تبحث الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة مع غرفة تجارة وصناعة قطر ضخ استثمارات جديدة في السوق المصري، وذلك خلال زيارة رسمية للدوحة التقى فيها الرئيس التنفيذي للهيئة، حسام هيبة، ومساعد وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، غادة نور، مع رئيس مجلس إدارة الغرفة، الشيخ خليفة بن جاسم آل ثاني، وعدد من أعضاء المجلس، بحضور السفير المصري في الدوحة، بهدف استعراض آخر مستجدات مناخ الاستثمار والفرص المتاحة أمام رؤوس الأموال القطرية.
خلال اللقاء، أكد هيبة أن الهيئة تعمل وفق استراتيجية استثمارية واسعة تستهدف جذب رؤوس الأموال إلى قطاعات ذات أولوية، تتوافق مع خطط وتوجهات مؤسسات الاستثمار القطرية، وعلى رأسها الصناعات الكيماوية والبتروكيماويات، صناعة السيارات، التصنيع الغذائي، البنية التحتية، الزراعة، الصحة، والهيدروجين الأخضر.
كما عرض المزايا التفضيلية التي توفرها المناطق الحرة، والمناطق الاستثمارية، والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس للمستثمرين الأجانب.
أشار هيبة إلى أن مصر فعّلت خلال المرحلة الماضية حزمة حوافز للأنشطة الاستثمارية المرتبطة بالاقتصاد الأخضر، والذكاء الاصطناعي، ودعم الابتكار وتوطين الصناعة، إلى جانب تبسيط الإجراءات وإقرار إطار زمني ملزم لتقديم خدمات الاستثمار، بما يعزز القدرة على بدء النشاط التشغيلي في وقت أقصر.
أوضح الرئيس التنفيذي أن الحكومة المصرية نفذت إصلاحات مؤسسية وتشريعية تهدف إلى توفير مناخ أكثر جذبا لالاستثمارات الأجنبية المباشرة، مع توفير آليات فعالة لحل التحديات التي تواجه المستثمرين.
أكد أن الدولة تولي أولوية كبرى لتمكين القطاع الخاص وإفساح المجال لزيادة مشاركته في النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل.
من جانبه، أكد الشيخ خليفة بن جاسم آل ثاني اهتمام المستثمرين القطريين بضخ استثمارات جديدة في مصر خلال الفترة المقبلة، وإقامة مشروعات مشتركة مع رجال أعمال مصريين، بما يحقق مكاسب متبادلة ويعزز التكامل الاقتصادي بين البلدين.
اتفق الجانبان على استمرار التعاون الفني والمؤسسي من خلال تبادل البيانات حول الفرص الاستثمارية التي يوليها الجانب القطري اهتماما خاصا، إلى جانب تكثيف الاجتماعات مع الشركات القطرية الراغبة في دخول السوق المصري.
كما جرى التأكيد على حرص هيئة الاستثمار المصرية على تقديم التسهيلات وتسريع إجراءات بدء النشاط لتلك الشركات، وخاصة في ظل التوسع الجاري في خدمات التحول الرقمي داخل الهيئة.
أكد الجانبان أن الفترة المقبلة ستشهد تنسيقا أكبر بين فرق العمل الفنية من الطرفين، مع التواصل المستمر بين الشركات القطرية والهيئة العامة للاستثمار لتحديد الفرص ذات الأولوية وتسريع خطوات دخولها حيز التنفيذ.
تم الاتفاق على إعداد قوائم محدثة للمشروعات المتاحة، وتبادل بعثات الأعمال، وتكثيف الاجتماعات الثنائية عبر فرق فنية مشتركة.
في مطلع نوفمبر الجاري، وقعت مصر واحدة من أضخم صفقات الاستثمار العقاري في المنطقة بين هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وشركة الديار القطرية، لتطوير وتنمية منطقة “علم الروم” بمحافظة مطروح على مساحة تقارب 5 آلاف فدان (نحو 20.6 مليون متر مربع)، بإجمالي استثمارات تقدر بـ 29.7 مليار دولار.
الاتفاق – الذي وقع بحضور رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، ووزير البلدية ورئيس مجلس إدارة الديار القطرية، عبدالله بن حمد العطية، يأتي تتويجاً لمرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي بين القاهرة والدوحة، استناداً إلى التفاهمات التي جرى التوصل إليها بين الرئيس عبد الفتاح السيسي وأمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني خلال الأشهر الماضية.
هيكل الصفقة وتمويل المشروع
تنص الاتفاقية على أن تدفع شركة “الديار القطرية” ثمنا نقديا بقيمة 3.5 مليار دولار يُحوّل بالكامل قبل نهاية العام الجاري، إضافة إلى مقابل عيني يتمثل في مساحة بنائية من المكون السكني داخل المشروع، تقدر قيمتها بعد بيعها بـ 1.8 مليار دولار، فضلا عن حصة قدرها 15% من صافي الأرباح تؤول إلى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بعد استرداد التكلفة الاستثمارية الكاملة للمشروع.
بحسب ما أوضح رئيس مجلس الوزراء، فإن النموذج المالي المتّبع في هذه الصفقة هو ذاته الذي تتبعه الدولة مع كبرى المطورين المحليين والدوليين، إذ تتيح الدولة الأراضي الاستثمارية مقابل مزيج من العائد النقدي والعيني، بما يضمن تحقيق عائد مباشر للدولة واستدامة تدفق رؤوس الأموال الأجنبية إلى السوق المصرية.
مواصفات المشروع ومكوناته التنموية
يعد المشروع أكبر استثمار قطري مباشر في الساحل الشمالي المصري، ويهدف إلى تحويل منطقة علم الروم إلى وجهة عالمية متعددة الأنشطة، تجمع بين الإقامة والسياحة والخدمات التجارية والترفيهية والتعليمية، لتصبح مركز جذب إقليمي جديد على البحر المتوسط.
يتضمن المخطط العام إقامة أحياء سكنية فاخرة، ومجموعة من المنتجعات والفنادق العالمية بطاقة فندقية تتجاوز 4500 غرفة، إلى جانب بحيرات صناعية مفتوحة، وملاعب جولف، ومارينا سياحي دولي، فضلاً عن مارينتين داخليتين لخدمة القوارب واليخوت الصغيرة.
كما يشمل المشروع إنشاء محطات للكهرباء وتحلية المياه ومعالجة الصرف الصحي، بالإضافة إلى مدارس وجامعات ومستشفيات ومقار حكومية، ما يجعله مدينة متكاملة بمقاييس التنمية الحضرية الحديثة.
تبلغ نسبة الأراضي السكنية 60% من إجمالي المساحة، بينما خُصصت 15% للمناطق الخدمية و25% للمساحات الخضراء والطرق والميادين، على أن يتم تسليم الأرض خالية من الشواغل على مرحلتين تتضمنان عدة مراحل فرعية لضمان انتظام التنفيذ وسرعة الإنجاز.
تأتي صفقة “الديار القطرية” ضمن حزمة الاستثمارات القطرية الجديدة في السوق المصرية، والتي تم الاتفاق عليها خلال الاجتماعات الثنائية بين قيادتي البلدين في الأشهر الماضية، وتشمل قطاعات الطاقة، والعقارات، والسياحة، والخدمات اللوجستية.
يُنظر إلى مشروع “علم الروم” باعتباره نقطة انطلاق لتعاون استثماري أوسع بين القاهرة والدوحة، في ظل رغبة البلدين في تعزيز التكامل الاقتصادي العربي، وجذب التمويلات الخليجية إلى مشروعات التنمية الحضرية المصرية.
كما يُتوقع أن يُسهم المشروع في زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر خلال عام 2026، ويُعيد رسم خريطة الساحل الشمالي الغربي كمركز متكامل للسياحة الفاخرة، والتجارة، والاستثمار العقاري الإقليمي.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا