يخيم شبح الأسعار السلبية على سوق الطاقة منذ أكثر من شهر بعد الانهيار الذي لا يمكن نسيانه لأسعار النفط الأمريكي الذي هوت أسعاره دون الصفر.
واستطاع الخام أن يحقق تعافيا سريعا بعد توصل أكبر المنتجين لاتفاق للحد من الفائض، أما سوق الغاز الطبيعي البالغة قيمته 600 مليار دولار لا يزال متخم بالمعروض بشكل استثنائي.

محللون: الأسوأ لم يأتي بعد لسوق الغاز

ويتوقع المتداولون والمحللون، الذين تحدثوا لوكالة “بلومبرج”، أن الأسوأ لم يأتي بعد لسوق الغاز مع تراجع الطلب واقتراب السعة التخزينية من حدها الأقصي، ما يخلق الظروف المثالية لأسعار سلبية في بعض أجزاء العالم.
وتقول “بلومبرج”، إنه على عكس سوق النفط لا يوجد أي علامات على أي استجابة منسقة لمعالجة التخمة ما يعني أن الانهيار سوف يكون أعمق وأطول.
وقال جاي سميث، مدير تداول الغاز في المرفق السويدي “فاتنفال إيه بي”، إن القطاع يبدو وكأنه يسير نحو المجهول في ظل تراجع الطلب وارتفاع المخزونات، مضيفا أنه على المدى القصير هناك خطورة حقيقية بأن تمهد الأوضاع الطريق للأسعار السلبية في أوروبا.

كبار المشترين يرفضون الشحنات

ويستعد الوقود، المستخدم لتوليد الطاقة والحرارة والمادة الوسيطة في إنتاج المواد الكيماوية والأسمدة، لعاما صعبا بالفعل بعد الشتاء معتدل الحرارة الذي فاقم التخمة، ولكن تحولت الأحوال من سيء لأسوأ مع ضرب الوباء للطلب ما أجبر المشترين الكبار على رفض الشحنات، وفي نفس الوقت لم يكبح البائعين الكبار الإنتاج بقدر كافي.
وعندما انهارت أسعار النفط لوقت قصير في أبريل دون سالب 40 دولار للبرميل كان العامل الرئيسي هو نقص المساحة التخزينية لاستيعاب المعروض الفائض.
ويشير المتداولون والمحللون إلى أن أوروبا هي السوق الأول الذي سيصل إلى هذه المرحلة وسوف تتردد الأصداء إلى المشترين والبائعين من الولايات المتحدة إلى آسيا.

تراجع الأسعار دون الصفر في أوروبا

وقال هادريان كولينوا، خبير غاز في “وود ماكينزي”، إنه إذا تراجعت الأسعار دون الصفر في أوروبا فسوف يكون ذلك في بريطانيا حيث يتقيد السوق بالمساحة التخزينية التي بمجرد أن تمتليء قد تنخفض الأسعار دون الصفر.
وقال نيك بويس، محلل الغاز الطبيعي المسال في المرفق السويسري وشركة التداول “أكسبو جروب”، إن الأسعار في أوروبا قد تتراجع إلى المنطقة السلبية في العقود الفورية وليس المستقبلية.
ورجح أن احتمالية حدوث ذلك تزداد في أغسطس أو أوائل سبتمبر عندما يقابل أدنى طلب أعلى مخزون.
ويرى إدموند سياو، محلل في شركة الاستشارات السنغافورية “إف جي إي”، أن السعة التخزينية في أوروبا هي أكبر خطورة تواجه أسواق الغاز العالمية، وتوقع أن تصل للحد الأقصى في أغسطس.

وصول المخازن الأوروبية لأقصى سعة الشهر المقبل

ورغم أن بعض التقديرات تتوقع وصول المخازن الأوروبية لأقصى سعة لها خلال الشهر المقبل، يتوقع المحللون في “مورجان ستانلي”، و”بلاتس”، أنها ستمتليء في وقت أقرب، كما يرون أن انخفاض الأسعار دون الصفر احتمالية قائمة حتى إذا تم تجنب امتلاء المخازن إلى أقصى سعة.
وقال جوناثان ستيرن، زميل أبحاث بارز في معهد “أوكسفورد” لدراسات الطاقة، إن الأمر قد يتطلب فترة من الأسعار السلبية لجعل الموردين يقدرون مدى سوء الأوضاع قبل امتلاء المخازن عن آخرها.
وأشار المحللون والمتداولون الذين استطلعت وكالة “بلومبرج” آرائهم الشهر الماضي إلى أن هناك احتمالية أن تظهر الأسعار السلبية في أوروبا ولكن أغلبهم قالوا إن هذه الاحتمالية ضعيفة لأن الموردين سوف يستجيبون سريعا قبل أن تصل الأمور إلى هذا الحد.

تراجع المعروض

وبالفعل هناك علامات على أن المعروض يتراجع، فقد ألغى مشتري الغاز الطبيعي المسال عشرات الشحنات المقررة هذا الصيف، وفي نفس الوقت تراجعت الشحنات من دول مثل ماليزيا وبروني والنرويج الشهر الماضي الذي انتهت فيه سنوات نمو صادرات الغاز الطبيعي المسال.
وذكر سياو من “إف جي إي” أنه لم يكن هناك خفض كبير في المعروض يكفي لإعادة التوازن في السوق ومنع المزيد من الانحدار في الأسعار، فالتدفقات من روسيا، المصدر الأكبر، عبر خط أنابيب “يامال يوروب” تراجعت في نهاية مايو ولكنها ارتفعت مجددا الشهر الجاري.
وقال وزير الطاقة القطري الشهر الماضي إن “شيئا خاطئا كبيرا” سوف يحدث للسوق إذا توقفت الدولة عن بيع الغاز الطبيعي المسال بسبب انخفاض الأسعار.
ويتوقع روبرت سيمز، باحث في “وود ماك”، أن يتراجع استهلاك الغاز الطبيعي المسال الصيف الجاري بنسبة 2.7%، وهو أول انكماش موسمي منذ 2012.

أسعار أقل لوقت أطول

وقال نيكوس تسافوس، زميل بارز في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، لوكالة “بلومبرج” عبر البريد الالكتروني: “أتوقع أسعار أقل لوقت أطول، وقد نعلق في هذا التوازن السيء من انخفاض الأسعار بقدر كبير يحول دون جني مكاسب ولكن ليس منخفضة بما يكفي لتعزيز الطلب بقدر هائل”، وأضاف أنه لا يملك أي فكرة عن أرضية انخفاض الأسعار لأنه لم يشهد أسعار مثل تلك الحالية من قبل.

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا