تسببت هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر في أكبر اضطراب للتجارة العالمية منذ جائحة كورونا، مما أدى إلى انخفاض حركة المرور البحري وإجبار الشركات على اتخاذ مسارات أطول وأكثر تكلفة حول إفريقيا لتجنب التهديدات الحوثية، بحسب تقرير لبلومبرج.
بدأ الحوثيون مهاجمة السفن في البحر الأحمر بعد اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في 2023.
في البداية، استهدفت الجماعة السفن المرتبطة بإسرائيل، ووسّعت هجماتها لاحقًا لتشمل سفنًا تجارية أخرى، ما أدى لاضطرابات هائلة في أحد أكثر الممرات البحرية ازدحامًا في العالم، وأجبر العديد من شركات الشحن على تجنب قناة السويس واللجوء إلى الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح، وهو مسار أطول وأكثر تكلفة.
في يناير الماضي، بعد اتفاق الهدنة بين إسرائيل وحماس، أعلن الحوثيون وقف هجماتهم.
لكن التوتر تصاعد مجددًا في هذا الشهر عندما أوقف الجيش الإسرائيلي دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
ردًا على ذلك، أعلن الحوثيون استئناف استهداف السفن الإسرائيلية.
بعد أيام، أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشن ضربات جوية على مواقع الحوثيين في اليمن، متوعدًا باستخدام “قوة قاتلة ساحقة” لاستعادة “حرية الملاحة”، وفقًا لما نشره على منصته “تروث سوشيال”.
من هم الحوثيون؟
يسيطر الحوثيون على أجزاء كبيرة من شمال وغرب اليمن منذ 2014، بما في ذلك بعض المناطق الساحلية المطلة على البحر الأحمر.
تصنف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي جماعة “الحوثيين” كمنظمة إرهابية.
يتلقى الحوثيون دعمًا عسكريًا وتقنيًا من إيران، بما في ذلك أسلحة متطورة مثل الطائرات المسيّرة، والصواريخ الباليستية، وصواريخ كروز.
ما تأثير الهجمات على التجارة العالمية؟
منذ نوفمبر 2023، نفذ الحوثيون أكثر من 130 هجومًا على سفن عسكرية وتجارية في البحر الأحمر، وفقًا لبيانات منظمة Armed Conflict Location and Event Data.
انخفضت حركة السفن عبر البحر الأحمر بنسبة 71% مقارنة بعام 2023، وفقًا لتقرير Clarkson Research Services Ltd، إذ لجأت شركات الشحن إلى تغيير مسار السفن حول إفريقيا، ما زاد وقت الرحلة بنسبة تصل إلى 25% ورفع تكاليف النقل.
ارتفعت أقساط التأمين على السفن المارة عبر البحر الأحمر إلى 10 أمثالها منذ بدء الهجمات.
قفزت تكاليف شحن الحاويات عند تصاعد الهجمات في أواخر 2023 وأوائل 2024، لكنها بدأت في التراجع بعد فترة من الهدوء.
لماذا البحر الأحمر مهم للتجارة؟
يمر عبر البحر الأحمر نحو 9% من إجمالي التجارة البحرية العالمية، بما في ذلك 20% من حركة الحاويات، مع تدفق بضائع تقدر بأكثر من تريليوني دولار سنويًا. كما يُعد البحر الأحمر ممرًا رئيسيًا لنقل النفط والغاز الطبيعي من الشرق الأوسط والهند إلى أوروبا.
في ظل العقوبات الغربية على روسيا، أصبح البحر الأحمر طريقًا أساسيًا لنقل النفط الروسي إلى آسيا.
رد الولايات المتحدة وحلفاؤها
كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها يسيّرون دوريات في البحر الأحمر لمكافحة القرصنة والتهريب قبل بدء الهجمات الحوثية.
بعد تصاعد الهجمات، أنشأت الولايات المتحدة تحالفًا بحريًا دوليًا تحت اسم “عملية حارس الازدهار”، بمشاركة أكثر من 20 دولة لحماية الملاحة في البحر الأحمر.
شنت الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات جوية وبحرية على أهداف حوثية في اليمن بين يناير ومايو 2024.
في مارس 2025، ومع استئناف الحوثيين هجماتهم بعد منع إسرائيل المساعدات عن غزة، أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشن موجة جديدة من الضربات الجوية ضد مواقع الحوثيين.
هل ستؤدي العمليات العسكرية إلى وقف الهجمات؟
التجربة السابقة تشير إلى أن الضربات الجوية وحدها قد لا تكون كافية لوقف الحوثيين، الذين تعرضوا للقصف لسنوات لكنهم ما زالوا قادرين على تنفيذ هجمات فعالة.
علاوة على ذلك، هناك مخاوف من أن يرد الحوثيون على التصعيد الأمريكي بضرب منشآت النفط في الخليج، كما فعلوا في عام 2019 عندما هاجموا منشآت أرامكو السعودية في بقيق وخريص.
ورغم أن اليمن يبعد نخو 1500 كيلومتر عن إسرائيل، فإن الحوثيين نجحوا في استهدافها بالصواريخ والطائرات المسيرة.
في يوليو 2024، اخترقت طائرة مسيرة حوثية المجال الجوي الإسرائيلي وضربت تل أبيب دون أن يتم اعتراضها، ما كشف عن ثغرات في الدفاعات الإسرائيلية.
بعد شهرين، وصل صاروخ حوثي إلى وسط إسرائيل، متسببًا في أضرار وإصابات طفيفة.
تهديد للاقتصاد العالمي
تصاعد التوتر في البحر الأحمر يهدد الاقتصاد العالمي ويجبر الشركات على اتخاذ مسارات شحن أطول وأكثر تكلفة.
في الوقت نفسه، تسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى تأمين الملاحة البحرية من خلال العمليات العسكرية، لكن الحوثيين لا يزالون يشكلون تهديدًا كبيرًا. ومع استمرار الأزمة، يواجه العالم تحديات متزايدة، ليس فقط في سلاسل التوريد والتجارة البحرية، ولكن أيضًا في المخاطر الأمنية والاستراتيجية في المنطقة.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا