ملفات

التضخم يدفع الاقتصاد العالمى نحو أول ركود منذ «كورونا»

اقتصاد

كانت الفترة بين شهرى أبريل ويونيو أول ربع سنوى يسجل فيه الاقتصاد العالمى نمواً سلبياً منذ بدء تفشى فيروس كورونا قبل عامين، إذ تؤثر الرياح المعاكسة المتزايدة، التى تتراوح بين ارتفاع التضخم فى الغرب إلى قيود «صفر كوفيد» فى الصين، على النشاط الاقتصادى.

لا شك أن التضخم على وجه الخصوص هو خط الصدع فى الاقتصاد العالمى، الذى سيتسع فقط حال اندلاع أزمة فى مضيق تايوان أو فى أى مكان آخر.

تواجه الولايات المتحدة وأوروبا الآن اختباراً بشأن ما إذا كان بإمكانهما الاستمرار فى قيادة الأسواق العالمية فى وقت يكافحان فيه لفطم أنفسهما عن اعتمادهما على الطاقة الروسية الرخيصة والعمالة الصينية.

تشير بيانات صندوق النقد الدولى، إلى أن الاقتصاد العالمى انكمش فى الربع الثانى من العام الحالى.

كذلك، قدر يوشيماسا ماروياما، من شركة «إس.إم.بى.سى نيككو سيكيورتيز»، أن الناتج المحلى الإجمالى العالمى انخفض بنسبة %2.7.

وشهدت الولايات المتحدة وألمانيا والمملكة المتحدة والصين نمواً سلبياً، إذ أصبحت الولايات المتحدة تعانى الآن من ركود فعلى وفقاً لتعريف فنى يستند إلى انخفاض الناتج المحلى الإجمالى الأمريكى للربع الثانى على التوالى.

وتوقع البنك المركزى البريطانى فى بداية أغسطس الحالى أن المملكة المتحدة ستدخل فى ركود خلال الربع الرابع، وستشهد انكماشاً حتى عام 2023، حسبما نقلت مجلة «نيكاى آسيان ريفيو» اليابانية.

وفى استطلاع لمؤشر «نيكاى» شمل 10 خبراء اقتصاديين من القطاع الخاص، توقع ثلاثة اقتصاديين أن تدخل الولايات المتحدة فى ركود إما العام الحالى أو فى النصف الأول من 2023، بينما توقع 6 خبراء الشيء نفسه بالنسبة لمنطقة اليورو.

وسجل الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى اليابانى نمواً سنوياً بنسبة %2.2 بين أبريل ويونيو، ليعود إلى مستويات ما قبل الوباء، لكن قليلاً من هذا النمو نشأ من الداخل، ومازال النمو المحتمل منخفضاً، بينما قد يؤدى انخفاض الطلب فى الخارج إلى خروج اقتصادها عن المسار الصحيح.

تأتى هذه التوقعات مع بدء تباطؤ الطلب على الخدمات والأجهزة الرقمية، التى قادت عملية التعافى بعد كوفيد فى العالم.

وفيما يتعلق بمبيعات أجهزة الكمبيوتر، قال باتريك جيلسينجر، الرئيس التنفيذى لشركة «إنتل»، فى أواخر يوليو، إن «بعض أكبر عملائنا يخفضون مستويات المخزون بمعدل لم نشهده فى العقد الماضى».

يذكر أن «إنتل» سجلت فى الربع الثانى من عام 2022 أول خسارة صافية لها منذ الربع الأخير عام 2017.

وانخفضت الشحنات السنوية لأجهزة الكمبيوتر الشخصية حول العالم بحوالى %15، بينما انخفضت الشحنات الخاصة بالهواتف الذكية بنسبة %9 بين أبريل ويونيو، بحسب شركة «إنترناشونال داتا كورب» ومقرها الولايات المتحدة.

كذلك، خفضت شركة الأبحاث «جارتنر» توقعات نمو إيرادات أشباه الموصلات العالمية للعام الجارى من %13.6 إلى %7.4.

مازالت الآفاق العالمية مشوشة، إذ انكمش الاقتصاد الصينى بنسبة %10 على أساس سنوى بين شهرى أبريل ويونيو، بينما واصل قطاع العقارات، وهو محرك رئيسى للاقتصاد، التباطؤ حتى بعد رفع البلاد للقيود الوبائية التى استمرت شهوراً فى شنغهاى فى يونيو، كما بلغ معدل البطالة بين الشباب هناك %19.9 فى يوليو.
أدت الحرب فى أوكرانيا إلى تقليص إمدادات الطاقة فى أوروبا، إذ بدأت شركة الطاقة الروسية الحكومية «غازبروم» فى يوليو، نقل الغاز إلى ألمانيا بنسبة %80 أقل مما كان مخططاً له فى السابق.
كذلك، تخشى شركة الكيماويات الألمانية «باسف» من عدم قدرتها على مواصلة عملياتها اعتماداً على إمدادات الغاز فى ألمانيا.
وأدى الارتفاع الشديد فى تكاليف المرافق إلى تشديد الأسر لقيودها المالية، وانخفضت مبيعات التجزئة الألمانية بنسبة %8.8 على أساس سنوى بالقيمة الحقيقية فى يونيو، وهو أكبر انخفاض منذ بدء بيانات التتبع فى عام 1994.
وسجل التضخم فى منطقة اليورو أرقاماً قياسية للشهر الثالث على التوالى فى يوليو عند %8.9، بينما رفع البنك المركزى الأوروبى سعر الفائدة الرئيسى من %-0.5 إلى %0 للمرة الأولى منذ 11 عاماً فى 27 يوليو استجابة لارتفاع الأسعار.
كذلك، رفع بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى سعر الفائدة الرئيسى بمقدار %0.75 فى يونيو، ثم مرة أخرى فى يوليو، ليصل إلى نسبة %2.5، وهو معدل «محايد» لا يتوقع أن يساعد فى تهدئة أو تعزيز الاقتصاد.
ومع ذلك، مازال التضخم الأمريكى أعلى من %8، ما يحفز التكهنات بأن «الفيدرالى» قد يرفع فى النهاية سعر فائدته إلى النطاق الأعلى البالغ %3.
رغم أن التضخم غير المقيد يضغط على الأسر، فإن رفع أسعار الفائدة بسرعة كبيرة قد يوجه ضربة للاقتصاد المتعثر بالفعل.
تواجه الولايات المتحدة وأوروبا الآن ضغوطاً متزايدة لتحقيق توازن دقيق بين كبح الارتفاع التاريخى فى أسعار المستهلك ومكافحة التباطؤ الاقتصادى.
يعتقد البعض أن الولايات المتحدة فى حالة جيدة نسبياً، بالنظر إلى انخفاض معدل البطالة فيها إلى أدنى مستوياته منذ نصف قرن عند %3.5، لكن الشكوك ما زالت متواجدة، وهذه الشكوك قادت العديد من شركات التكنولوجيا الأمريكية، على سبيل المثال، إلى خفض الوظائف.

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

تمويل ميسر من مؤسسة التمويل الدولية لـ”أوراسكوم للتنمية مصر” بقيمة 157 مليون دولار

وقعت مؤسسة التمويل الدولية اتفاقية مع ”شركة أوراسكوم للتنمية مصر”،...

منطقة إعلانية