ملفات

سوق العمل يقف عائقاً أمام انتعاش الاستثمارات فى أوروبا

العمل

أوروبا الشرقية تحتاج لرفع كفاءة العمالة لتناسب الأجور المتصاعدة

بدأت الحكومات فى أوروبا الشرقية الصدام مع النموذج الاقتصادى الذى جذب المستثمرين الأجانب لقرابة ثلاثة عقود والذى يقوم على العمالة الأقل أجراً ومهارة، ولكن مع ارتفاع الأجور والبطالة فى الدول الكبرى بحوالى %4، يدرك السياسيون أنه يجب عليهم الاستثمار أكثر فى الأبحاث والتعليم.

وقال رادومير جاك، كبير الاقتصاديين بوحدة إدارة الأصول فى شركة «أسيكورورازى جنرال»، إن الحكومات ينبغى عليها التركيز على المنتجات التى ستجلب قيمة مضافة أعلى.

أضاف أن بناء المزيد من المصانع وخطوط التجميع لن يفيد الاقتصاد حال وجود معوقات من شأنها أن تخلق المزيد من التوترات فى سوق العمل.

وذكرت وكالة أنباء «بلومبرج» أن قصة التحول بدأت فى التسعينيات عندما جلب انهيار الشيوعية الشركات الخاصة الأوروبية والأمريكية التى تحرص على الاستفادة من الأجور المنخفضة وتجنب التعريفات الجمركية فى الاتحاد الأوروبى.

وفى جمهورية التشيك قام عملاق السيارات الألمانى شركة «فولكس فاجن» بشراء السيارة «سكودا» عام 1991 فى وقت استقبلت فيه سلوفاكيا شركة «ويرلبول» المصنعة للأجهزة لتصبح المنطقة حلقة وصل حيوية فى سلاسل التوريد التى تعمل على استمرار الصناعة الألمانية.

وفى الوقت الراهن بدأت الأجور المتصاعدة فى إرسال وظائف المصانع إلى بلدان أرخص فعلى سبيل المثال، تقوم شركة «يازاكى» اليابانية المتخصصة فى تصنيع الاسلاك الكهربائية للسيارات بنقل عمليات الإنتاج من منطقة بلزن التشيكية إلى صربيا، حيث تقل الأجور بنسبة %60 تقريبًا فى هذه المنطقة، وفى بولندا يسفر تدفق العمال من أوكرانيا عن ثغرات فى القوى العاملة وتقييد الرواتب.

وبفضل واحد من أفضل الأنظمة التعليمية فى المنطقة، عززت الحكومة التشيكية برامج التطوير التى استقطبت شركة «بى إم دبليو» الألمانية لصناعة السيارات لاستثمار أكثر من 200 مليون يورو فى منشأة أبحاث تقوم بتطوير التكنولوجيا الرقمية والقيادة الذاتية، وفى رومانيا، جذبت الإعفاءات الضريبية شركات مثل «أوراكل» و «آى بى إم».

وفى بولندا قامت شركات مثل «أمازون» و«آى بى إم» وبنك «جى بى مورجان» بإنشاء مراكز توزيع وهو الأمر الذى عزز الاستثمار الأجنبى المباشر ليسجل رقم قياسى بلغ 10 مليارات دولار فى عام 2016.

وقالت جوانا تاوريتش، أستاذة الاقتصاد فى جامعة «وارسو» والمؤسس المشارك لمركز أبحاث «جراب»، إن هذه المستويات من الاستثمار جاءت بسبب توفير القوى العاملة فى بولندا مستوى أعلى من التدريب، مقارنة بمستويات الأجور فى أجزاء أخرى من أوروبا الشرقية.

وأضافت تاوريتش، أن زيادة عدم اليقين بشأن القواعد الضريبية وغيرها من اللوائح جنباً إلى جنب مع انخفاض استقرار ظروف العمل من المؤكد أن تقلل من قيمة الاستثمار فى بولندا وبالتالى ستعمل على تثبيط مخططات بعض المستثمرين المحتملين.

وأشارت الوكالة الأمريكية إلى أنه لا يمكن لاقتصادات شرق أوروبا أن تخرج من فخ كونها خط التجميع الغربى حتى تبدأ الاستثمار بشكل صحيح.

ومن أجل إيجاد حل للأجور المتصاعدة يمكن لمنطقة أوروبا الشرقية أن تنظر إلى دول نامية سابقة مثل تايوان وكوريا الجنوبية التى انتقلت من التصنيع متدنى المستوى إلى أحدث الابتكارات التكنولوجية على مدى بضعة عقود.

وقال جيفرى فريدين، الأستاذ بجامعة «هارفارد» إن الدول تحتاج إلى صنع منتجات تتناسب مع مستويات الرواتب.

وأضاف عبر الهاتف لوكالة «بلومبرج»: «لو حققت بعض النجاح فسوف يرتفع أجرك ويتعين عليك بعدها الانتقال إلى أماكن تتضمن المزيد من رأس المال البشرى والعمالة الماهرة» مؤكدأ أن قصة نجاح معظم بلدان العالم التى خرجت من مستويات الفقر المدقع إلى الدخل المتوسط ثم إلى مصاف الدول الغنية يكمن فى تطور نوعية القوى العاملة وهذا يعنى تطوير التعليم.

ووجدت دراسة حديثة أجراها البنك الأوروبى للإنشاء والتعمير، أن عدد البراءات الممنوحة نسبة إلى عدد السكان فى منطقة أوروبا الشرقية، والتى تشمل أيضاً بلدان مثل روسيا وتركيا، نما بنسبة تقل عن %50 بين عامى 2002 و2015.

وفى الفترة نفسها نمت براءات الاختراع الممنوحة فى الصين %3000 وفى كوريا الجنوبية زادت بنسبة %317.

وقال ديفيد ماريك، كبير الاقتصاديين فى شركة «ديلويت»، إن تغيير نموذجك الاقتصادى أسهل من إنشائه.

أضاف أنه لا يمكن لاقتصادات أوروبا الشرقية أن تخرج من فخ كونها «خط التجميع» للغرب حتى تبدأ الاستثمار بشكل مناسب فى عمليات البحث والتطوير.

ورومانيا، على سبيل المثال أصبح لديها نقص لا يقل عن 10 آلاف مبرمج كمبيوتر مطلوبين لملء الفراغات فى العديد من الشركات.

وأوضح بوجدان بالان، مبرمج يعمل فى شركة تمويل متعددة الجنسيات، أن المناهج الدراسية فى معظم الكليات قديمة جداً ويجب أن تتغير بشكل كبير، ومع ذلك يكسب مهندس البرمجيات البالغ من العمر 32 عامًا حوالى 3 آلاف يورو شهريًا مقارنةً بمتوسط أجر وطنى يبلغ 536 يورو.

وأضاف أن شركته تتكفل بدفع الإيجار فى وقت يقوم فيه موظفى تكنولوجيا المعلومات بدفع ضرائب صغيرة نسبياً.

 

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

الحكومة تقترب من إعداد الخطة الاستراتيجية الاستثمارية للدولة

اقتربت وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية من الانتهاء من صياغة الخطة...

منطقة إعلانية