تشهد صناعة السيارات نقصاً حاداً في سلاسل الإمداد بأشباه الموصلات، وهو ما تسبب في تباطؤ عمليات الإنتاج وتوقف حركة المصانع خلال النصف الأول من العام.
ورغم هذه الأزمة إلا أن شركات صناعة السيارات والشركات الموردة حققت نتائج جيدة فاقت التوقعات في الستة أشهر الأولى من العام.
بدأت أزمة نقص الرقائق منذ نهاية عام 2020، حيث بات من الصعب العثور على هذه الرقائق الإلكترونية الضرورية لتجميع السيارات.
نتيجة لهذا، اضطرت شركتا مرسيدس وبي إم دبليو لتعليق نشاط العديد من مصانعهما موقتا، وحذرت شركة جاجوار-لاند روفر من أن النقص قد يؤدي إلى انخفاض مبيعاتها إلى النصف في الربع الثالث من العام.
أما فولكسفاجن، قالت يوم الخميس الماضي، إن احتمالات انقطاع إمدادات أشباه الموصلات ازدادت في قطاع صناعة السيارات، ولذلك، خفضت فولكسفاغن توقعات مبيعاتها في الأسواق.
وقال المدير المالي للمجموعة الألمانية أرنو أنتليتز: “نجحنا في الحد من عواقب هذا النقص حتى الآن، لكننا نتوقع تأثيرات أكثر وضوحا في الربع الثالث”.
هذا في حين أغلقت شركة فورد موقتا بعض مصانعها، ولكن في الوقت نفسه، استفادت من الطلب القوي على سياراتها وشاحناتها الصغيرة والكبيرة من أجل تحسين الإيرادات والأرباح.
وتبنت المجموعة سياسة تسويقية جديدة جاءت عبر خفض العروض الترويجية والتركيز على المركبات الأكثر ربحية، وارتفع متوسط سعر مركباتها في أميركا الشمالية بنسبة 14% على أساس سنوي.
من جانبها، أجلت شركة نيسان إطلاق سيارة أريا الكهربائية بالكامل بسبب مشكلة نقص الرقائق، لكنها لم تغير هدف مبيعاتها السنوية.
بينما شركة الملياردير الأمريكي إيلون ماسك “تيسلا”، فصممت برامج لاستخدام مكونات جديدة لتعويض إنتاج نقص الوسائد الهوائية والأحزمة.
ما هي تداعيات أزمة نقص الرقائق على قطاع السيارات ؟
ثمة توقعات أن الأزمة ستسمر لمدة عامين، وبالتبعية ستواجه سلاسل التوريد مخاطر شديدة، كما أن هذا النقص سيكون له عواقب على سوق السيارات المستعملة التي ترتفع أسعارها مع ارتفاع الطلب.
وقال فرديناند دودنهوفر مدير مركز “أوتوموتف ريسيرتش” للبحوث المتعلقة بالسيارات: “وصلنا إلى ذروة الأزمة، لكن لن تحل المشكلة بحلول نهاية العام 2021 وقد تستمر حتى العام 2023”.
أضاف لوكالة فرانس برس، أن الوضع سيتحسن بمجرد أن تصبح القدرات الإنتاجية الجديدة متوافرة.
وتوقع الخبير أن يتسبب النقص بتراجع الإنتاج 5.2 مليون سيارة هذا العام وانخفاض حاد في عمليات التسجيل في النصف الثاني من العام، مع فترات انتظار أطول وأسعار أعلى للمشترين.
وتابع: “الوكلاء باعوا مخزونهم وسيتعين عليهم إعادة تكوينه شيئا فشيئا”.
وقال دوندهوفر إن القطاع يجب أن يتنبه إلى نقص آخر، موضحًا أنه مع الارتفاع الحاد غير المتوقع في مبيعات السيارات الكهربائية منذ 2020، قد تبدأ وحدات البطاريات النفاد اعتباراً من عام 2023.
وتمكنت شركة فاليو المصنعة للمعدات والتي تستخدم 50 مليار مكون إلكتروني سنويا، في الوقت الحالي من عدم إعاقة عملية إنتاجها عن طريق نقل مكونات من مصانعها الأفضل تجهيزا على سبيل المثال.
وقال المدير المالي للشركة الفرنسية روبير شارفييه: “كلما كنا نجد مكونات إلكترونية، كنا نشتريها ونخزنها”. وترى فاليو أيضا أن الأزمة تتراجع لكنها ستستمر حتى العام 2022.
الاعتماد على تنويع المصادر ومتابعة سلاسل التوريد
في اتجاه موازِ، يعيد مصنعو السيارات والمعدات تقييم سلسلة التوريد الخاصة بهم بهدف التحكم بها بشكل أفضل، من خلال تنويع المصادر إن أمكن .
وقال نيلز بول من الاتحاد الأوروبي لمصنعي المعدات. إن بعض مصنعي السيارات ينسقون بشكل أفضل مع مورديهم، والبعض الآخر يمارسون ضغطا عليهم.
ولفتت ماتيلد أوبري أستاذة الاقتصاد في كلية إي إم نورماندي لإدارة الأعمال، إلى أن قطاع السيارات قد يكون أداؤه أفضل من غيره، متوقعة أن الأزمة لن تستمر طويلاً.
ومن جانب آخر، تعتزم الحكومة الأميركية استثمار 52 مليار دولار لتقليل اعتمادها على آسيا.
وشرحت أوبري أن أوروبا تحاول الآن إعادة معظم الرقائق الأصغر إلى الوطن، لأنها ضرورية في القطاعات الفائقة الإستراتيجية المرتبطة بالصحة والأمن.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا