مقالات

احذروا أيها المشترون.. فمخزونات البترول لا تزال هائلة

كمية البترول المخزنة التي يجب التخلص كافية لتسيير كل شاحنة ثقيلة فى أمريكا حول العالم 5 مرات

ما يقلق «أوبك بلس» أن تحركاتهم كانت ناجحة لدرجة أن الخام الأمريكي عاد إلى مستوى يشجع منتجي البترول الصخري

هل تتذكرون أسعار البترول السلبية، والخوف من أن جميع مخازن البترول ستصل إلى حدها الأقصى؟
يبدو هذا الأمر منذ وقت بعيد فى ظل وصول خام غرب تكساس فى الوقت الحالي إلى 40 دولارا للبرميل وتحول تراكمات المخزون للاتجاه المعاكس، ويبدو أن التحذير الذي أرسلته رحلة الأسعار إلى ما دون الصفر تم الانتباه له، وتم خفض إنتاج البترول، وزالت الأزمة.
ولكن إذا كنت تأمل فى تعافى على شكل حرف «V» فى الطلب على البترول، فيتعين عليك النظر بعيدا إلى حد ما.
ونشرت وكالة الطاقة الذرية أحدث تقارير آفاق سوق البترول الأسبوع الماضي، وقدمت توقعاتها الفصلية حتى نهاية 2021 لأول مرة على الإطلاق، ولا تعتقد الوكالة الدولية أن الطلب سوف يتعافى بشكل كامل فى ذلك الوقت، وتتوقع فى الربع الأخير من العام المقبل أن يكون الطلب على البترول عند 2 مليون برميل يوميا، أي دون مستويات الطلب قبل الوباء أو أقل بأكثر من %4 مما كان ليكون عليه بدون الجائحة.
وقد لا تبدو تلك النسبة كبيرة بالنظر إلى الأعماق التي نخرج منها، ولكن ستكون لها تداعيات كبيرة على سوق البترول والقطاع بأكمله.
وتساعدنا إلقاء نظرة على المدى الأقرب، فى تفسير لماذا سيأخذ التعافى وقتا. ورغم أن توقعات الدمار الذي ستلحق بالطلب الربع الحالي، أصبحت أقل كآبة مما كانت الشهر الماضي مع تخفيف الإغلاقات الاقتصادية.. إلا أن ذلك هو الجزء السهل. أما آخر %10 أو نحو ذلك من الطلب المفقود سيكون من الصعب استعادته.
وبالفعل عززت وكالة الطاقة الدولية تقديراتها للطلب العالمي على البترول فى الربع الثاني ولكن بمقدار كم؟
فى الأوقات الطبيعية كان الرقم ليكون ضخما عند 2.1 مليون برميل يوميا، ولكنها لا تزال تتوقع تراجعا على أساس سنوي يقترب من 18 مليون برميل يوميا أو %18، وهذا هو أكبر تراجع فى الطلب على البترول على الإطلاق بفارق كبير عن التراجع بنسبة %3.4 خلال أسوأ ربع من الأزمة المالية العالمية فى 2008/ 2009.
وما له تداعيات ضمنية أخرى، أن التعافى يتباطأ بحدة من الربع الثالث وما بعده.
وحتى الآن أدت عودة الطلب المصحوبة بتخفيضات الإنتاج من قبل مجموعة «أوبك بلس» والمنتجين من خارج المجموعة – بما فى ذلك الولايات المتحدة – إلى جلب العرض والطلب فى سوق البترول على الأرجح إلى التوازن وسوف تبدأ المخزونات فى التآكل فى النصف الثاني من العام.
ولكن كمية البترول المخزنة التي يجب التخلص منها قبل أن تكون هناك مساحة للمنتجين لزيادة الإنتاج ضخمة للغاية، فقد ذهبت كميات كبيرة من الخام الأسود إلى حاويات التخزين والكهوف والسفن على مدار الستة أشهر الماضية والكافية لتسيير كل شاحنة ثقيلة فى الولايات المتحدة حول العالم خمس مرات إذا تم تحويلها إلى وقود الديزل.
وبنهاية الشهر الحالي، من المتوقع أن تصل المخزونات العالمية إلى أعلى ما كانت عليه أواخر 2013 بمقدار 2.7 مليار برميل، وهو ما يعادل تقريبا أربعة مرات الفائض المشهود بعد أول طفرة للبترول الصخري فى أوائل 2017 عندما انهارت أسعار البترول باتجاه 25 دولارا للبرميل.
وهذه نقطة مقارنة هامة، لأنه فى ذلك الوقت أدركت السعودية والآخرون أن منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» ليس بإمكانها إدارة سوق البترول وحدها، وتم إنشاء مجموعة «أوبك بلس» لجلب مزيد من المنتجين – بما فيهم روسيا – إلى الطاولة.
وكان تعاونهم حتى الآن سلسا، ولكن ما يقلق المجموعة، أن تحركاتهم أثناء الوباء كانت ناجحة لدرجة أن خام غرب تكساس عاد إلى المستوى الذي سيشجع منتجي البترول الصخري على البدء فى الضخ مجددا.
ورغم أن ذلك السعر ليس مرتفعا بما يكفى لحفرهم آبارا جديدة، فإنه كاف لإعادة تشغيل بعض الآبار المغلقة فى أعماق أزمة الوباء. وحتى البدء فى التكسير الهيدروليكي لبعض الأبار التي حُفرت بالفعل ولكن لم تستكمل.
ولا عجب إذا أن السعودية ضغطت على الأعضاء فى مجموعة «أوبك بلس»، الذين فشلوا خلال مايو فى الالتزام بمستويات الخفض المستهدفة وتعويضها بتخفيضات أعمق فى الشهور المقبلة.
وجددت هذه الضغوط عندما اجتمعت لجنة المراقبة الأسبوع الماضي، وستواصل إدارة هذا الاتفاق لشهور عديدة مقبلة لاستنزاف هذه الحاويات المليئة بالبترول.

بقلم: جوليان لى

استراتيجى البترول فى وكالة أنباء «بلومبرج»

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

رئيس الوزراء: 27% انخفاضا في أسعار السلع الأساسية حتى الآن

تراجعت أسعار السلع الأساسية في السوق المحلية، التي تتضمن الزيت...

منطقة إعلانية