يراهن المستثمرون أن الرئيس دونالد ترامب سوف يقوم باتفاق جزئى مع الصين قريباً، ما سيعزز النمو العالمى الهزيل ويحافظ على موجة الصعود فى الأسواق ويعزز الأمل بأجواء أفضل للتجارة العالمية.
ولكن يجب أن نحذر مما نأمل فما يبدو كخطوة للأمام قد يكون خطوة للوراء، فقد تتسبب احتمالية توقيع ما يعرف باتفاق المرحلة الأولى فى جعل اتفاق المرحلة الثانية الأوسع أكثر صعوبة.
ونظرياً، يساعد الاتفاق الأولى الطرفين على الانتقال إلى نقاط الخلاف الأكثر صعوبة، ولكن اعتماد أمريكا على العقاب بدلاً من الحوافز يعنى أن المرحلة المقبلة من المفاوضات ستقدم لبكين حوافز قليلة لمعالجة الإصلاحات الهيكلية الحساسة تحت تهديد المزيد من التعريفات، ولماذا سوف تنجح هذه التعريفات بالمرحلة الثانية فى حين أنها لم تقدم الكثير بالمرحلة الأولى؟.
ومنذ أن دعمت الولايات المتحدة انضمام الصين لمنظمة التجارة العالمية فى أواخر التسعينيات، كانت السياسة الأمريكية بشكل أو بآخر غير متسقة فيما يتعلق برؤيتها للعلاقات مع بكين، فالرؤساء مثل كلينتون وبوش وأوباما أملوا فى أن تنفتح بكين على الأسواق وتتبنى بعض الديمقراطية خاصة مع جنى الدولة ثمار التكامل مع الاقتصاد العالمى والمشاركة فى المؤسسات المالية العالمية.
وتضمنت استراتيجيات هؤلاء الروساء خليط من الإغراءات الإيجابية والعقوبات التأديبية، وكانت هناك رسوم تعويضية لمكافحة إغراق الصين للأسواق، وقيود على بيع التكنولوجيا ذات التطبيقات العسكرية المحتملة ومنع الاستثمارات الصينية التى تعتبر تهديد للأمن القومى، ولكن كانت هناك أيضاً لحظات من التعاون الأوثق حول المحفزات الاقتصادية بعد الأزمة المالية العالمية وأهداف المناخ المشتركة فى 2015.
وقدم الخطاب الأكثر صرامة لترامب وتصعيده للتعريفات نسخة متطرفة للتحول فى العرف المتبع فى التعامل مع الصين، وبالتأكيد أثار ذلك انتباهها، ولكن مطالب الرئيس الأمريكى بخلاف تقليص العجز التجارى لأمريكا مع الصين كانت غامضة وتكتيكات مفاوضاته جعلت الصينيين يتساءلون إذا كان سيتم توقيع اتفاق فى الأساس أم لا؟.
وفى نفس الوقت، كانت هناك إعادة تقييم واسعة فى أمريكا بشأن قدر الإصلاحات التى قامت بها الصين مقابل الوصول إلى الأسواق العالمية، واشتكت الشركات من أن الصين لم تخفف أبداً سياساتها التى تحابى الشركات المحلية، كما أن المخاوف ازدادت من أن التسامح مع المعارضة أصبح أقل من السابق.
والتفاصيل قليلة، ولكن توحى التقارير الحديثة أن الاتفاق المبدئى سيقوم على التزام بكين بشراء منتجات زراعية أكبر مقابل خفض جزئى للتعريفات الأمريكية، وهو ما يأخذ الطرفان فى الأساس إلى حيثما كانوا فى بداية حكومة ترامب، باستثناء بعض الطلبيات الكبيرة التى تخفف آلام المزارعين الأمريكيين المتعثرين.
وقد يتضمن الاتفاق كذلك بعض الالتزامات الصينية الأخرى بالسماح بالاستثمارات الأمريكية الجديدة بشروط تفضيلية، ولكن سيكون من الصعب تقييم تأثير تلك الاستثمارات فى أى وقت قريب، وأيضاً من الصعب توقع إلى أين ستذهب المفاوضات بعد ذلك بدون استراتيجية أمريكية أكثر توازناً تتضمن على الأقل بعض المحفزات للتعاون ورؤية أوضح للعلاقة الاقتصادية.
وفى الواقع، من الأسهل بكثير تخيل السيناريو المعاكس وهو زيادة التوتر لدى الشركات الأمريكية مع استمرار خضوع دخول السوق الصيني للقيود من قبل الحكومة وتعرضهم لمنافسة غير عادلة فى ظل استمرار الدعم الحكومى للصناعات الرئيسية، وحتى إذا لم يتم إعادة انتخاب ترامب، لم يشر أي من المرشحين الديمقراطيين الآخرين إلى أنهم لن يواصلوا النهج المتشدد تجاه ممارسات الصين التجارية.
ومن جانبها سوف تشعر الصين أنها قاومت محاولة غربية محرجة أخرى لكبحها، وسوف تستعد للمزيد من التعريفات والعقوبات على شركاتها التكنولوجية الرائدة والمزيد من التوبيخ من القوى الغربية.
وسوف يحدث كل ذلك قبل أن تظهر المشكلات الأخرى على الطاولة، فقد أدى بالفعل تصاعد العنف فى هونج كونج إلى سن تشريع أمريكى يتطلب مراجعة سنوية للوضع الخاص للمدينة وسجل حقوق الإنسان بها.
وكل ذلك قد يؤدى إلى زيادة الاحتقان لدى الطرفين ويجعلهما أقل استعداداً لمناقشة العلاقة الأوسع أو التوصل للمزيد من الحلول الوسط.
وبالأخير قد يجد المستثمرون أنفسهم يحنون للشهور الأخيرة من 2019 عندما كانوا يستفيدون من الأمل فى تطبيق اتفاق مبدئى بين واشنطن وبكين قبل أن تبدأ فجوة الخلافات فى الاتساع.
بقلم: كريستوفر سمارت
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا