أخبار

العريان: الصدمات الاقتصادية تحدث عندما يقود المال الاقتصاد

السيولة

قال الخبير الاقتصادي المصري، محمد العريان، إنه على مدى السنوات الـ 15 الماضية، اعتمد الاقتصاد الأمريكي على مزيج من التمويل العام والخاص، لزيادة معدلات السيولة بالأسواق المالية، وتعزيز أسعار الأصول ودفع النمو الاقتصادي، وفقا لـ “فاينانشال تايمز”.

وأضاف العريان، أن إتاحة الائتمان كانت تتم بشكل واسع من قبل القطاع الخاص في الأوقات الجيدة، إضافة إلى أن ضخ السيولة بأحجام هائلة من القطاع العام خلال الأوقات الأكثر صعوبة، تعد عملية متسلسلة ومتتابعة، ولكنها تطورت لتصبح متزامنة في وقت واحد، لينتج عنها زيادة ضخمة في مستوى قدرة الشركات على الاقتراض من المؤسسات المالية والمصرفية، وهو ما قوبل بالترحاب من قبل الأسواق، شجعه معظم الاقتصاديين حتى الآن، لكن الأمور ستصبح أكثر إشكالية، إذا لم يتم التحقق من صحة الاقتصاد الذي تقوده إدارة الخزانة العامة، من خلال النمو القوي الشامل والمستدام أيضًا.

العريان: تدخل القطاع العام في الاقتصاد جاء لتجنب الكساد

وقال العريان، “دعونا نبدأ بكيف وصلنا إلى الانفصال الكبير بين الأساسيات الاقتصادية والمؤسسية، والشهية المرتفعة للمخاطرة، من جانب كل من مقدمي ومستخدمي تمويل الديون”.

وأوضح، أنه في خضم الأزمة المالية العالمية عام 2008، كان ائتمان القطاع الخاص يعمل بكامل قوته، إلى جانب ازدهار إصدار السندات، كما كان هناك ارتفاع سريع في إصدار السندات، والتي أوجدت طرقًا جديدة لزيادة “الرافعة المالية” بميزانيات الشركات والأفراد، مع تقليل الحواجز أمام دخول الدائنين، لكن الأمور اتخذت مجرى خاطئا، نتج عنه زيادة ضخمة بمستويات المخاطرة.

وأضاف، أنه عندما أصبح الوضع في القطاع الخاص غير منظم من أجل تخفيض المديونية، كان على القطاع العام أن يتدخل ويفعل كل ما بوسعه لتجنب الدخول في حالة من الكساد، حيث ارتفعت الديون الحكومية والميزانية العمومية للاحتياطي الفيدرالي، مصحوبة بتأكيدات من المسؤولين بأن معدلات النمو سوف تنعكس بمجرد انتعاش النمو الاقتصادي.

العريان: انخفاض أسعار الفائدة شجع القطاع الخاص على الاقتراض

وأوضح العريان، أن الخروج من هذا النظام أصبح صعباً في سنوات ما بعد الأزمة، وجاءت محاولة سابقة لأوانها للحد من عجز الحكومة، وهو ما يخفض من معدلات النمو، مما يضيف إلى انعدام الأمن الاقتصادي لدى الأفراد، خاصة مع تدفق المزايا الناتجة عن النمو الهزيل، فقط إلى الشرائح الميسورة من المجتمع. وبدلاً من تقليل ميزانيته العمومية، لجأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى توسيعها، في انتظار أن يتسلمها أولئك الذين لديهم قدرة أكبر على تحقيق نمو اقتصادي حقيقي ودائم في سياسة اتسمت بالمراوغة.

وأشار إلى أنه في الوقت نفسه، اتجه القطاع الخاص إلى الاقتراض، حيث لم تشجع أسعار الفائدة المتدنية التي أقرها مجلس الاحتياطي الفيدرالي على تمويل التوسع التشغيلي ولكن أيضًا، وبصورة أكبر بكثير على شراء الأسهم، وتوزيع أرباح مرتفعة للأسهم، إلى جانب السعي وراء عمليات الدمج والاستحواذ، ثم جاءت صدمة وباء كورونا للاقتصاد والأسواق.

العريان: ارتفاع ميزانية المركزي الأمريكي إلى 7 تريليونات دولار خلال شهرين

وفي مواجهة تهديد جديد بالركود الاقتصادي، قال العريان، إن القطاع العام أصبح يميل إلى اتباع منهج “مهما كلف الأمر”، حيث انفجرت الميزانية العمومية للاحتياطي الفيدرالي، وتضاعفت تقريبًا إلى ما يقرب من 7 تريليونات دولار في أقل من شهرين، كذلك الاقتراض الحكومي الأمريكي، الذي ارتفع بنسبة 15 % إضافية من الناتج المحلي الإجمالي.

وأوضح العريان، أن أبعاد وحجم هذه السياسات كانت تعتبر في السابق أمر لا يمكن التفكير فيه، ولكن للتغلب على مخاطر حدوث خلل في السوق وتجميد عمليات الائتمان، أصبح بنك الاحتياطي الفيدرالي الآن لا يقوم فقط بضمان مخاطر السيولة ومخاطر الائتمان للشركات عالية الجودة، بل أيضًا يضمن مخاطر التخلف عن السداد في سوق السندات غير المرغوب فيها، حيث تضمنت الإجراءات المالية لمواجهة آثار وباء كورونا، إرسال شيكات معونة نقدية إلى الأسر الأمريكية، كجزء من جهود الإغاثة واسعة النطاق.

العريان: أسواق المال الأكثر استفادة من إجراءات مواجهة كورونا

وقال العريان، إن الأسواق المالية استفادت من التأثير الفوري لهذه الجهود، وسجل إصدار سندات الشركات أرقاماً قياسيةً جديدة، وكذلك تدفقات أموال المستثمرين إلى أسواق الائتمان، على الرغم من انخفاض العائدات بشكل كبير، والتي تضمن التأثير غير المباشر، وإصدار سندات من الأسواق الناشئة بأكثر من 300 مليار دولار في الأشهر الخمسة الأولى من العام، متجاوزة المستويات المسجلة بنفس الفترات في عامي 2018 و2019.

وأكد العريان، أن الارتفاع الكبير في الرافعة المالية سيثبت جدواه، وستعتبر مستويات الدين هذه يمكن تحملها، فقط في حالة انتعاش النمو الاقتصادي بسرعة. وطبقا لهذا السيناريو، يمكن اعتبار استخدام الشركات والدول للديون في تعزيز الاحتياطيات النقدية وتعويض النقص الكبير في الإيرادات، طريقة حكيمة لتجنب مشكلات السيولة المؤقتة التي قد تتحول إلى مخاطر ملاءة مالية، ولكن إذا جاءت معدلات النمو مخيبة للآمال، فسوف يتعين على الاقتصاد والأسواق، التعامل مع عبء الديون الكبير، والذي سينتج عنه مشاكل أكبر للبنك المركزي في الأسواق، إلى جانب آفاق نمو أقل.

العريان: التخلص من الديون ليس حلا لتعزيز النمو

وأضاف العريان، أنه بالنظر إلى أن هذا الانتعاش الاقتصادي، يعتبر ناشئاً ويخضع لحالة من عدم اليقين، فإن الحل ليس سرعة التخلص من الديون من قوائم الميزانية العمومية، ولكن عوضاً عن ذلك، تظهر الحاجة إلى التطور، حيث يجب أن تضمن الحكومات وجود أساس قوي للنمو المرتفع والمستدام، الذي يفيد كل الطبقات وليس فقط الأغنياء في المجتمع، كما يجب أن يكون المستثمرون أكثر انضباطًا، من حيث تقليل التعرض لمخاطر الإفلاس وخسائر رأس المال، كما أن الشركات تحتاج إلى مقاومة إغراء استخدام الديون، في زيادة التدابير المالية وارتفاع الأجور للوظائف التنفيذية.

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

صندوق النقد: مستمرون في دعم مصر ولم نحدد موعد المراجعة المقبلة

أكدت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي، جولي كوزاك، خلال مؤتمر...

منطقة إعلانية