أصابت الأسواق الناشئة، المستثمرين بخيبة أمل لعقد من الزمن على الأقل، وفشلت فى تحقيق معدلات النمو وعائدات المحافظ المالية المأمولة، لكن المحللين يتوقعون الآن تحقيق أداء متفوق، عندما ينحسر فيروس «كورونا» وتعود الأسواق إلى العمل كالمعتاد.
إذا كانت هذه الآمال تعتمد على انتعاش واسع لفئة الأصول، فمن المرجح أن تتلاشى، ولكن ربما يعمل النهج الانتقائى بشكل أفضل، وجاء ماركو كولانوفيتش، المحلل الاستراتيجى لمصرف «جى بى مورجان»، ضمن أولئك الذين يتوقعون انتعاش أسهم الأسواق الناشئة.
فقد كرر مؤخراً دعوته إلى بيع الأصول الدفاعية، وهى الأسهم اﻷعلى تكلفة والأقل تعرضاً للدورة الاقتصادية، والشراء فى قطاعات مثل أسهم القيمة، التى تعتبر رخيصة مقابل أسسها، والأسهم المعرضة للسلع الأساسية واﻷسواق الناشئة.
وقال كولانوفيتش، إن دعوته السابقة لتفوق هذه الأصول فى الربع الأول، قد تراجعت بسبب تفشى فيروس «كورونا»، الذى يعرف أيضاً باسم «كوفيد-19»، متوقعاً أن يتم إثبات صحة كلامه فى ظل إمكانية تراجع هذا التهديد فى الأسابيع القادمة.
ويتوقع مارك هيفيل، مدير الاستثمار لدى «يو.بى.إس جلوبال ويلث مانجمنت»، أن يقتصر تأثير فيروس كورونا بشكل أساسى على الربع الأول، كما تمسك بدعوته بضرورة تفوق أسهم الأسواق الناشئة على هذا الأساس وتوقعاته بتراجع مخاطر النزاع التجارى بين الولايات المتحدة والصين.
وتفترض مثل هذه الدعوات، اختراق الأسواق للاتجاه السائد خلال العامين الماضيين على الأقل، مما يعنى أن هناك قدراً كبيراً من السيولة سيوفره البنك الاحتياطى الفيدرالى والبنوك المركزية الأخرى، وبالتالى ارتفاع قيمة سندات اﻷسواق المتقدمة وأسهم شركات التكنولوجيا الكبرى والشركات العالمية اﻷخرى، فى حين تتعثر الأسهم والأسواق الرخيصة.
وتفترض الدعوات أيضاً، بدء اتساع الفرق فى معدل النمو الاقتصادى بين الاقتصادات الناشئة والمتقدمة هذا العام لصالح الأسواق الناشئة بعد عقد من الانكماش، ومع ذلك، هناك أسباب وجيهة للاعتقاد بأن هذا لن يحدث.
ويعتقد روبن بروكس، كبير خبراء الاقتصاد فى معهد التمويل الدولى، أن الاقتصادات الناشئة تقع فى قبضة ما يسمى بالركود المزمن، وهو تباطؤ طويل الأجل فى النمو، موضحاً أن السبب فى ذلك فى بعض الدول، مثل الأرجنتين وتركيا، يرجع إلى أزمات يمكن تحديدها بوضوح، وفى دول أخرى يأتى نتيجة ضعف الاستثمار بعد انخفاض أسعار السلع الأساسية منذ عام 2014.
قال بروكس، إنه رغم توقف الاستهلاك فى العديد من الأسواق الناشئة الكبرى، إلا أن هذا اﻷمر ربما لا يكون مستداماً، فقد تنظر الأسر فى أى تراجع وتقترض أو تستخدم مدخراتها للحفاظ على الاستهلاك، مشيراً إلى أن المستثمرين اﻷجانب ربما يسحبوا أموالهم إذا برز اﻷمر بأنه صدمة دائمة، حتى بعض المحللين الداعين إلى الاستثمار فى الأسواق الناشئة لا يفعلون ذلك على أساس الانتعاش الكبير فى النمو.
ويعتقد جاستن ليفرينز فى شركة «إنفيسكو» اﻷمريكية لإدارة الاستثمار، فى ملاحظة كتبها حديثاً للعملاء، أن أى انتعاش فى الاقتصادات الناشئة سيكون بطيئاً ومتفاوتاً، وذلك بعد عقد من النمو المتدهور وزوال العولمة وانفجار أسطورة مجموعة بريكس، وهى أسطورة تشير إلى أن البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا ستنمو بقوة كمجموعة.
ومع ذلك، يتوقع ليفرينز، ارتداداً متوسطاً فى أسهم القيمة فى الأسواق الناشئة، خصوصاً أن أداء هذه اﻷسهم ساهم فى الحد من معدلات النمو منذ عام 2012، مما يعكس نظيراتها فى الأسواق المتقدمة، مع تنامى مستوى التباين فى معظم أوقات الـ3 أعوام الماضية.
ويعتقد ليفيرنز أيضاً، أن الدولار الأمريكى سيضعف مقابل العملات الأخرى، مما يسمح للبنوك المركزية فى اﻷسواق الناشئة بتخفيف سياستها بشكل كبير، كما يتوقع أن تساهم زيادة الإنفاق الاجتماعى فى الصين، فى تدعيم التحول إلى الاستهلاك والاستثمار الخاص فى البلاد، وحتى إذا لم يتم الوفاء بهذا التكهن المعتدل الوردى، ربما تظل هناك فرص.
وقال بير هامارلوند، كبير استراتيجى عملات اﻷسواق الناشئة فى مجموعة «إس.إى.بى» السويدية البنكية، إن عملات الأسواق الناشئة فى وضع غير مريح، فهى ليست ضعيفة ولا قوية بشكل خاص، كما أن التقييمات ليست جذابة بشكل كاف، مشيراً إلى أنه حال فشل قصة النمو، فلن يكون هناك سبب مقنع آخر لقيام الأسواق الناشئة بعمل جيد.
وأضاف هامارلوند، أن أفضل استراتيجية فى أوقات كهذه هى الاعتماد على النهج الانتقائى واستغلال تباين التقييمات داخل الأسواق الناشئة وليس فيما بين الأسواق الناشئة والمتقدمة، وأحد الأمثلة على ذلك هو ميل عملات الدول ذات أساسيات الاقتصاد الكلى القوية إلى التفوق على تلك التى تتسم بأساسيات أضعف.
ويعتقد هامارلوند، أن البيانات فى البيئة الحالية تشير إلى سهولة الاستفادة من الفروق فى أسعار الفائدة من خلال شراء عملات الأسواق الناشئة ذات العوائد المرتفعة، أما فى البيئة العالمية الخالية من المخاطر، فإن الاستثمار فى الأسواق الناشئة ربما يتعارض مع كل شىء آخر لكن من الممكن الاستمرار فى جنى الأموال، وأضاف أن هذا اﻷمر ربما لا يدل على تأييد قوى لهذه الأسواق، ولكنه طريقة لتجنب المزيد من خيبات اﻷمل.
بقلم: جوناثان ويتلى
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا