ماذا سيحدث لقطاع السيارات إذا لم يتمكن من صنع سيارات؟ نحن على وشك أن نعرف ذلك مع إغلاق مصانع السيارات على جانبى الأطلنطى فى الأسابيع القليلة المقبلة جراء فيروس كورونا.
وعندما حدثت الأزمة المالية العالمية منذ 10 سنوات، خفض صناع السيارات فى الولايات المتحدة وأوروبا الإنتاج لمنع تكدس السيارات غير المباعة، ومع ذلك، فإن الإغلاقات هذه المرة تحدث بالتزامن، كما أن تراجع الطلب ليس المشكلة الوحيدة التى يواجهها صناع السيارات، فالعاملون خائفون – وهو أمر مفهوم – من العمل فى خطوط الإنتاج المزدحمة، كما أن توريد المكونات الرئيسية قد يتوقف فى أى وقت.
ويأمل المصنعون فى أن يكون توقف الإنتاج قصيراً، ولكن قد تكون تلك الآمال مجرد أمانى لأن الفيروس بعيد كل البعد عن الاحتواء، بل إن حقيقة أن بعض المصانع عرضت إعادة توجيه الإنتاج داخل المصانع لإنتاج أجهزة تنفس تسلط الضوء على حدة الحالة الصحية العالمية الطارئة.
وحتى بدون فيروس «كورونا»، يعد 2020 بالفعل عاماً صعباً لقطاع السيارات، نتيجة التكلفة الهائلة لتطوير سيارات كهربائية وتعديل المصانع لبنائها، وعلى عكس ما حدث منذ 10 أعوام، عندما سعت جنرال موتورز وكرايسلر للحصول على حماية من الإفلاس، فإن معظم مصانع السيارات لديها أكوام نقدية كبيرة تساعدها على تجاوز الفترات الصعبة، فلدى «فولكس فاجن» على سبيل المثال 24 مليار يورو من النقدية وما يعادلها تحت تصرفها، رغم دفعها 26 مليار يورو (28 مليار دولار) غرامة نقدية بسبب غشها لاختبارات انبعاثات الكربون.
وهذا أمر جيد، لأن القطاع سوف ينفق أموالاً كثيراً بسبب ما يعرف بالتكاليف الثابتة العالية وما يعرف برأس المال العامل السلبى (ومع ذلك هناك أمر إيجابى وهو إغلاق المصانع للحد من انتشار الفيروس وهو ما سيحد من الخسائر نتيجة ارتفاع المخزونات)، ووفقاً لأكثر السيناريوهات سوءاً، قال بنك مورجان ستانلى، إن فورد موتور وجنرال موتورز قد تنفق 4 مليارات دولار شهريا لكل واحدة أثناء الإغلاق.
وفى نفس الوقت، إذا ارتفع معدل البطالة، فإن صناع السيارات الذين يؤجرون الكثير من المركبات عبر أقسام الخدمات المالية قد يتعرضون للمزيد من الديون السيئة، وفى 2008، اضطرت «بى إم دبليو» إلى تخصيص 2 مليار يورو لارتفاع القروض وتراجع قيم السيارات المستعملة.
فلا عجب إذا أن أسهم صناع السيارات انخفضت إلى النصف منذ بداية العام وأن تكلفة تأمين ديونها ضد التعثر ارتفعت ارتفاعاً صاروخياً، وكانت الشركات صاحبة الميزانيات الأضعف هى الأكثر معاناة.
وتقلصت القيمة السوقية لشركة «رينو»، التى كانت تعانى لتوليد نقدية حرة إيجابية حتى قبل ظهور الفيروس، إلى أقل من 5 مليارات يورو، وعند تعديلها وفقاً للحصة التى تمتلكها «رينو» بنسبة %43 فى اتحادها مع نيسان موتورز، فإن قيمة السهم سلبية.
وتبدو جاكوار لاند روفر، المملوكة لـ«تاتا موتورز»، مريضة بشكل خاص وانخفضت ديونها البالغة 650 مليون يورو من الديون الممتازة غير المضمونة والمستحقة فى 2024 إلى %60 من قيمتها الاسمية ويبلغ العائد عليها %17، ما يثير المخاوف بأن الدائنين قد لا يستردون أموالهم.
ورغم أن حجة الاندماج فى القطاع أقوى من أى وقت مضى، فكذلك هى الحاجة للحفاظ على النقدية، وتخضع صحة تصرفات «فيات كرايسلر أتوموبيل» لتوزيع أرباح على مساهميها بقيمة 5.5 مليار يورو قبل أن تستكمل اندماجها مع «بيجو إس إيه» للتساؤل، خاصة أن ميزانية «فيات» هى بالفعل واحدة من أضعف الميزانيات بين صناع السيارات الكبار.
ويحلم الكثير من الأشخاص القابعين فى المنازل بالقيام برحلات برية طويلة عندما ينتهى كل ذلك متشجعين بلا شك بتكلفة الوقود الأرخص، ولكن على المدى القصير سوف يتراجع الطلب بحدة، وانخفضت المبيعات فى الصين بنسبة %80 فى فبراير عندما كانت معظم الدولة تحت الحظر، ولن تكون محفزات الشراء للمستهلكين والإعفاءات الضريبية بنفس فاعليتها فى 2008 و2009 لأن المستهلكين لا يستطيعون ترك منازلهم.
وقطاع السيارات الذى لا يستطيع بناء سيارة لن يبيع، وسوف يشهد هذا العام تبايناً كبيراً فى مسارات الشركات بناءً على قوتها وضعفها، وسوف تطالب بدعم خارجى سواء من دافعى الضرائب أو من المساهمين، وربما ليس فوراً ولكنها سوف تطالب بالأخير.
بقلم: كريس برايانت
كاتب مقالات رأى لدى “بلومبرج”
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا