مقالات

فيتنام تبدو جذابة فقط على الورق

«فيتش»: حوالى نصف البنوك المحلية غير قادرة على مقابلة الحد الأدنى لنسبة كفاية رأس المال عند %8
وصلت الأسهم عالية الجودة للحد الأقصى من الملكية الأجنبية ويتداولها الأجانب فيما بينهم بالفعل بعلاوة
قوة عاملة أرخص وطفرة فى القطاع العقارى، ودولة مستقرة سياسياً بقيادة شيوعية يمكنها حصد الثروات من خلال الصادرات وذات علاقة ودية مع الولايات المتحدة، هكذا يقارن الكثيرون فيتنام إلى ما كانت عليه الصين منذ عقدين ماضيين، ودعونا نضيف خصلة إضافية لهذا الخليط بينما ندخل العقد المقبل وهى: الرخاء غير المربح.
ومع صعود فيتنام سريعاً فى سلاسل التوريد العالمية، اعتبرها الكثيرون أنها الرابح الأكبر من الخلاف التجارى الصينى الأمريكى الحالى، ويسلط نقل الشركات الكبيرة لأعمالها إلى الدولة الجنوب شرق آسيوية الضوء على هذا الأمر، فقد نقلت «ألفابيت»، الشركة الأم لـ«جوجل»، إنتاج هواتف «بيكسل» الذكية أعمالها لفيتنام، وأغلقت شركة «سامسونج» أخر مصنع للهواتف الذكية لها فى الصين، حتى أن الشركات الصينية مثل «جيورتيك» المورد لسماعات «آيربودز» ذات الشعبية لـ«آبل»، تنتقل من الصين، وبالتالى فإن الوقت الحالى هو الوقت المثالى لفيتنام فى عالم التكنولوجيا، كما أن نمو الناتج المحلى الإجمالى كان أقل قليلاً من %7 أى من بين الأسرع فى العالم.
ومع ذلك، فإن مثل هذه الحماسة لم تنعكس فى سوق الأسهم، وارتفع مؤشر البورصة الرئيسية «هو تشى مينه» بنسبة %7.3 منذ عام وحتى الآن متخلفاً عن المكاسب بنسبة 32% لمؤشر شنجهاى شينزن «سى إس آى 300»، وبينما صعدت أسواق الأسهم فى الأسواق الناشئة فى ديسمبر، اتجهت الأسهم الفيتنامية فى الاتجاه المعاكس.
وأصبحت صناديق المؤشرات مصدر كبير لرأس المال الأجنبى، وتشكل الصناديق التى تتبع المؤشر الرئيسية حوالى %44 من إجمالى التدفقات للسوق فى 2019، ومع ذلك، إذا نظرت إلى مكونات المؤشر لن يسعك سوى التجهم، وتهيمن البنوك على سوق الأسهم وهناك مطور عقارى واحد «فينجروب»، ورغم أن شركة «فينجروب» دخلت مجالات تصنيع السيارات والهواتف الذكية، إلا أن أعمالها الرئيسية الأكثر ربحاً لا تزال فى العقارات.
وبمتوسط عائد %15، تعد أسهم البنوك الفيتنامية مرغوبة جداً بجميع المقاييس، ولكن القروض المصرفية تجاوزت بالفعل مستوى الناتج المحلى الإجمالى فى الدولة، وهى نسبة عالية فى دولة تجنى فقط 2.500 دولار للفرد، وبالتالى تحتاج البنوك لرفع رؤوس أمولها لتتحوط من أى ديون سيئة فى المستقبل، وحذرت وكالة التصنيف الائتمانى «فيتش»، من أن حوالى نصف البنوك المحلية غير قادرة على مقابلة الحد الأدنى لنسبة كفاية رأس المال عند %8.
ويعد رفع رأس المال صعب حتى إذا كان الأجانب راغبين فى الشراء لأن الدولة تفرض سقفاً صارماً لملكية الأجانب عند %30 فى البنوك المحلية، وبدون رفع الحد الأقصى للملكية الأجنبية، هناك نتيجتان محتملتان فقط للقطاع، إما أن يحذو حذو الصين إلى أزمة ديون أو يخفض الإقراض للشركات، وكلتاهما ليست أنباء جيدة للمستثمرين.
كما أن شركة «فينجارد» والشركات التابعة لها والذين يشكلون حوالى 15% من المؤشر يعانون من مشكلات، فقد أصبحت الأراضى أكثر ندرة، ومن الصعب إيجاد مساحات واسعة فى المدن الكبيرة مثل «هانوى» و«هو تشى مينه»، وبالتالى قلصت الحكومة الموافقات عل مشروعات جديدة وهو ما أثر بالسلب على إمكانيات نمو المطورين.
ويجعل نقص الأراضى وازدواجية الإدراج بين «فينجروب» ومكوناتها من الصعب على أى مدير محفظة أن يجادل لصالح امتلاك الكثير من أسهم «فينجروب» فى سلته، فإذا أراد الاستثمار فى القطاع العقارى الفيتنامى، فيمكن أن يشترى فى المطور السكنى «فينهومز»، التى تشكل ثلثى إيرادات الشركة الأم، وهناك أيضاً وحدة «فينكوم ريتيل»، المطور لعمليات التجزئة فى المراكز التجارية، ولكن لما قد يمتلك أى أحد أسهم «فينجورب» مرتين؟
ويعد الجانى الأساسى فى ذلك هو نظام الملكية الأجنبية الصارم، ووصلت الأسهم عالية الجودة بالفعل للحد الأقصى من الملكية الأجنبية، ويتداولها المستثمرون الأجانب فيما بينهم بالفعل بعلاوة، وبسبب مشكلات السيولة تأخذ هذه الأسهم أوزان نسبية ضئيلة فى المؤشرات، وما يتبقى فى المؤشرات الرئيسية هى أسهم لا يريدها أحد.
وفى هذا المجال، تصبح فيتنام بالفعل الصين المقبلة وتبذر بذور سوق الأسهم غير الصحى الذى يهمين عليه البنوك المثقلة بالديون ويخلو من أسهم التكنولوجيا الجديدة، ورغم أن المعجبين بالدولة كثر، إلا أن اقتصادها سوف يتباطأ بالأخير، وعندما يأتى هذا الوقت سوف تحتاج بنوكها للمزيد من رأس المال وشركاتها الناشئة ستحتاج لأن تطرح أسهمها فى البورصة.
وبحلول هذا الوقت لن يكون أحد مهتماً فى نظام معيب، والصين تعرف ذلك جيداً، لذا قبل أن يفقد الأجانب شهيتهم تجاه الدولة، يتعين على فيتنام التحرك لإلغاء السياسات الحمائية وتحرير اقتصادها بشكل حقيقى.

بقلم: شولى رين
كاتبة مقالات رأى لدى «بلومبرج» وتغطى الأسواق الآسيوية

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

صندوق النقد: مستمرون في دعم مصر ولم نحدد موعد المراجعة المقبلة

أكدت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي، جولي كوزاك، خلال مؤتمر...

منطقة إعلانية