مقالات

هل يستحق عالم العملات المشفرة تقييم 3 تريليونات دولار؟

إذا اختار شخص الاستثمار فى العملات المشفرة بنسبة %0.5 أو %5 أو أى شيء بينهما، فلن يكون لديّ تعليق لكن اعتقد أنه من الصعب الدفاع عن صفر أو أكثر من %5، واليوم، العملة المشفرة تمثل حوالى %3 من إجمالى قيمة الأسهم العالمية.

الطريقة الثانية للتعامل مع قيمة العملة المشفرة هى اعتبارها اقتصادا منفصلا، وفى 2013 توقعت أن يمثل التشفير %2 من إجمالى الاقتصاد فى 10 سنوات.. لذلك، احتفظت بـ %2 من محفظتى مخصصة للعملات المشفرة.

تجاوزت القيمة الإجمالية لجميع أصول العملات المشفرة 3 تريليونات دولار، وفقا لـ»بلومبرج نيوز»، وهو رقم كبير لدرجة أنه يحتاج إلى بعض السياق ليكون ذا مغزى، ولنأخذ على سبيل المثال شركة «مايكروسوفت كورب» و»أبل إنك»، اللتين بلغا رأسمالهما السوقى 2.5 تريليون دولار أمريكى فى الآونة الأخيرة، لذا، فإن قطاع التشفير بأكمله أكثر قيمة بحوالى %20 من حقوق ملكية أكبر شركتين تكنولوجيتين.

بلغت دورة الصعود السابقة للعملات المشفرة ذروتها فى نهاية عام 2017 عند حوالى 800 مليار دولار، وكان ذلك أيضا أعلى بنسبة %20 تقريبا من «مايكروسوفت» و»آبل» فى ذلك الوقت.

وخلال العام التالى، انهارت العملات الرقمية بنسبة %90 تقريبا، فى حين لم تتغير «مايكروسوفت» و«أبل» ومؤشر «ناسداك 100» كثيرا، وبحلول ديسمبر 2018 ، كانت قيمة العملة المشفرة تزيد قليلا عن %10 مقارنة بأكبر شركات التكنولوجيا، ولكن على مدى السنوات الثلاث التالية، استردت العملة المشفرة المكاسب وعادت إلى ذروتها مقارنة بشركات التكنولوجيا.

من الصعب تحليل تقييم العملة المشفرة لكن هناك ثلاث طرق رئيسية: الأول هو اعتبار القطاع مثل شركة تكنولوجية لديها الآلاف من أفكار التشفير التى تولد خدمات مفيدة، بعضها خدمات تقليدية، مثل الخدمات المالية من نظير إلى نظير والعقود الذكية، ويمكن القول بلا جدل إن العملات المشفرة تقدم خدمة أرخص وأفضل من التمويل المركزى، البعض الآخر عبارة عن خدمات جديدة تماما للمستخدم النهائى، أى من عملة مشفرة إلى أخرى، أى أنها لا تقدم خدمة مباشرة للمستخدم لكنها تسمح له بالعمل بشكل أفضل.

كيف يمكن مقارنة القيمة المستقبلية الإجمالية لجميع خدمات التشفير المقدمة للمستخدمين النهائيين بالإيرادات المستقبلية المحتملة لشركة «أبل» و»مايكروسوفت»؟

أود أن أقول إن إمكانات التشفير أكبر بكثير من أى شركة واحدة اليوم، لكن المخاطر أعلى بكثير، وقد لا تحقق العملات المشفرة أبدا أرباحًا كبيرة للمستثمرين، بينما تحقق «أبل» و»مايكروسوفت» عائدات وأرباح كبيرة، وهذه الشركات لديها أيضا موظفين وأصول، وتاريخ تطوير أعمال جديدة ذات قيمة، وحتى إذا استمر نمو التشفير، فقد يستفيد من القيمة المستخدمون والمطورون، وليس الأشخاص الذين يمتلكون العملات اليوم، وقد تجبر التنظيمات مستثمرى العملات المشفرة على جنى الأرباح من خدمات التشفير وليس العملة التقليدية.

على أى حال، لتبنى وجهة النظر تلك، يجب أن تكون متفائلا كى تحب العملات المشفرة بأسعارها الحالية، وتقترب نسبة السعر إلى الأرباح لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» من أعلى مستوياتها على الإطلاق، ووصلت تقييمات شركات التكنولوجيا على وجه الخصوص إلى السماء، وتباع العملات المشفرة بأعلى نسبة لها على الإطلاق مقارنة بأكبر شركات التكنولوجيا، علاوة على ذلك، لم تكن هناك أخبار سارة واضحة تبرر ارتفاع العملات المشفرة لهذا الحد، وما لم تكن متأكدًا من أن الارتفاع «هذه المرة مختلفا»، فمن المحتمل أن تعود قيم التشفير إلى مستوياتها المنخفضة، وهذا لا يعنى وقوع انهيار، لكنه قد يعنى سنوات من العوائد المتواضعة، ورغم وجود الكثير من الأصول المشفرة التى تعد استثمارات واعدة، لكن استنادا على الخدمات الحقيقية المقدمة إلى المستخدمين النهائيين الحقيقيين، من الصعب رؤية الكثير مما يبرر المزيد من الصعود على المدى القصير للقيمة الأساسية لعالم التشفير بأكمله.

الطريقة الثانية للتعامل مع قيمة العملة المشفرة هى اعتبارها اقتصادا منفصلا، هذا ما فعلته فى عام 2013 عندما

توقعت أن يمثل التشفير %2 من إجمالى الاقتصاد فى 10 سنوات، لذلك، احتفظت بـ %2 من محفظتى مخصصة للعملات المشفرة، وأشترى عندما تكون الأسعار منخفضة وأبيع عندما تكون مرتفعة، وعلى مدى السنوات التى جنيت فيها أرباحا ارتفعت ثروتى الآن بنسبة %40، وإذا هبط عالم التشفير إلى الصفر غدا، فأنا ما زلت أغنى بنسبة %38، من ناحية أخرى، إذا استمرت العملة المشفرة فى الارتفاع، فإننى أحقق أرباحا كافية حتى لا أشعر بالندم، وكلما قل يقينك بشأن قيمة شيء ما، كلما زادت أهمية اختيار القيمة والالتزام بها، ومن الأفضل بكثير تخمين قيمة خاطئة وخسارة بعض المال بدلا من الشراء عندما تكون العملات المشفرة ساخنة، والبيع عند انهيارها.

كان رقم %2 مجرد تخمين، وكتبت فى ذلك الوقت أنه إذا اختار شخص ما %0.5 أو %5 أو أى شيء بينهما ، فلن يكون لديّ تعليق – لكننى اعتقدت أنه من الصعب الدفاع عن صفر أو أكثر من %5، واليوم، العملة المشفرة تمثل حوالى %3 من إجمالى قيمة الأسهم العالمية، لذلك كنت أبيع مع وصولها لهذا الارتفاع، لكن الشخص الذى يرى مستقبلًا أكبر للعملات المشفرة قد يجد أن سعرها معقولا، أو حتى مقومة بأقل من قيمتها.

نهج التقييم الرئيسى الثالث للعملات المشفرة هو اعتبارها بديل للنظام المالى التقليدى، ومن هذا المنظور، تبلغ قيمة العملة المشفرة 3 تريليونات دولار لأن الدولارات أصبحت أقل قوة مما كانت عليه من قبل، وليس لأن التشفير قد تطور بشكل أفضل من المتوقع بل لأن التواجد القوى فى عالم العملات المشفرة له جاذبية واضحة بالنظر إلى العالم اليوم الذى يواجه فيه الاقتصاد مشاكل حادة فى العودة للعمل، وأحداث جيوسياسية مقلقة، وسياسات وحكومات تبدو مختلة وظيفيا، وتهديدات الولايات المتحدة بالقمع المالى ومصادرة الأصول والسياسة النقدية والمالية الفضفاضة للغاية فى الولايات المتحدة وأماكن أخرى رغم التضخم الأسرع.
استراتيجيتى الشخصية هى الاحتفاظ بنسبة %2 مخصصة للعملات المشفرة دون القلق بشأن التقييم، ولكن يجادل المتفائلون بأن العملة المشفرة يمكن أن ترتفع من هنا، وحتى الشركات التكنولوجيا الكبيرة بشكل عام، من خلال الاستمرار فى تطوير الأفكار وتقديم خدمات مفيدة للمستخدمين النهائيين.
وثمة حجج أيضا للمتشائمين تتمثل فى أن التقييمات التقليدية العالية للأصول والعملات التقليدية الضعيفة والمؤسسات المالية تجعل العملة المشفرة تستحق أسعارها المرتفعة.
ليست لدى أى فكرة عما إذا كان اليوم هو ذروة العملة المشفرة لدورة السوق هذه، ولكن يبدو أنه وقت سيئ بشكل خاص للتعرض لها أو تجاهلها.

بقلم: آرون براون

مدير إدارى سابق ورئيس أبحاث الأسواق المالية فى «إيه كيو آر كابيتال ماندجمنت»

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

البنك الأهلي يستحوذ على 24% من رأسمال “هايد بارك” العقارية

استحوذ البنك الأهلي المصري على حصة البنك العقاري المصري العربي...

منطقة إعلانية