ملفات

هل يودع اقتصاد الخليج عصر النفط في 2020؟

التجارة

تسعى دول مجلس التعاون الخليجي، منذ عدة سنوات للخروج من عباءة الاقتصاد “الريعي” المعتمد بشكل أساسي على إيرادات وعائدات تصدير النفط الخام للأسواق العالمية، خاصة في ظل ما يشهده سوق الطاقة العالمي من تقلبات وتذبذبات، بسبب الحروب التجارية، ومحاولة كل من الصين والولايات المتحدة الهيمنة على الجزء الأكبر من الاقتصاد العالمي.

وفي عام 2019، تسارعت خطى الدول العربية المطلة على الخليج العربي، نحو الحد من سيطرة عائدات تصدير النفط الخام على إيرادات ميزانياتها، والعمل على تنويع مصادر الدخل.

دول الخليج، التي كانت ولا تزال المَصدر الأكبر للنفط عالميا، بدأت مؤخرا في التخلص من الاعتماد على صادراتها النفطية كعامل رئيسي لدعم اقتصاده، والتوجه إلى اقتصاد أكثر انفتاحا، يعتمد على قطاعات أخرى، أكثر تنوعا، وتدر عائدا مباشرا وضخما على اقتصاد كل دولة.

ومع هذا التوجه، تستعد حكومات دول الخليج العربية لاستقبال عام 2020 بميزانيات ضخمة، في ظل تحديات جيوسياسية واقتصادية تواجه دول المنطقة التي أسست اقتصادها من عائدات صادراتها النفطية.

تنويع الأنشطة الاقتصادية

ويقول البنك الدولي في تقرير آخر المستجدات الاقتصادية في منطقة الخليج لعام 2019، إن معدل النمو الاقتصادي في المنطقة تراجع بدرجة ملحوظة خلال عام 2019، وذلك بسبب تراجع أسعار النفط، ووفرة المعروض العالمي منه، ونتيجة لذلك، فإن التقديرات تشير إلى تراجع نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي الكلي لدول الخليج إلى 0.8% خلال العام الحالي، مقارنة بنسبة 2% في العام الماضي.

وأوضح التقرير، أن تراجع حجم الطلب على النفط بسبب تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، وتراجع الأسعار العالمية للسلع الأولية، أدى إلى إضعاف نمو القطاع النفطي، وعلى الرغم من ذلك، فقد شهدت معظم الدول زيادة مضطردة في نمو القطاع غير النفطي، والتي أسهمت بشكل كبير في تحسن نواتج النمو، بينما تدهورت الأوضاع المالية في عدة دول خليجية، مقتفية أثر القطاع النفطي، وركود الطلب على الصادرات غير النفطية.

ولفت التقرير، إلى استمرار مستويات الديون في المسار الصاعد، في مختلف دول مجلس التعاون الخليجي، حيث عادت بعض الدول إلى أسواق الدين لتمويل عجز موازناتها العامة، ومع انخفاض مستويات الاحتياطات المالية، فإن عُمان والبحرين هما الأكثر ضعفا بين دول المجلس في القدرة على الاستمرار في تحمل أعباء الديون.

إصلاح بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات

ويضيف البنك الدولي، أن دول مجلس التعاون الخليجي، استطاعت تحقيق تقدم كبير في تطبيق إصلاحات هيكلية، ترسخ لبيئة سياسات تشريعية، تسهم في تنوع الأنشطة الاقتصادية، حيث تعمل دول منطقة الخليج حاليا على إصلاح بيئة الأعمال المحلية، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وتضم دول مجلس التعاون الخليجي هذا العام، 3 دول من بين الـ 10 الأكثر تطبيقا للإصلاحات في العالم، وهي السعودية والبحرين والكويت.

واحتلت السعودية المرتبة الأولى من حيث عدد الإصلاحات على مستوى العالم، كما نفذت حكومات دول المجلس أيضا بعض الإصلاحات التي تهدف إلى تسهيل التبادل التجاري وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والعمالة الوافدة.

وتتسارع خطى إصلاح القطاع المالي في دول مجلس التعاون الخليجين حيث تعمل كل من السعودية والبحرين والإمارات على إنشاء العملات الافتراضية، وتنظيم عملها وتداولها، علاوة على ذلك، فإن حكومات الخليج بدأت في اتهاذ بعض التدابير لتنويع مواردها، فعمدت إلى تطبيق ضريبة القيمة المضافة، ورسوم الإنتاج.

ضعف الاقتصاد العالمي يضر النمو بالخليج

ويضيف البنك في تقرير أحدث المستجدات الاقتصادية بمنطقة الخليج العربي، أن ضعف الآفاق الاقتصادية العالمية سيضر بمعدلات النمو في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث من المتوقع أن يؤدي ضعف الطلب العالمي إلى تراجع أسعار النفط دون المسويات الحالية، وهو الأمر الذي يزيد من حدة مخاطر هبوط الاقتصاد العالمي.

ونظرا لذلك، فإن مخاطر تراجع معدلات النمو العالمي من المحتمل أن يتبعها مزيد من خفض إنتاج منظمة أوبك، بالإضافة إلى تحقيق معدلات نمو أقل من المتوقع في الاقتصادات الكبرى، وحدوث نوبات جديدة من الاجهاد المالي في الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، وهو ما يزيد من أمد المخاطر المحيطة باقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة في ظل التحول العالمي نحو اقتصادات منخفضة الانبعاثات الكربونية، وهو ما يؤذن بمزيد من التراجع في حجم الطلب على المحروقات.

2.2 % النمو الخليجي المتوقع في 2020

ويرجح البنك الدولي، أن ينمو الاقتصاد في دول مجلس التعاون الخليجي ليصل إلى 2.2 % في 2020، و2.6 % في 2021، على أن يكون هذا التعافي مرهونا بانتعاش تدريجي لأسعار النفط، واستمرار الإنفاق على المشروعات العملاقة، وكذلك استمرار النمو في القطاعات غير النفطية.

كما ستستمر القطاعات المتصلة بالنفط ومشتقاته في تحديد شكل آفاق النمو في السعودية، وستكون القطاعات غير النفطية هي المحرك الرئيسي للنمو في الاقتصادات الأكثر تنوعا، وستشهد الإمارات انتعاش السياحة بفضل استضافة معرض إكسبو 2020، وستكون الصناعات التحويلية والبنية التحتية هي المحرك للنمو في البحرين، وستسمر عُمان في تعزيز الاستثمارات في قطاعات الصناعات التحويلية والنقل واللوجستيات والسياحة.

وتوقع البنك الدولي، تقلص عجز الموازنة في دول مجلس التعاون الخليجي في 2020، لكنه سيبقى دون المستهدفات، على الرغم من استمرار فوائض موازين المعاملات الجارية في الاقتصادات الأكبر في المنطقة، لكن عُمان والبحرين سيشهدان عجزا خلال العام المقبل.

الإمارات تمتلك 70% من الطاقة المتجددة خليجيا

ويؤكد البنك الدولي، على ضرورة تبني دول مجلس التعاون الخليجي، استراتيجية اقتصادية أكثر انفتاحا، تتسم بالتنوع القطاعي، والإصلاح الهيكلي لاستراتيجية الاستثمارات، حيث من المتوقع أن تؤدي الاستثمارات الاستراتيجية في القطاعات المتجددة بدول مجلس التعاون الخليجي، إلى زيادة مساهمة المصادر غير المتجددة في توليد الكهرباء، حيث تقوم الإمارات بدور رائد في هذا القطاع، وتمتلك نحو 70% من قدرات توليد الطاقة المتجددة في منطقة الخليج، وتستحوذ السعودية على 17%، بينما يصل نصيب الكويت إلى 10% من إجمالي قدرات الطاقة المتجددة في المنطقة.

مخاطر تهدد اقتصاد الخليج في 2020

أشارت وكالة بلومبيرج في بحث لها، إلى أنه مع دخول مجموعة من أسواق الخليج في دائرة الدين، عبر طرح السندات خلال 2019، فسيختبر عام 2020 ما إذا كانت الأموال الأجنبية سوف تستمر بالتدفق إلى دول مجلس التعاون الخليجي، حيث شهد عام 2019 انضمام 5 اقتصادات خليجية إلى مؤشرات سندات الأسواق الناشئة، لكن المنطقة بقيت تحت الأنظار، خاصة بعد إصدار شركة “أرامكو” السعودية للمرة الأولى سندات دولية بقيمة 12 مليار دولار في إبريل الماضي، والذي تبعته استعدادات لطرحها العام التاريخي، علمًا بأن سندات دول الخليج تجاوزت سندات نظيراتها في الأسواق الناشئة بعائدات بلغت 14% هذا العام.

وأضافت الوكالة، أنه في ظل تراجع سعر برميل الخام القياسي برنت بنحو 25% منذ أن وصل إلى أعلى مستوياته في 4 سنوات في أكتوبر 2018، فإنه من المتوقع أن يتفاقم العجز المالي لبعض دول منطقة الخليج، خاصة بعد إشارة وكالة الطاقة الدولية في ديسمبر الجاري، إلى أن أسواق النفط العالمية لا تزال تواجه فائضًا في عام 2020 حتى لو طبّقت منظمة أوبك وحلفاؤها بالكامل تخفيضات الإنتاج، إذ تستمر الإمدادات من خارج مجموعة “أوبك+”، بقيادة النفط الصخري الأميركي، في النمو بوتيرة أسرع بكثير من الطلب العالمي، وهو ما سيؤدي إلى زيادة الضغط على الاقتراض، الأمر الذي قد يجعل السعودية وسلطنة عُمان والبحرين هم الأكثر بيعا للسندات في المنطقة خلال العام المقبل.

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

صندوق النقد: مستمرون في دعم مصر ولم نحدد موعد المراجعة المقبلة

أكدت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي، جولي كوزاك، خلال مؤتمر...

منطقة إعلانية