قد يفكر المرء فى ضوء المظاهرات التى وقعت، مؤخراً، بالمدن الإيرانية، أن حكومة الرئيس دونالد ترامب تريد أن تربط إعادة فرض العقوبات، يوم الاثنين الماضى، بمناضلات حركة التحرر فى إيران.
فبعد كل شىء، تحدث وزير الخارجية، مايك بومبيو، الشهر الماضى، بالتفصيل عن فساد النظام الحالى فى طهران خلال خطاب بمكتبة ريجان فى كاليفورنيا.
وفى مايو، طبقت وزارة الخزانة عقوبات على سجن أيفن، وهو البرج الحصين؛ حيث يذهب العديد من المتظاهرين والنشطاء بعد إلقاء القبض عليهم، وباعتباره مسئولاً أمريكياً كبيراً، فقد صرح للصحفيين، صباح يوم الاثنين الماضى، بأن «الشعب الإيرانى لا يجب أن يعانى بسبب طموحات الهيمنة لنظامه الحاكم».
ومع ذلك، فإن العقوبات الجديدة التى أعلنت عنها وزارة الخزانة هى أسلحة صريحة تعاقب الاقتصاد الإيرانى بأكمله، مقابل إجراءات ضئيلة تعاقب النظام، فهى تمنع أى طرف ثالث من التعامل مع الكيانات الإيرانية فيما يخص الذهب والمعادن النفيسة والألومنيوم والصلب والفحم، كما أنها تمنع أى مبيعات جوية تجارية إلى إيران. وهذه العقوبات بلا شك سوف تزعزع اقتصاد إيران المتداعى بالفعل، وسوف تحقق هدفاً مهماً يحرم خزانة إيران من الأموال التى تستخدمها فى دعم قواتها بالوكالة بسوريا ولبنان واليمن، ولكن خلال هذه العملية، سيعانى الإيرانيون العاديون، كذلك، لذا فقد عارض الكثير من المناهضين للنظام، مثل شيرين عبادى، الحاصلة على جائزة نوبل، هذه العقوبات من قبل.
ويتعين على الولايات المتحدة التفكير فى بدائل تستهدف النظام بشكل أكثر تحديداً، وأحد تلك البدائل التى يدعمها مناصرو الديمقراطية الإيرانيون هو إعادة فرض العقوبات على إذاعة جمهورية إيران الإسلامية، وهى المؤسسة التى تسيطر على دعاية النظام داخلياً وخارجياً، وعادت هذه المنظمة إلى قلب الأنباء مجدداً، الشهر الحالى، لنشرها اعترافاً جبرياً لمراهقة نشرت فيديو ترقص فيه دون وضع حجاب الرأس.
ووقع أكثر من 50 معارضاً إيرانياً يقيمون بالخارج التماساً يطلبون فيه من واشنطن إعادة فرض العقوبات على الإذاعة، وعنما سألت مسئولاً أمريكياً رفيع، يوم الاثنين الماضى، إذا كانوا سيفعلون ذلك، فأصيب المسئول بحالة من الإنكار، وقال «إذاعة جمهورية إيران الإسلامية تخضع لعقوبات بالفعل، وليس لدىَّ تعليقات بخلاف ذلك».
وهذا حقيقى ولكن ليس بقدر كافٍ، فبالفعل تخضع الإذاعة لعقوبات منذ 2012، ولكن منذ 2013، قامت وزارة الخارجية الأمريكية بتخفيف هذه التدابير، ويرجع ذلك جزئياً إلى اتفاق أبرمته إيران مع حكومة باراك أوباما تتوقف الدولة بموجبه عن التشويش على شبكات الأقمار الصناعية الأخرى مقابل تخفيف العقوبات على مؤسسة الإذاعة.
وتعد ملاحقة إذاعة جمهورية إيران أحد الطرق التى يمكن أن يوازى بها الرئيس سياسات حكومته مع الانتفاضة الحالية فى إيران، فعلى سبيل المثال، كان يمكن لترامب أن يكرر ما قاله بومبيو، الأسبوع الماضى، عندما أوضح شروط مقابلته للرئيس الإيرانى، حسن روحانى وأن يطالب بأن تجرى طهران «تغييرات جوهرية» فى تعاملها مع شعبها.
وكبداية جيدة يمكن دعم إطلاق سراح المسجونين السياسيين مثل عبدالفتاح سلطانى، محامى حقوق الإنسان الذى تم إطلاق سراحه مؤقتاً، الشهر الجارى، لحضور جنازة ابنته، كما يجب أن تدعم الولايات المتحدة مطالبات المعارضين بإجراء استفتاء على سلطات المرشد الأعلى لإيران.
وبالتأكيد مطالبة ترامب بإصلاحات محلية لن تدفع النظام فوراً للتحرك، ولكنها ستكون إشارة مهمة للشعب الإيرانى، الذى أصبحت حياته أصعب بعد إعادة فرض العقوبات، وبجانب ذلك، يتعين على الحكومة الإعلان عن أسماء المعتقلين فى مظاهرات، الأسبوع الماضى، وأن تفرض حظر سفر وتجميد أصول على كبار المسئولين الأمنيين الذين أمروا بهذه الاعتقالات.
وينبغى، أيضاً، استهداف شركة الاتصالات الإيرانية، التى تلعب دوراً كبيراً فى قمع المعارضة، وكما أظهرت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، فإنَّ المرشد الأعلى، على خامنئى، وقوات الحرس الثورى، يسيطرون بفاعلية على شركة الاتصالات التى اشترت فى 2012 تكنولوجيا قوية من الصين تسمح لها بمراقبة اتصالات النشطاء، وسيؤدى استهداف الشركة إلى الضغط على شركات التكنولوجيا فى أوروبا وغيرها لقطع علاقتهم مع الشركة الإيرانية.
ومثل هذه الإجراءات ليس هدفها جعل حكومة «ترامب» تشعر شعوراً أفضل، وإنما تساعد على الوفاء بوعود ترامب وبومبيو الخاصة بتضامنها مع الشعب الإيرانى.
وعلى الرغم من الصعاب أمامهم، يواصل الإيرانيون من كل الدروب التظاهر ضد النظام، وهم أفضل حلفاء للعالم الغربى فى مواجهة النظام الذى يسعى لإرهاب جيرانه وإخضاعهم له.
بقلم: إيلي ليك
كاتب مقالات فى «بلومبرج»
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا