تعد أزمة التمويل بمثابة أول اختبار حقيقى للمشهد التكنولوجى الأوروبى، بعد أن حققت الشركات المحلية نجاحات دولية بقيادة «سبوتيفاى» وشركات الألعاب المحمولة «كينج و ريفولت».
وأثرت خسارة مجموعات التكنولوجيا الأوروبية على العديد من منصات التواصل الاجتماعى مثل «تويتر» و «فيس بوك» و«لينكد إن».
محيت أكثر من 400 مليار دولار من القيمة السوقية من شركات التكنولوجيا الأوروبية منذ ذروة عام 2021، إذ وصلت صفقات رأس المال المغامر إلى طريق مسدود نهاية الصيف الماضى، واستفادت الشركات الناشئة فى أوروبا من موجة التمويل خلال 2021، مما أدى إلى إنشاء أكثر من 100 شركة تكنولوجية ناشئة تقدر قيمتها بأكثر من مليار دولار أو ما يعرف بـ«اليونيكورن».
وانخفض عدد الشركات إلى 31 شركة خلال العام الحالى، وفقًا لتقرير صادر عن شركة «أتوميكو» لرأس المال المغامر فى لندن، وهو أدنى مستوى منذ عام 2017، باستثناء عام جائحة فيروس كورونا 2020. وهذا الاتجاه يعكس حذر المستثمرين من ارتفاع معدلات التضخم،، وارتفاع أسعار الفائدة و الظروف الاقتصادية الصعبة الناتجة عن الحرب الروسية فى أوكرانيا.
قال رئيس الأبحاث فى شركة « أتوميكو» توم وميير، إن هناك تحديا كبيرا سيستمر فى الاقتصاد الكلى حتى عام 2023 ومن الصعب العودة إلى الظروف المشهودة فى 2021 على الأقل لفترة طويلة.
منذ عام 2015، رسمت تقارير «أتوميكو» السنوية وأشادت بصعود الشركات الناشئة فى لندن وباريس وبرلين وستوكهولم إذ بدت المنطقة أخيراً تسد الفجوة بينها وبين سيليكون فالى، وسيظل استثمار85 مليار دولار فى شركات التكنولوجيا الأوروبية العام الحالى أكثر من ضعف إجمالى الاستثمارات خلال عامى 2019 و2020 طبقا لتقديرات «أتوميكو»، رغم أن النصف الثانى من عام 2022 شهد تراجعًا حادًا مع 37 جولة تمويل فقط تزيد قيمتها على 100 مليون دولار، مقابل 133 جولة خلال النصف الأول.
أظهر بحث منفصل أجرته شركة رأس المال المغامر «أكسل»، استنادا على بيانات شركة «ديل روم»، أن أكثر من 200 شركة «يونيكورن» مدعومة من رأسمال مغامر فى أوروبا توسعت لأكثر من 1000 شركة ناشئة جديدة، وذلك بفضل ما يسمونه «المصانع المؤسسة».
ذكر نيك بريسبورن، الشريك الإدارى فى «فوروارد بارتنرز» فى لندن أنه كان يشعر بنقص حقيقى فى الثقة فى أنه إذا استثمر أموالًا الآن، فهل ستتمكن الشركة من جمع أموال مرة أخرى؟
تقدر «أتوميكو» أنه لا يزال هناك ما يقرب من 80 مليار دولار من السيولة الجاهزة للاستثمار فى أوروبا، وهذا من أشكال تمويل رأس المال الاستثمارى الذى تم جمعه فى سنوات الازدهار ولم يستخدمه المستثمرون.
وقال إريك بويل، الشريك فى «كاتاليست بارتنرز» إنه يتوقع أن يستمر التراجع فى نشاط الصفقات لبعض الوقت، خصوصا مع إغلاق الأسواق العامة فعليًا أمام الطروحات الجديدة.
وبعد 86 طرحاً عاماً أولياً بتقييم يزيد عن مليار دولار فى الولايات المتحدة وأوروبا العام الماضى، كانت هناك ثلاثة إدراجات فقط العام الحالى.
وأضاف بويل أن عددا قليلا من الأشخاص يسألونه عن موعد إعادة فتح نافذة الاكتتاب العام، مشيرا إلى أن هذا غير قابل للطرح فى الوقت الحالى.
وقالت صحيفة «فاينانشال تايمز» إن معظم الشركات الناشئة تتجنب أنشطة التمويل إلا إذا كانت بحاجة إلى رأس المال بشكل عاجل، خصوصا بعد جمع كثير من الشركات للأموال العام الماضى.
وإذا اضطرت شركة ناشئة فى مجال التكنولوجيا المالية إلى جمع تمويل الآن، فقد يعنى ذلك قبول تقييمٍ لمضاعف الربحية يصل إلى 10 أضعاف إيرادات عام كامل، بينما كان المستثمرون يمولون عند مضاعف يصل إلى 40-50 مرة خلال العام الماضى، وفقاً لبويل.
يعكس التباطؤ الذى حدث العام الحالى أن وتيرة عقد الصفقات فى العام الماضى عجّلت بالعديد من الاستثمارات التى كانت تحدث عادة على مدار بضع سنوات. وذكر هارى نيليس الشريك فى «أكسل» فى لندن أنهم يمولون رواد الأعمال أصحاب الأفكار العظيمة، لكن منذ عدة أشهر مولوا الكثير من رواد الأعمال العظماء الذين لم تكن لديهم فكرة رائعة حتى الآن.
وأدى توسع مستثمرى التكنولوجيا الأمريكيين فى أوروبا على مدار العامين الماضيين، إلى تعزيز معنويات «الخوف من ضياع الفرصة» لدى مستثمرى رأس المال المغامر المحليين. لكن تراجع بعض الشركات الأمريكية حالياً يؤشر باستمرار الركود فى أوروبا لفترة أطول من الولايات المتحدة، و انخفض عدد المستثمرين الأمريكيين المنخرطين فى صفقات تزيد قيمتها عن 100 مليون دولار فى أوروبا بنسبة %22 حتى الآن هذا العام ليصل إلى 122 مستثمرا، بعد أن قفز من 48 مستثمرا خلال عام 2020 ليصل إلى 157 مستثمرا فى 2021.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا