الديموغرافى أبرز مقومات زيادة الاستثمار الأجنبى المباشر
المنافسة بين أدوات الدين عالمياً تخطت العائد وأصبحت أكثر ارتباطاً بسمات السندات
خفوت تأثير الإجراءات الاقتصادية التى أعقبت الأزمة المالية خفضّت توقعات نمو الاقتصاد العالمى
تقرير ممارسة الأعمال الصادر عن البنك الدولى ليس مؤشراً عن مناخ الاستثمار
الأقاليم لديها فوائض تمويلية ضخمة توجه فى الغالب لمضاربات فى العقارات والذهب
المحليات فى مصر تحتاج إلى ميزانيات حتى تتأهل لإصدار سندات
قال الدكتور محمود محيى الدين، النائب الأول لرئيس البنك الدولى، إن البنك الدولى لا يمانع التعاون مع البنك المركزى المصرى فى إصدار أداة تمويل تجريبية «sandbox» للشركات التكنولوجية الناشئة فى إطار دور البنك الدولى لمساندة وتطوير أسواق المال.
وأضاف محيى الدين فى حوار خاص، أن التعاون بين الطرفين مشروط بتوافر ثلاثة أبعاد، الأول قدرة تلك الأداة التمويلية على التوافق مع المعايير والقواعد الرقابية المحلية والدولية، والثانى يتضمن تطبيقها على الحفاظ على الملاءة المالية والقدرة على الالتزام بالمستحقات، أما البعد الثالث فهو قدرتها على التنمية المالية.
وأشار إلى أن تطبيق هذه الأداة الجديدة إذا جاء فى هذا الإطار فإن البنك الدولى وأيضًا صندوق النقد الدولى لن يمانعا فى التعاون لتنفيذ مثل هذه الأداة والتى تخدم المشروعات الناشئة، حيث إنها تتيح لأصحاب الأفكار والمشروعات الناشئة، إطلاق منتجاتهم وفق شروط وتنظيمات أقل صرامة خاصة مع تحفظ البنوك فى تقديم تمويلات للمنتجات الابتكارية.
كتب- محمود القصاص:
ذكر محيى الدين، أن البنك الدولى للمرة الثالثة على التوالى (خلال 18 شهراً) يخفض توقعاته لنمو الاقتصاد العالمى، والتى كان آخرها فى أبريل الماضى، بواقع %0.3 ليسجل %3.3 خلال عام 2019.
وأرجع محيى الدين، التخفيض إلى ثلاثة أسباب رئيسية، الأول خفوت تأثير الإجراءات التى اتخذت عقب الأزمة المالية بالنسبة لاقتصادات الدول المتقدمة، وحالة عدم اليقين والغموض التى ارتبطت بالنزاعات التجارية، والثانى عدم وضوح الرؤية بالنسبة لتوجه السياسات النقدية للبنوك المركزية، والثالث ما حدث فى عدد من الدول من مخاطر سياسية ومشكلات التى حدثت بسبب الصراعات كان لها أثر سلبى على معدلات النمو.
واقترح محيى الدين، تبنى الدول سياسات دافعة للاقتصادات فى القطاعات المختلفة، عبر استثمارات فى رأس المال البشرى، والتعليم والرعاية الصحية، والتكنولوجيا والتحول الرقمى، بالإضافة إلى ضرورة وجود استثمارات فى توطين التكنولوجيا، وتطوير البنية الأساسية وإدراج المخصصات المالية لتشجيع دخول القطاع الخاص فى تلك المجالات، خاصة أن أغلب الاستثمارات المطلوبة يمكن القيام بها من خلال القطاع الخاص المحلى أو الإقليمى أو الأجنبى.
وأكد ضرورة أن يكون هناك ترتيب أفضل بالنسبة للعلاقات الدولية فيما يرتبط بحركة التجارة والاستثمار بما يطلق عليه العدالة فى قواعد اللعبة فى حركة التجارة والاستثمار.
وأشار إلى ضرورة التعاون على مستوى الاقتصاد الدولى بالنسبة للمشاركات سواء مع المؤسسات المالية الدولية (البنك الدولى وصندوق النقد)، فى إطار برامج ومناهج تمويل التنمية المستدامة والوصول إليها خاصة أنها صنعت لغة جديدة.
وحول الاقتصاد المصرى، نصح محيى الدين بضرورة تنويع مصادر التمويل فى ظل تقارب مستويات العائد بين معظم أدوات التمويل.
وقال: «لم يعد طرح السندات عالمياً مرتبطاً فقط بالعائد، ولكن تخطاها إلى سمات السند وتحقيق رغبات خاصة بالمستثمرين من تلك السندات، خاصة مع التنوع الكبير فى منتجات السندات حالياً”.
وأشار إلى وجود نحو 12 نوعاً من السندات عالمياً بدأت فى الانتشار بصورة واسعة من بينها، السندات الخضراء والسندات الزرقاء، وسندات النوع الاجتماعى والمرتبطة بالذكور والإناث.
وأكد ضرورة ربط السندات وأنواعها الجديدة المبتكرة بالاقتصاد المحلى والقطاعات المختلفة لتنمية إقليم معين أو قطاع اقتصادى هام ومؤثر داخل الدولة، مثل التعليم والصحة والبيئة والنظافة والبنية التحتية، حيث لم تعد عملية الإصدار وحدها هى الجاذبة للمستثمرين، بل أصبح المهم فى الأمر أن تجربة تلك الأنواع من الإصدارات مبشرة النتائج حيث أصبحت لها تجارب سابقة مطبقة فى دول عديدة ما يخفض من أثر مخاطر الإصدارات.
كما نصح النائب الأول لرئيس البنك الدولى بضرورة تبنى البورصات العربية منهج الاستثمار المؤثر، بمعاييره الجديدة التسعة والتى تجعل تلك البورصات طرفاً فى الحوار الدولى والذى شارك فيه نحو 58 مؤسسة دولية كبيرة تدير أصول بقيمة 350 مليار دولار كبداية والتى تم تدشينها من أسبوعين.
وتطرق «محيى الدين» إلى كيفية تنمية القدرات المصرية على اجتذاب استثمارات أجنبية مباشرة، وقال إنه عالمياً انخفض حجم الاستثمار الأجنبى المباشر إلى 1.4 تريليون دولار، لكن نصيب مصر لم يتأثر وما زالت قادرة على اجتذاب استثمارات.
وحدد محيى الدين 3 عناصر مهمة للنهوض بالاستثمار الأجنبى المباشر، أهمها حالياً عملية التحول الرقمى على مستوى العديد من القطاعات الاقتصادية المهمة، الأمر الذى يحتاج إلى استثمارات ضخمة، لزيادة القدرات الاستيعابية والتأمين عليها فيما يعرف بـ(Data, Network, Artificial Intelligence )، فيما يتضمن المحور الثانى التعليم المستمر والصحة، والبعد الثالث والأخير، وهو ما يراهن عليه محيى الدين مرتبط بالتوزيع الديموغرافى، فى بعض المراكز والمدن الداخلية والتى يزيد عدد سكانها عن بعض الدول متوسطة الحجم، ما يجذب استثمارات ضخمة لإنشاء بنية تحتية ومطارات وجامعات ومدارس ونوادى فى هذه المناطق وصناعة اقتصاديات كبيرة وضخمة بها تدفع معدلات النمو للأمام.
وذكر محيى الدين، أن هناك أموالاً ضخمة فى الأقاليم فى مصر، إلا أنها غير مستغلة فى تمويل التنمية أو الاستثمارات المباشرة، فيما يتم استخدامها فى عمليات المضاربة على العقارات والذهب والعمليات التجارية البسيطة.
أضاف أن الوحدات المحلية والمحافظات فى مصر تعتمد فى تمويل مشروعاتها فى الدول العربية ومصر على ما يتم اعتماده له فى الموازنة العامة للدولة، بالإضافة إلى بعض الرسوم التى تحصل عليها من استغلال بعض العقارات التابعة لها، إلا أن هناك نحو 27 مصدراً لتمويل المحليات عالمياً منها على سبيل المثال سندات المحليات، ويبقى لديها الأولوية الكاملة فى الإحتفاظ بحصيلة الضرائب العقارية، والتى تعد ضريبة محلية فى الأساس.
تابع، أنه فى «جوهانسبرج» فى جنوب أفريقيا تم إصدار سندات زرقاء لبناء المدينة نفسها، وحينما تصل المحليات فى مصر «لهذه المرحلة الجوهانسبرجية» وفقاً لتعبيره، ستكون المحليات فى مصر قادرة على اجتذاب المستثمرين.
ويرى محيى الدين أنه حتى تصل المحليات فى مصر إلى نفس المستوى يجب أن يكون لديها ميزانيات واضحة لعدة سنوات توضح الإيرادات والنفقات أى وجود كيان مالى سليم حتى يطمئن له المُقرض، لافتاً إلى أن وجود التشريع بإمكانية إصدار سندات أو أدوات تمويل أخرى للمحليات وحدها لا يكفى إنما يجب أن يتم وضع كيان مالى للمحليات له ميزانيات أولاً.
ويرى أن الطريقة الثانية، هى لجوء تلك المحليات إلى وزارة المالية للحصول على ضمانة لطرح السندات، وهى طريقة غير مرغوب فيها.
وعن التمويل اللازم لإنشاء البنية التحتية لزيادة الطاقة الاستيعابية للاقتصاد المصرى، طالب محيى الدين بأهمية النظر إلى ما تملكه الدولة من موارد مختلفة مثل ميزة امتلاكها الأراضى والتراخيص والتى تعتبر كافية لبناء نموذج مالى قوى عبر المشاركة، مؤكداً أن الأهم من موازنة الدولة هو ما تملكه مزايا متمثلة فى توافر الأراضى وقدرة الترخيص والتنظيم والرقابة.
وأعرب محيى الدين عن سعادته باهتمام القيادة والحكومة المصرية بالاتجاه شرقاً نحو تجارب ناجحة فى الصين وكوريا واليابان وحالياً «فيتنام”، والتى قادت تجارب ناجحة وقصص قوية فى التحول.
وقال إن مصر أضاعت فرصاً عديدة جداً بالحديث حول المركزية واللامركزية، ومع الوقت تم اكتشاف أن المركز يجب أن يكون قوياً، وفى الوقت نفسه ضرورة إعطاء المرونة الكافية لباقى الدول، والحديث حالياً مرتبط بضررة توطين الاستثمارات والتكنولوجيا لجعل المراكز والمحافظات تتنافس فيما بينها لاجتذاب الاستثمارات.
وعن المخاوف حول مستوى الدين العام المصرى، قال محيى الدين، إن هناك اهتماماً كبيراً من الحكومة للسيطرة على نسبة العجز فى الموازنة العامة للدولة والذى يعد أهم مصدر للاستدانة، ونصح بضرورة زيادة حجم الاستثمار المحلى لسد فجوة التمويل.
ويرى محيى الدين، أنه لكى تتم مضاعفة الدخل القومى لعدد معين من السنين يجب أن يكون معدل النمو بين 7 و%8، ما يحتاج إلى ادخار وفقاً لنماذج النمو المتعارف عليها فى حدود %27، حيث تحتاج كل نقطة من نقاط النمو 4 نقاط تقابلها فى الاستثمار، وبالتالى كلما قل حجم الادخار المحلى عن %27 ستلجأ الدولة لسد الفجوة من مدخرات الأجانب سواء فى صورة ديون أو استثمارات أجنبية مباشرة وغير مباشرة، أو منح وهبات، مؤكداً ضرورة زيادة الاعتماد على المدخرات المحلية للاستثمار ودفع عجلة النمو.
وأشار محيى الدين إلى وجود سوق قوى جداً فى الدول العربية لجذب الاستثمارات، خاصة أن نحو %10 من السكان يحصلون على %60 من الدخل، لافتاً إلى ضرورة تحسين توزيع الدخل لزيادة حجم أسواق المال.
وأشاد محمود محيى الدين بإيجابية تحسن التقارير الدولية عن مصر، والذى ترجع إلى التحسن النسبى فى معدلات النمو الاقتصادى، وتتابع الإجراءات الخاصة بعملية الإصلاح الاقتصادى والجدية فى تنفيذها، مضيفاً أن هذه التقارير تنظر أيضاً إلى المستقبل وتراعى معايير اقتصادية وسياسية واجتماعية معينة.
وأكد محيى الدين، أن تلك التصنيفات الائتمانية بتوقعاتها سواء إيجابية أو سلبية يجب أن يتم وضعها فى الإطار المعمول لها، موضحاً أنها معنية بقدرة الدولة على السداد والوفاء بالمستحقات المطلوبة عليها، وبالتالى لا يمكن أخذها فى الحكم على الوضع الاقتصادى العام أو كمؤشرات لأمور أخرى.
واستنكر ما يحدث كثيراً عبر المبالغة فى استخدام تلك التقاير والاستناد عليها فى أمور عديدة غير مخصصة لها، فى حين أن هذه التقاير تكون موضوعة لنوع معين من أنواع المستثمرين المستحقين لأموال بعد فترة معينة فى سندات دولية.
واستدل محيى الدين فى عملية الخلط بين ما تعنيه هذه التقارير على تقرير ممارسة الأعمال الصادر عن البنك الدولى، مشيراً إلى أنه ليس مؤشراً عن مناخ الاستثمار، وإنما مؤشر عن الإجراءات المعنية بالاستثمار للشركات الصغيرة والمتوسطة المحلية، أى لا يمكن استخدامه فى قياس مناخ الاستثمار الأجنبى المباشر، مستنكرا التداخل الكبير بين المؤشرات وما تقصده وما ت
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا