يتوقع كثير من المتنبئين، أن الاقتصاد العالمى سيشهد تعافياً قوياً خلال الأشهر الـ6 الأخيرة من العام الحالى، بعد مرور أسوأ فترة لتفشى فيروس «كورونا» المستجد.
ولكن لكى يتحقق مثل هذا التعافى الاقتصادى فى الربعين الثالث والرابع، يجب أن تتحقق 5 تطورات، آخرها منها ضرورى لتحقيق التعافى.. أما أول 4 منها فقد تكون إيجابية، ولكنها غير كافية لتكون أساساً صلباً لتوقعات اقتصادية.
الأول.. أن يكتشف العلماء علاجاً فعالاً أو مصلاً.. وهذا بالتأكيد سيكون رائعاً، ولكنه لن يتحقق على الأرجح فى الأشهر الثلاثة إلى الـ6 المقبلة.
والتطور الثاني، أن يتحور الفيروس ويصبح أقل ضرراً، وهذا قد يحدث ولكن الأمل فى تحور حميد للفيروس، لا يبدو كأساس جيد للتنبؤات الاقتصادية.
والثالث.. أن يؤدى المناخ الصيفى الدافئ فى نصف الكرة الشمالى، إلى تقليص معدل انتشار الفيروس، وهى نتيجة قد تتحقق ولكنها لن تساعد فى الأرقام الاقتصادية فى الربع الرابع.
أما التطور الرابع، فهو أن تطبق الحكومات نهج التحديد والتتبع الذى طبقته كوريا الجنوبية ، وهو من شأنه أن يبقى فيروس «كوفيد 19» تحت السيطرة دون القيود الصارمة التى تتضمن الإقصاء الاجتماعى الذى يسحق النشاط الاقتصادى، ولكن بالنظر إلى ما رأيناه حتى الآن، تبدو نتائج هذه الاستراتيجية طويلة الأجل.
ومع ذلك هناك طريقة يمكننا على الأرجح من خلالها أن نحقق تعافيا اقتصاديا قوى ولكنها غير مرغوب فيها بشدة، وهى أن تيسر الحكومات قواعد الإقصاء الاجتماعى، لأنه إذا أصبح كثير من الأشخاص مصابين فى المجتمع، فسيتحقق ما يعرف بمناعة القطيع، وهذه النتيجة للأسف هى المستحيل بعينه.
فرسميا هناك حوالى 15 ألف شخص مصاب فى الولايات المتحدة، ويقدر علماء الأوبئة أنه لكى نحقق مناعة القطيع ينبغى أن يصاب %60 من السكان أى أكثر قليلاً من 200 مليون شخص فى حالة الولايات المتحدة، ولكن حتى إذا ازداد عدد الحالات بحوالى %10 يومياً، وهو معدل أبطأ بكثير مما رأيناه فى أوروبا والولايات المتحدة، فإن الـ15 ألف حالة قد يصبحون 200 مليون قبل نهاية يونيو المقبل.
ووفقاً لهذا السيناريو، لن يكون هناك حاجة للمزيد من القيود الاجتماعية، وفى الواقع سيبدأ الاقتصاد حقاً فى النمو مجدداً فى النصف الثانى من العام مثلما يتوقع العديد من المتنبئين، ولكن تكاليف هذا السيناريو ستكون هائلة.
فحوالى %20 من هؤلاء الـ200 مليون حالة سيحتاجون رعاية مركزة، وسيموت الملايين حرفياً، سواء من كوفيد 19 أو من الأمراض الأخرى التى لن يتمكن النظام الصحى المكتسح من علاجها.
وأنا شخص متفائل بطبيعة الحال، وهذا هو سبب اعتقادى بأننا لن نرى تعافياً اقتصادياً سريعاً فى النصف الثانى من العام الحالى، وبدلاً من ذلك، سنواصل اختبار نوع من قيود الاقصاء الاجتماعى وربما يتم تخفيفها من فترة لأخرى على مدار الشهور العديدة المقبلة، وهذه القيود ستكون بمثابة عائق كبير على النشاط الاقتصادى.. ولكن كل ما يمكننا فعله، هو أن نأمل فى أن نحافظ على تماسك نظامنا الصحى، وعلى أن يبقى زملاؤنا المواطنين أحياء.
بقلم: ناريانا كوشرلاكوتا
كاتب مقالات رأى لدى بلومبرج، وأستاذ الاقتصاد فى جامعة «روتشيستر».
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا