ملفات

«ذى إيكونوميست»: 3 تهديدات للانتعاش الاقتصادى العالمى

الاقتصادى العالمى

يمكن أن تكون الأخبار المتعلقة بالوباء أفضل مع اقتراب الذكرى السنوية الثانية لظهوره، إذ أثار ظهور سلالة «أوميكرون» الجديدة موجة من البيع فى الأسواق المالية وذلك على ما يبدو بسبب القلق من أن هذه السلالة قد تؤدى إلى انتكاسة التعافى الاقتصادى العالمى.

ومع ذلك، حتى لو ثبت أن «أوميكرون» يمكن إدارته، فإن عام 2022 سيكون على الأرجح صعباً اقتصادياً، إذ تسحق الدول بين قوتين اقتصاديتين هائلتين، وهما السياسة النقدية الأمريكية الأكثر تشدداً ونمو اقتصاد الصين البطئ.

تخيم القوتان الأمريكية والصينية على الاقتصاد العالمى، و يمثل الاقتصادان سوياً %40 من الناتج المحلى الإجمالى العالمى وفقاً لأسعار صرف السوق.

ويميل العملاقان إلى التأثير على الاقتصادات الأخرى بطرق مختلفة، وفقاً لمجلة «ذى إيكونوميست» البريطانية.
ويعتبر النمو الأمريكى القوى سيفا ذو حدين بالنسبة لدول ناشئة كثيرة، فغالباً ما يلقى التأثير التوسعى لإنفاق الأسر بظلاله على تأثير سياستها النقدية بالنظر للدور الحاسم للسندات الدولارية وسندات الخزانة فى النظام المالى العالمى.
وغالباً أيضاً ما ترتبط السياسة النقدية الأمريكية الأكثر تشدداً بانخفاض الرغبة فى المخاطرة العالمية، إذ تميل تدفقات رأس المال المتجهة نحو الأسواق الناشئة للانحسار، كما تخفض قوة الدولار التدفقات التجارية بسبب دور العملة فى الفواتير التجارية.
كان تأثير الصين على العالم أكثر وضوحاً، فهى أكبر مستهلك لسلع عديدة منها ألومنيوم والفحم والقطن وفول الصويا فى العالم، كما أنها مستورد رئيسى لسلع تتراوح من المعدات الرأسمالية إلى النبيذ، وعند تعثرها يشعر المصدرون حول العالم بالألم.
لن يكون العام المقبل هو المرة الأولى التى تضطر فيها الاقتصادات للإبحار فى المياه الغادرة بين الخطرين، فقد تعرضت الأسواق الناشئة الضعيفة فى منتصف عام 2010 لضغوط بسبب ارتفاع الدولار، وسحب الاحتياطى الفيدرالى الدعم النقدى المقدم خلال الأزمة المالية العالمية، بينما أدت جولة مدارة بشكل سئ من تحرير الأسواق المالية وتشديد الائتمان إلى ركود اقتصاد الصين.
وتراجع النمو الاقتصادى فى الأسواق الناشئة، باستثناء الصين، من %5.3 فى عام 2011 إلى %3.2 فقط فى عام 2015.
يمكن أن يكون الضغط هذه المرة أكثر إيلاماً، ففى عقد 2010، أجبر الانتعاش الضعيف والتضخم المنخفض بعناد الاحتياطى الفيدرالى على التباطؤ، كما مضى أكثر من عامين ونصف بين إعلان الفيدرالى نيته تخفيض مشترياته من الأصول وأول ارتفاع فى أسعار الفائدة.
على النقيض من ذلك، هذه المرة من المرجح أن تتضمن الأشهر الـ12 التالية لإعلان الفيدرالى عن خطته لبدء خفض مشترياته من الأصول تدريجياً فى نوفمبر وقفاً تاماً لشراء السندات وزيادتين على الأقل فى أسعار الفائدة.
من جانبها، يبدو أن الصين معرضة لخطر الركود الشديد اليوم أكثر مما كانت عليه قبل نصف عقد، وبالتالى استجابت الحكومة لتباطؤ النمو بفتح صنابير الائتمان، ما ساعد على إعادة تضخيم فقاعة الإسكان.
ومنذ ذلك الحين، أصبحت قيمة سوق العقارات أكبر من اللازم وارتفعت أعباء ديون الأسر والشركات.
ويوجه المسؤولون الاقتصاديون الآن تحذيرات منتظمة تنذر بالسوء بشأن التعديل المقبل، ورغم أن صندوق النقد الدولى لا يزال يتوقع نمو الصين بنسبة %5.6 فى عام 2022، فإن ذلك سيكون- باستثناء بيانات عام 2020 أدنى معدل منذ عام 1990.
فى الوقت نفسه، يشير تحليل الحلقات السابقة من إجراءات تشديد الاحتياطى الفيدرالى للسياسة النقدية إلى ارتفاع أسعار الفائدة الذى يحفزه الطلب الأمريكى القوى مفيداً بشكل متواضع بالنسبة للاقتصادات الناشئة على أساس اقتصادى كلى سليم، لكنه قد مزعزعاً للاستقرار بالنسبة للاقتصادات الأكثر هشاشة.
حتى يتم تقييم الأماكن التى تواجه أكبر ضغط من السياسة النقدية الأمريكية الأكثر تشدداً، جمعت «ذى إيكونوميست» بيانات حول عدد قليل من متغيرات الاقتصاد الكلى الرئيسية الخاصة بـ 60 اقتصاد كبير، سواء كان غنياً أو نامياً.
ووجد أن العجز الكبير فى الحساب الجارى وارتفاع مستويات الديون (خاصة الديون قصيرة الأجل المستحقة للأجانب) وانتشار التضخم وعدم كفاية احتياطيات النقد الأجنبى، كلها عوامل تسبب مشاكل للاقتصادات التى تواجه تدفقات رأسمالية متقلبة مع تشديد السياسة الأمريكية.
يؤدى الجمع بين أداء البلدان فى هذه المؤشرات إلى ظهور «مؤشر الضعف»، حيث تُترجم الدرجات الأعلى إلى هشاشة أكبر، حيث تواجه الأرجنتين- متصدر القائمة- تضخم يزيد عن %50 وأزمة اقتصادية متفاقمة.
وتبدو أساسيات تركيا أفضل قليلاً، لكن مشاكلها تتفاقم بفعل رغبة الحكومة العنيدة فى خفض أسعار الفائدة لمواجهة ارتفاع أسعار الفائدة، كما تراجعت الليرة بنحو %40 مقابل الدولار فى عام 2021، ما قلل من القوة الشرائية للأجور والمعاشات التقاعدية للأتراك.
يذكر أيضاً أن أعباء الديون المرتفعة للغاية فى بعض الدول الغنية تدفعها لأعلى القائمة، فعادة ما تتيح الأسواق للعالم الغنى مجالاً أكبر للتنفس، لكن إذا تشددت الظروف المالية العالمية بشكل كبير، فقد يحتاج القادة الأوروبيون لبذل جهود إضافية لإقناع العالم بأنه لن يدع اليونان تقع فى مشاكل خطيرة، كما أن البرازيل تبدو الأكثر ضعفاً بين الاقتصادات الناشئة الكبيرة.
فى الوقت نفسه، يضيف ظهور سلالة «أوميكرون» حالة جديدة من عدم اليقين، فالكثيرون لا يدركون حتى الآن حجم الضرر الاقتصادى الذى قد يحدثه المتحور الوبائى.
ومع انخفاض أسعار الأسهم فى 26 نوفمبر، خفض المستثمرون توقعاتهم بشأن وتيرة ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية فى العام المقبل، لكن هذا قد لا يجلب الكثير من الراحة للاقتصادات الضعيفة، خاصة فى ظل تراجع قيمة عملات عديدة مقابل الدولار الأمريكى وسط رحلتهم نحو بر الأمان.
وهذا الأمر، إذا استمر، فإنه لن يختلف عن تأثير التشديد النقدى الأمريكى المستمر، وإذا كان «أوميكرون»ٍ سيؤثر أيضاً على التجارة والنمو، فإن انتشاره سيزيد من حدة الضغوط التى تواجه الاقتصادات الضعيفة، ولن تكون محاولة النجاة شيئاً سلساً.

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

فيتش: صراع إسرائيل وإيران يشكل مخاطر على السياحة وعائدات قناة السويس في مصر

قالت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، إن الصراع بين إسرائيل وإيران،...

منطقة إعلانية