في غرف التداول المظلمة من نيويورك إلى طوكيو، لم يكن عام 2025 عاماً عادياً للبيانات المالية؛ بل كان عام “الرهانات الانتحارية” والقفزات التي تتحدى المنطق. من صعود أسهم الرهن العقاري المنسية بنسبة تخطت 360%، إلى انهيارات مدوية في عملات “الميم” المرتبطة بالسياسة، كان 2025 هو العام الذي أثبت فيه المستثمرون أنهم مستعدون للمخاطرة بكل شيء مقابل “اللحظة المناسبة”.  لقد اختبرنا فيه حافة الهاوية، حيث تحولت التوقعات السياسية والذكاء الاصطناعي إلى وقود لفقاعات انفجرت في وجوه البعض، وصنعت ثروات خيالية للبعض الآخر. كل الرهانات ذكرتها بلومبرج في تقرير  موسع.

1. رهان “التوأمان السامّان”: فاني ماي وفريدي ماك

كان هذا الرهان هو “الحصان الأسود” لهذا العام. هاتان الشركتان تسيطران على نصف سوق الرهن العقاري الأمريكي بقيمة تريليونات الدولارات، لكنهما خاضعتان لوصاية الحكومة منذ 2008.

• الرهان: راهن مستثمرون (أبرزهم بيل أكمان ومايكل بيري) على أن إدارة ترمب ستنهي الوصاية الحكومية وتطرح الشركتين للاكتتاب العام (IPO).

• النتيجة: قفزت الأسهم بنسبة 367% لتصل إلى ذروتها في سبتمبر، مما حولهما من أصول “منبوذة” إلى منجم ذهب للمضاربين.

2. رهان الكريبتو السياسي: علامة “ترمب” التجارية

• الرهان: شراء العملات والرموز التي أطلقها ترمب أو أفراد عائلته (مثل WLFI)، ظناً منهم أن الدعم الرئاسي سيضمن صعوداً أبدياً.

• النتيجة: كانت صادمة؛ عملة ترمب فقدت 80% من قيمتها، وعملة ميلانيا تراجعت بنسبة 99%. أثبت هذا الرهان أن “الولاء السياسي” لا يحمي الأصول من جفاف السيولة.

3. رهان “نبي السوق” ضد الذكاء الاصطناعي (AI)

• الرهان: اشترت شركة مايكل بيري خيارات بيع (Puts) ضخمة ضد عمالقة التكنولوجيا مثل Nvidia و Palantir.

• النتيجة: خلق هذا الرهان حالة من الذعر، حيث يرى بيري أن تقييمات الذكاء الاصطناعي وصلت لمرحلة “الفقاعة” التي تذكر بانهيار عام 2000.

4. رهان “تجارة الفائدة” في تركيا (The Carry Trade)

• الرهان: الاقتراض بالعملات الرخيصة والاستثمار في الليرة التركية للاستفادة من فوائد تتخطى 40%.

• النتيجة: انهار الرهان في 19 مارس بسبب أحداث سياسية مفاجئة، مما أدى لهروب 10 مليارات دولار في ساعات، وانتهت السنة والليرة خاسرة 17%.

5. رهان “العنف بين الدائنين”: إنفيجن هيلثكير

• الرهان: قامت صناديق مثل Pimco بخرق اتفاقيات الدائنين التقليدية، وقدمت قرضاً سرياً لشركة متعثرة مقابل الاستحواذ على أصولها الثمينة.

• النتيجة: حققت هذه الصناديق عوائد بنسبة 90%، في مشهد كرس عصر “الخيانة المالية” في سوق الديون.

6. رهان أسهم الدفاع الأوروبية

• الرهان: الاستثمار الكثيف في شركات السلاح (مثل Rheinmetall) بناءً على توقعات بزيادة الإنفاق العسكري الأوروبي.

• النتيجة: كانت هذه الأسهم من بين الأفضل أداءً في 2025 مع إعادة رسم خريطة التمويل العالمي لتصبح الأولوية للترسانات العسكرية.

7. رهان الذهب كملاذ ضد الديون

• الرهان: التحوط بالذهب ضد تضخم الديون الأمريكية وتآكل القوة الشرائية للدولار.

• النتيجة: سجل الذهب مستويات قياسية تاريخية في 2025، مثبتاً موقعه كأصل الأزمات الأول.

8. رهان الطفرة الكورية (K-Stocks)

• الرهان: الاستثمار في شركات الرقائق الكورية التي استفادت من إعادة تنظيم سلاسل التوريد العالمية.

• النتيجة: قفزت الأسهم الكورية بنسبة 70%، متفوقة على مؤشر “ناسداك” الأمريكي.

9. رهان السندات اليابانية و”نهاية الفائدة الصفرية”

• الرهان: الرهان على رفع البنك المركزي الياباني لأسعار الفائدة بعد عقود من الركود.

• النتيجة: تسبب هذا في تقلبات حادة في سوق السندات العالمي مع عودة “الأموال اليابانية” إلى موطنها.

10. رهان “فقاعة العقارات التجارية”

• الرهان: قيام صناديق التحوط ببيع أسهم البنوك الإقليمية المكشوفة على المكاتب الإدارية الفارغة.

• النتيجة: استمر الضغط على هذا القطاع، مما أجبر البنوك على إعادة هيكلة ديون ضخمة لتجنب أزمة نظامية.

11. رهان السلع الأساسية (القهوة والسكر)

• الرهان: المضاربة على المحاصيل بسبب التغيرات المناخية الحادة في البرازيل وفيتنام.

• النتيجة: شهدت هذه السلع تقلبات سعرية جعلت من “فنجان القهوة” مؤشراً اقتصادياً يراقبه العالم بدقة.

يرحل عام 2025 ليؤكد لنا أن “الصواب وحده لا يكفي”، بل يحتاج المستثمر إلى توقيت دقيق وجرأة على مخالفة التيار. لقد كان عاماً للدروس القاسية والأرباح الخيالية، حيث تفوقت فيه “الغريزة” أحياناً على “الخوارزمية”.

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا