تسير السعودية وروسيا على مسار تصادمى، ومن المقرر أن تنشر وكالة الطاقة الدولية أول توقعات لها عن توازن سوق البترول فى 2020 يوم الجمعة المقبلة، وسوف تظهر الأرقام الرئيسية على الأرجح أن المخزونات سترتفع العام المقبل إذا لم تمدد مجموعة «أوبك بلس» تخفيضات الإنتاج للعام الرابع.
ولكن آلام المجموعة قد لا تنتهى هنا.. فثمة علامات متزايدة على أن نمو الطلب أضعف بكثير من التوقعات، وهو ما قد يتطلب من المنتجين تحمل تخفيضات أعمق، وإذا كان الأمر كذلك، فقد يمهد لنهاية الشراكة بين السعودية وروسيا فيما يتعلق بسياسة البترول.
وكان من المفترض أن يؤدى خفض الإنتاج المتفق عليه فى نوفمبر وديسمبر من عام 2016 من قبل منظمة الأوبك ومجموعة من الدول الداعمة، إلى استنزاف المخزونات الفائضة وموازنة العرض والطلب العالميين خلال الأشهر الستة الأولى من 2017.
وحتى منتصف 2019، لم يتحقق ذلك، رغم الفترة الطويلة من النمو القوى نسبياً فى الطلب والتى ارتفع فيها الاستهلاك العالمى من البترول بمعدل %1.4 سنوياً من 2017 حتى 2019، وفقاً لأحدث بيانات وكالة الطاقة الدولية، وهو ما يعادل تقريباً 1.33 مليون برميل يومياً من الطلب الإضافى كل عام.
ومع ذلك، فقد خفضت وكالة الطاقة الدولية تقييمها للطلب على البترول بقدر كبير فى الربع الأول من العام الحالي. ورغم أن الرقم السنوى لم ينخفض كثيراً، فإنَّ الخطوة مقلقة؛ لأنها تغطى فترة ليس لدينا عنها أى بيانات حقيقية عن الاستهلاك، وقد تخفض الوكالة تقييماتها أكثر مع صدور مزيد من البيانات، وقد يلى ذلك خفض فى التوقعات.
وأشار وزير الطاقة الروسي، ألكساندر نوفاك، خلال كلمته فى المنتدى الاقتصادى العالمى فى سانت بطرسبرج يوم الجمعة الماضية، إلى أن الحروب التجارية قد تساعد على خفض النمو فى الطلب العالمى العام الحالى بأقل قليلاً من مليون برميل يومياً، وهو ما سيكون أدنى مستوى منذ 2011.
وأكد تقرير لبنك «مورجان ستانلى»، الأسبوع الماضى، أن «هناك دلائل متزايدة على تباطؤ أكثر حدة من التوقعات» فى نمو الطلب على البترول. وتقترب الزيادات السنوية فى الطلب من «الصفر» عبر مارس وأبريل فى الثمانى دول التى تصدر بياناتها مبكراً، بما فيها الصين والهند والولايات المتحدة، وهذا يثير القلق؛ لأن وكالة الطاقة الدولية تتوقع أن تشكل تلك الدول الثلاث وحدها %70 من النمو فى الطلب على البترول العام الحالى.
إذن.. إلى ماذا يقود ذلك المنتجين فى اجتماعهم المقبل؟
بالتأكيد سيقررون مد سياسة الخفض الحالية حتى نهاية العام.
ولكن مجرد مد التخفيضات لن يكون كافياً، فقد تبنت مجموعة «أوبك بلس» المخزونات كمقياس على نجاحها، وحولت تركيزها من الرقم العالمى غير الدقيق نسبياً إلى أرقام المخزونات الأمريكية الأكثر وضوحاً والتى تنشر كل أسبوع.
وأعطى أحدث الأرقام من وزارة الطاقة الامريكية قراءة قاتمة لمجموعة المنتجين، إذ ارتفع إجمالى المخزونات من الخام والمنتجات المكررة بمقدار 22.44 مليون برميل يوميا فى الأسبوع الأخير من مايو، وهى أكبر زيادة أسبوعية فى البيانات التى تعود إلى 30 عاماً تقريباً.
وهذا ليس الرقم الوحيد المثير للقلق، فقد أظهرت البيانات الشهرية عن الربع الأول والتقييمات الأسبوعية المبدئية عن شهرى أبريل ومايو، أن الطلب الأمريكى على البترول يتراجع على أساس سنوى فى ثلاثة من خمسة أشهر حتى الآن فى 2019.
وتقدر منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، أن التوترات التجارية كلفت العالم بالفعل ما يقرب من %1 من النمو، وخفضت المنظمة توقعاتها للتوسع الاقتصادى فى 2019 من %3.9 إلى %3.2، ويرتبط نمو الطلب بشدة بالنمو الاقتصادى، وهذه التخفيضات تنذر بشر على استهلاك البترول.
ورغم أن وزيرى الطاقة السعودى والروسى تحدثا عن فوائد اتفاق «أوبك بلس» فى اجتماع سانت بطرسبرج، فإنَّ الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، أكد أن الدولتين لديهما «اختلافات معينة فى الرأى بشأن السعر العادل للخام».
وقال القائد الروسى إن 60 إلى 65 دولاراً للبرميل سعر مناسب لهم، وهو تقريباً المستوى الحالى للأسعار.
وفى الوقت الذى قد يتمكن فيه وزراء مجموعة «أوبك بلس» من الاتفاق على مد التخفيضات 6 أشهر أخرى، ستحدث الأزمة عندما تقرر روسيا أنها اكتفت من القيود، وفى الوقت الراهن، تساعد القيود على التصدير الناتجة عن مشكلات التلوث المرتبطة بخط تصديرها إلى أوروبا، على جعل إنتاج الدولة دون المستوى المستهدف، ولكن بمجرد ان تحل المشكلة، ستعود الدولة مجدداً لتعزيز الإنتاج.
حتى إن بوتين قد يتوقف عن مطالبة شركات البترول الروسية بالقيام بتخفيضات أكبر لدعم الأسعار، وإذا فعل ذلك، فسيبدأ التعاون بين أوبك ومجموعة الدول الأخرى فى التداعى.
بقلم: جوليان لى
وكالة بلومبرج
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا