مراحل الحزن الخمس هى الإنكار والغضب والمساومة والاكتئاب والقبول. بالنسبة للمستثمرين، تبدو المراحل الخمس للسوق الهابطة متشابهة إلى حد كبير.
جاءت المساومة خلال الصيف، عندما أخذ المستثمرون على محمل الجد فكرة أن محافظى البنوك المركزية قد يكونون لطيفين فى رفع أسعار الفائدة، أو حتى عكسها، ونحن الآن عالقون فى مكان ما بين المرحلتين الرابعة والخامسة.
أظهر الأسبوع الجارى، كما لو لم يكن واضحًا بالفعل، أن التراجع فى تقييمات سوق الأصول لن يزول ببساطة. فى عملية اكتساح غير عادية، شرعت البنوك المركزية من الولايات المتحدة إلى سويسرا فى ما بدا أنه تشديد تنافسى للسياسة.
قام فريد دوكروزيت، من «بيكتيت ويلث مانجمنت» بتجميع الأرقام ووجد أن 10 بنوك مركزية قدمت إجمالياً ضخمًا بلغ 6 نقاط مئوية من ارتفاع أسعار الفائدة هذا الأسبوع فقط، والعديد من الارتفاعات، بما فى ذلك أحدث ارتفاعات من الولايات المتحدة، كانت بحوالى 0.75 نقطة مئوية، ثلاثة أضعاف المقياس المعتاد لتحركات الأسعار. وكما عبرت الخبيرة الاقتصادية فى شركة «بيمكو«، تيفانى وايلدنج، «75 هو الـ 25 الجديد».
متسببا فى أكبر قدر من الضرر، للمستثمرين فى الأسهم على الأقل، رفع الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى حجم تحذيراته حول مدى استعداده للذهاب، ولا مزيد من الطلاء بالسكر – كان رئيس مجلس الاحتياطى الفيدرالى جاى باول واضحًا أن المزيد من الزيادات فى الأسعار آتية وأنها ستشمل «الألم». كان يشير فى الغالب إلى الألم فى أسواق العمل ولكن الأمر نفسه ينطبق على محفظة الأسهم التى تتقلص بسرعة.
فهمت أسواق الأسهم الرسالة، وانخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» الأمريكى بنسبة %1.7 يوم الأربعاء بعد خطاب باول، مما رفع خسائر العام إلى أكثر من %20.
لكن مع ذلك، يبدو أن المستثمرين يتمسكون ببعض الرهانات الرئيسية، وهذا أصبح مشبوهًا، وكما يشير «بنك أوف أمريكا»، فإن الانخفاض فى السندات الحكومية الناجم عن التضخم المرتفع والبنوك المركزية المتشددة بقوة أصبح الآن فى منطقة تاريخية حقًا.
بالنظر إلى البيانات التى تعود إلى عام 1790 (ليس خطأ مطبعى – البنوك فقط تحب البيانات الفائقة طويلة المدى للحظات مثل هذه)، يصف «بنك أوف أمريكا» هذا بأنه ثالث سوق هابط للسندات، وكتب مايكل هارتنت وزملاؤه فى البنك، لم نشهد شيئًا مثله منذ خطة مارشال على الأقل فى عام 1949.
هذا أمر مذهل فى حد ذاته ولكنه مهم إلى ما هو أبعد من سوق السندات، لأن الانهيار «يهدد الأحداث الائتمانية وتصفية أكثر التداولات ازدحامًا فى العالم»، على حد قولهم، بما فى ذلك أسهم التكنولوجيا الأمريكية، والتى لها بالطبع تأثير كبير على الولايات المتحدة و تحولات سوق الأسهم العالمية، وأضافوا: «الاستسلام الحقيقى هو عندما يبيع المستثمرون ما يحبونه ويملكونه». هذه البديهية تستحق التكرار عدة مرات العام الحالى، وهذا الأسبوع ليس استثناء.
ويحتاج المستثمرين للحذر من أن يتخذوا قرارات سيئة تحت الضغط، تنصح شارمين موسافر رحمانى، كبير مسؤولى الاستثمار لإدارة الثروات فى «جولدمان ساكس» المستثمرين بالصبر..وتقول: «ابق مستثمراً».
وتضيف أن الركود فى الولايات المتحدة يتم تسعيره جزئياً على الأقل، وسيساعد الارتفاع المستمر فى قيمة الدولار فى ترويض مشكلة التضخم التى يعانى منها بنك الاحتياطى الفيدرالى. وتقول: «عندما عانت الأسهم بالفعل من تراجع كبير قبل بداية الركود – كما هو الحال اليوم – يشير التاريخ إلى أن المستثمرين يكونون أفضل حالًا عن الاستمرار فى المسار».
يبدو الأمر معقولا.. لكن الاستمرار فى المسار سيتطلب أن ينتقل المستثمرون إلى المرحلة الخامسة فى عملية التعافى، ويقبلوا أن الصعود السريع إلى المستويات المرتفعة الأخيرة أمر غير مرجح بشكل مؤلم، فالأيام الخوالى لن تعود.
دخلت السوق الصاعدة التى ميزت معظم السنوات العشر الماضية منذ الأزمة المالية فى حالة من «النشاط المفرط»، والآن جميع العوامل التى دعمتها – العولمة، والجغرافيا السياسية، والتضخم المنخفض الناتج الذى أدى إلى سياسة نقدية أسهل من أى وقت مضى – ذهبت فى الاتجاه المعاكس، والنتيجة هى أن احتمالية عالية فى أن يظل السوق مستقراً خلال السنوات العشر المقبلة.
من المحتمل أن تكون هذه أخبارًا سيئة للأشخاص الذين تتمثل مهمتهم فى محاولة كتابة أشياء مثيرة للاهتمام عن الأسواق على أساس أسبوعى للصحف الوطنية، على سبيل المثال، وسحتاج المستثمرين من جميع الأنواع أن يعيدوا التوقعات.
بقلم: كاتى مارتن، محررة الأسواق لدى صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا