يصعب مقاومة رغبة المرء فى مقارنة الماضى بالحاضر، لذا يعد النظر إلى أوجه الشبه بين الركود الاقتصادى الحالى والأزمة المالية العالمية فى 2008 أمرا طبيعيا خاصة بالنظر إلى المستويات المثيرة للقلق من البطالة والتراجعات فى الناتج الاقتصادى فى الواقعتين.
ولكن مع مررو أسوأ ما فى الأزمة الصحية – على الأقل حتى الآن – نرى أن هناك اختلافات كبيرة بين الركود الماضى والحالى، ونجد أن المراكز الملحمية للأزمة الماضية، وهى سوق الإسكان والموارد المالية للأسر والنظام المصرفى، تصمد بشكل أفضل حتى الآن.
أما مجالات القوة التى برزت بعد الركود الكبير، وهى قطاع البترول والعقارات الحضرية، تبدو أكثر ضعفا، وهذا يعود إلى اختلاف الأسس الاقتصادية مع دخولنا فى الأزمة وإلى الخيارات السياسية التى اتخذها الكونجرس وإلى التغير التكنولوجى.
ولا يوجد قطاع يجسد الاختلاف بين الأزمة الحالية والماضية أكثر من الإسكان، فرغم أن السوق إنهار فى مارس وأول أبريل مع صدور أوامر البقاء فى المنازل ما أفزع المستثمرين وذكرهم بحدة ومدة الانهيار منذ عقد مضى، فقد رأينا العديد من العلامات التى تشير على تعافى النشاط خلال الشهر الماضى، وقالت شركة سمسرة العقارات على الإنترنت «ريدفين» إن الطلب من قبل المشترين تعافى إلى مستويات ما قبل فيروس «كورونا»، وارتفعت طلبات الرهن العقارى للأسبوع الرابع على التوالى وتنخفض بنسبة %9.5 فقط على أساس سنوى.
والمجال الآخر الذى يتمتع بمقدار مذهل من الاستقرار حتى الآن خاصة بالنظر إلى مستويات البطالة المرتفعة هو الموارد المالية للأسر، وهو ما يعود جزئيا إلى قانون المساعدات والإغاثة والضمان الاجتماعى أثناء فيروس «كورونا» بقيمة 2 تريليون دولار الذى أصدره الكونجرس، وما بين شيكات الإغاثة لمرة واحدة التى ترسل للأمريكيين وبدلات البطالة البالغة 600 دولار فى الأسبوع، تم تعويض العاطلين، وخاصة فى الطرف منخفض الدخل، عن الدخل المفقود حتى الآن.
وفى الشهر المنتهى 13 مايو كان هناك تراجعا بنسبة %2.1 فقط فى نسبة الأسر التى دفعت الإيجار ما يعنى أن معظم الأسر كانت قادرة على دفع فواتيرهم، وهذه أنباء جيدة، ولكن من المهم أن نتذكر أن ملايين الأمريكيين ينتظرون الإغاثة مع مكافحة مكاتب البطالة فى التعامل مع فيضان الطلبات.
ولكن على عكس الأزمة المالية العالمية، لا يوجد تراكم مقلق لديون الأسر أو الرهن العقارى قبل الأزمة، وتمكنت السياسة المالية من سد الفجوة للأسر حتى الآن، وبالتالى هناك احتمالية بأننا سوف نتمكن من اجتياز هذه الأزمة دون موجة عالية من التعثر فى الرهن العقارية وإفلاس الأسر.
وفى نفس الوقت الذى استقر فيه سوق الإسكان ودعمت الحكومة ميزانيات الأسر، تبدو البنوك فى وضع أفضل بفضل مخصصات امتصاص الصدمات التى جنبتها البنوك بفعل التغيرات التنظيمية المتبناة بعد الركود الكبير.
ومع ذلك تبدو بعض مجالات القوة بعد الركود الكبير ضعيفة اليوم، وفى 2008، عانى الطلب على البترول صفعة مؤقتة من الأزمة ولكنه تعافى سريعا وكذلك أسعار البترول، ووصل سعر خام غرب تكساس إلى ذروته عند 80 دولار للبرميل فى أكتوبر 2009 وهو نفس الشهر الذى وصل فيه معدل البطالة الأمريكى %10، ولكن هذا لم يحدث فى الأزمة الحالية مع فيضان المعروض ونقص الطلب ومع عدم الإتفاق بين المنتجين على الإنتاج واحتمالات حلول السيارات الكهربائية محل مركبات البنزين فى السنوات المقبلة، وكانت المناطق المنتجة للبترول فى الولايات المتحدة أول المتعافين من أزمة 2008 ولكن على الأرجح لن يكونوا كذلك هذه المرة.
ورغم أن المدن الساحلية وأسواق عملها القوية كانت مصادر القوة بعد الركود الكبير، قد يكون الأمر معكوسا هذه المرة، فالشباب حديثى الخبرة الذين تدفقوا إلى المدن عالية التكلفة خلال العقد الماضى أصبحوا أكبر سنا الآن وقد يستغلون الأزمة للتخطيط لهجر المدن والذهاب إلى مناطق تكون فيها المنازل أرخص، كما أن الشركات بدلا من أن تتطلع إلى توظيف الجيل الجديد من خريجى الجامعات فى هذه المدن مرتفعة التكلفة، قد تستغل الأزمة للتشجيع على المزيد من العمل عن بعد أو تنقل الوظائف إلى المدن الأقل تكلفة.
وهذه الاتجاهات التى يمكن أن تظهر مع انحسار الصدمة الأولية فى مارس وأبريل وتعود البيانات الاقتصادية إلى التفاوت فى الأسابيع والأشهر المقبلة، وحتى إذا كان التعافى بطيئاً ومطولاً كما كان فى السنوات اللاحقة للركود الكبير، فإن الصناعات والمناطق التى تقود الولايات المتحدة إلى التعافى لن تكون مثل الأزمة الماضية.
يصعب مقاومة رغبة المرء فى مقارنة الماضى بالحاضر، لذا يعد النظر إلى أوجه الشبه بين الركود الاقتصادى الحالى والأزمة المالية العالمية فى 2008 أمرا طبيعيا خاصة بالنظر إلى المستويات المثيرة للقلق من البطالة والتراجعات فى الناتج الاقتصادى فى الواقعتين.
ولكن مع مررو أسوأ ما فى الأزمة الصحية – على الأقل حتى الآن – نرى أن هناك اختلافات كبيرة بين الركود الماضى والحالى، ونجد أن المراكز الملحمية للأزمة الماضية، وهى سوق الإسكان والموارد المالية للأسر والنظام المصرفى، تصمد بشكل أفضل حتى الآن.
أما مجالات القوة التى برزت بعد الركود الكبير، وهى قطاع البترول والعقارات الحضرية، تبدو أكثر ضعفا، وهذا يعود إلى اختلاف الأسس الاقتصادية مع دخولنا فى الأزمة وإلى الخيارات السياسية التى اتخذها الكونجرس وإلى التغير التكنولوجى.
ولا يوجد قطاع يجسد الاختلاف بين الأزمة الحالية والماضية أكثر من الإسكان، فرغم أن السوق إنهار فى مارس وأول أبريل مع صدور أوامر البقاء فى المنازل ما أفزع المستثمرين وذكرهم بحدة ومدة الانهيار منذ عقد مضى، فقد رأينا العديد من العلامات التى تشير على تعافى النشاط خلال الشهر الماضى، وقالت شركة سمسرة العقارات على الإنترنت «ريدفين» إن الطلب من قبل المشترين تعافى إلى مستويات ما قبل فيروس «كورونا»، وارتفعت طلبات الرهن العقارى للأسبوع الرابع على التوالى وتنخفض بنسبة %9.5 فقط على أساس سنوى.
والمجال الآخر الذى يتمتع بمقدار مذهل من الاستقرار حتى الآن خاصة بالنظر إلى مستويات البطالة المرتفعة هو الموارد المالية للأسر، وهو ما يعود جزئيا إلى قانون المساعدات والإغاثة والضمان الاجتماعى أثناء فيروس «كورونا» بقيمة 2 تريليون دولار الذى أصدره الكونجرس، وما بين شيكات الإغاثة لمرة واحدة التى ترسل للأمريكيين وبدلات البطالة البالغة 600 دولار فى الأسبوع، تم تعويض العاطلين، وخاصة فى الطرف منخفض الدخل، عن الدخل المفقود حتى الآن.
وفى الشهر المنتهى 13 مايو كان هناك تراجعا بنسبة %2.1 فقط فى نسبة الأسر التى دفعت الإيجار ما يعنى أن معظم الأسر كانت قادرة على دفع فواتيرهم، وهذه أنباء جيدة، ولكن من المهم أن نتذكر أن ملايين الأمريكيين ينتظرون الإغاثة مع مكافحة مكاتب البطالة فى التعامل مع فيضان الطلبات.
ولكن على عكس الأزمة المالية العالمية، لا يوجد تراكم مقلق لديون الأسر أو الرهن العقارى قبل الأزمة، وتمكنت السياسة المالية من سد الفجوة للأسر حتى الآن، وبالتالى هناك احتمالية بأننا سوف نتمكن من اجتياز هذه الأزمة دون موجة عالية من التعثر فى الرهن العقارية وإفلاس الأسر.
وفى نفس الوقت الذى استقر فيه سوق الإسكان ودعمت الحكومة ميزانيات الأسر، تبدو البنوك فى وضع أفضل بفضل مخصصات امتصاص الصدمات التى جنبتها البنوك بفعل التغيرات التنظيمية المتبناة بعد الركود الكبير.
ومع ذلك تبدو بعض مجالات القوة بعد الركود الكبير ضعيفة اليوم، وفى 2008، عانى الطلب على البترول صفعة مؤقتة من الأزمة ولكنه تعافى سريعا وكذلك أسعار البترول، ووصل سعر خام غرب تكساس إلى ذروته عند 80 دولار للبرميل فى أكتوبر 2009 وهو نفس الشهر الذى وصل فيه معدل البطالة الأمريكى %10، ولكن هذا لم يحدث فى الأزمة الحالية مع فيضان المعروض ونقص الطلب ومع عدم الإتفاق بين المنتجين على الإنتاج واحتمالات حلول السيارات الكهربائية محل مركبات البنزين فى السنوات المقبلة، وكانت المناطق المنتجة للبترول فى الولايات المتحدة أول المتعافين من أزمة 2008 ولكن على الأرجح لن يكونوا كذلك هذه المرة.
ورغم أن المدن الساحلية وأسواق عملها القوية كانت مصادر القوة بعد الركود الكبير، قد يكون الأمر معكوسا هذه المرة، فالشباب حديثى الخبرة الذين تدفقوا إلى المدن عالية التكلفة خلال العقد الماضى أصبحوا أكبر سنا الآن وقد يستغلون الأزمة للتخطيط لهجر المدن والذهاب إلى مناطق تكون فيها المنازل أرخص، كما أن الشركات بدلا من أن تتطلع إلى توظيف الجيل الجديد من خريجى الجامعات فى هذه المدن مرتفعة التكلفة، قد تستغل الأزمة للتشجيع على المزيد من العمل عن بعد أو تنقل الوظائف إلى المدن الأقل تكلفة.
وهذه الاتجاهات التى يمكن أن تظهر مع انحسار الصدمة الأولية فى مارس وأبريل وتعود البيانات الاقتصادية إلى التفاوت فى الأسابيع والأشهر المقبلة، وحتى إذا كان التعافى بطيئاً ومطولاً كما كان فى السنوات اللاحقة للركود الكبير، فإن الصناعات والمناطق التى تقود الولايات المتحدة إلى التعافى لن تكون مثل الأزمة الماضية.
بقلم: كونر سين
كاتب مقالات رأى لدى “بلومبرج”، ومدير محفظة فى شركة “نيو ريفر إنفيستمينتس”
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا