يتزايد عدد السكان بسرعة فى جميع أنحاء العالم، مما يفاقم عدم التوازن العالمى للمياه الذى يسبب بالفعل مشكلات كبيرة لذا تعد قضية ندرة المياه النظيفة تحدى كبير فى العالم.
ويفتقر 3 من كل 10 أشخاص إلى المياه الصالحة للشرب فى المنزل، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية واليونيسيف، ومع استمرار نمو عدد السكان فى العالم، فإن المشكلة ستزداد سوءاً.
ويساهم النمو السكانى فى الإسراع باتجاهات التصنيع والتحضر وتغير المناخ، ويزيد من كمية المياه التى يحتاجها الناس والطاقة التى يستهلكونها، حيث يحتاج كيلو لحوم البقر إلى 20 ألف لتر من الماء لإنتاجه، بينما تحتاج السيارة إلى 200 ألف لتر، ومع زيادة الإنتاج الصناعى واستهلاك الغذاء تزداد الحاجة إلى المزيد من المياه.
ويبقى الوعى جزءاً من التحدى، وقد تسلط التغطية الإعلامية الضوء على مشكلات ندرة الماء، لكنها غالباً ما تفشل فى وضع إطار للمناقشة حول الحل وترجمة القضية إلى شعور بالمسئولية الفردية للجماهير.
ونظرًا لأن كوكبنا مجبر على توفير المزيد والمزيد من المياه للناس، فستكون هناك مطالب غير مسبوقة على الموارد فى السنوات القادمة.
ويعد الترويج للحلول الصحيحة للقضية والسلوكيات التاريخية الصعبة أمراً بالغ الأهمية للوصول بالعالم إلى مرحلة يستطيع الجميع فيها الحصول على مياه شرب نظيفة.
ويجعل إنشاء اقتصاد قائم على إعادة التدوير الأمور تحدث بسلاسة على المستوى المحلى والإقليمى والعالمى، وهذا لا يمكن أن يحدث إلا من خلال تعاون حقيقى فى جميع المجالات.
رسالة إلى المستهلك.. الندرة من مسلمات القرن الـ21
غياب المساءلة يشمل الشركات والأفراد.. والفقراء أبرز الضحايا
يجب أن يدرك المستهلكون أن الماء أصبحت شحيحة بشكل متزايد، ولكن توجد تحديات فى توصيل هذه الرسالة المهمة إليهم.
وإذا كان عليك وضع سعر حقيقى لإبريق من ماء الصنبور النظيف، فماذا سيكون؟ لا شىء أو قليل، لأن الوصول إليه حق من حقوق الإنسان ولكن إذا كانت الصنبور جافة فإنها تصبح سلعة لا تقدر بثمن.
ولا يوجد شك فى أنه إذا تم إجبار البشرية على وضع سعر حقيقى للماء بقيمته البيئية والاقتصادية والاجتماعية الحقيقية فهذا قرار يقدم أولوية الحياة على أشياء أخرى.
الماء يصرخ من أجل التلخلص من البلاستيك فى المحيطات وتنظيف مسار دورة حياة قطرة الماء والتخلص من أسطورة الوفرة على نطاق عالمى باعتبار وجودها أمراً مفروغاً منه.
ونقل تقرير صحيفة «ذا تايمز» البريطانية عن «بيتر جليك”، مؤسس معهد المحيط الهادئ قوله إن العالم الآن يعيش «ذروة المياه»، حيث يضغط على أكثر الموارد النفيسة ويلوثها وينسفها وهو يحتاج إلى تغيير أساسى فى طريقة تفكيره فى المياه.
ويأتى هذا فى وقت تواجه فيه البشرية عاصفة كاملة من تسرب الماء وهدرها والمزيد من المبيدات الحشرية والأسمدة الملوثة مما يؤدى إلى تضخم أعداد البشر الذين يفتقرون إلى المصادر الآمنة وتقديم المياه المليئة بالعوامل الممرضة بجانب المزيد من صفر المياه اليومية التى تصل إلى الأسر من مدن كبرى حول العالم مثل تشيناى فى الهند وكيب تاون بجنوب أفريقيا.
وترفض الحكومات الإفصاح عن أن المياه شحيحة بشكل متزايد بسبب زيادة الطلب والرغبة فى الحفاظ على المنفعة بعدم الإعلان عن أنه لا يوجد ما يكفى من المياه لتطوير الاقتصاد أو الأعمال.
ويعتقد «ويل سارنى”، الرئيس التنفيذى لمؤسسة «مسبك المياه» أنه لا فائدة من أسلوب إدارة المرافق المائية بإخفاء الحقائق مع العمل على زيادة معدلات الإنتاج لتعزيز عملية حفظ المياه من الهدر وإعادة الاستخدام ما لم يتم تنظيم ذلك.
ويضيف تقرير الصحيفة البريطانية أن الحصول على المياه النظيفة منصوص عليه فى قرار للأمم المتحدة، لكن فى نفس الوقت يتم إساءة استخدام هذا الحق.
وحتى الآن، يوجد أيضاً نقص مزمن فى الاستثمار بالبنية التحتية، وتقدر منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية الحاجة إلى تريليون دولار من الاستثمارات السنوية فى حين أن القطاع لا يجذب التمويل الخاص نظراً لأن العوائد منخفضة.
ووصفت «مونيكا ويبر-فهر» الرئيس التنفيذى للشراكة العالمية للمياه عملية إدارة المياه عالمياً بالغبية وذلك لأن العديد من أزمات المياه التى يواجهها العالم الآن هى نتيجة لسوء الإدارة ونقص البيانات حيث تعتبر حوكمة المياه وملكيتها موضوعين حساسين لأنها تشمل العديد من اللاعبين.
ويفسر «روث ماثيوز”، المدير الأول بمعهد ستوكهولم الدولى للمياه الفشل وسوء الإدارة بأنه اللجوء إلى إدارة المياه بمعزل عن غيرها، وعدم الأخذ فى الاعتبار الروابط بين الأرض والمياه العذبة والسواحل والمحيطات.
وأشار إلى الحاجة لمساءلة الحكومات والشركات والأفراد عن الماء التى يستخدمونها والاستماع إلى أصوات أولئك الذين يتم تجاهلهم غالباً والفقراء والضعفاء والسكان المحليين والبيئة.
الابتكار فى السياسة العامة يمكن أن يقطع شوطاً طويلاً فى دفع التغيير ويمكن النظر إلى كيف تدير كل من سنغافورة وهولندا كل قطرة لديها ويعد الحفاظ على الماء وإعادة استخدامها أمراً مدعوماً من خلال التسعير لديهما، والعمل على تطوير مستقبل المياه الرقمية أيضاً حيث تعمل تقنيات المياه الآن على تغيير الواقع كما فعلت فى قطاع الطاقة.
والكثير من المشاكل لا تتطلب حلولاً تقنية فحسب، بل تحسينات فى الإدارة الحقيقية والابتعاد عن التفكير القديم ولجوء المؤسسات إلى إدارة أكثر فعالية وإنصافاً للمياه.
ويعتبر الوقت هو جوهر المسألة فوفقاً للأمم المتحدة، من المتوقع أن يكون هناك نقص بنسبة 40% فى موارد المياه العذبة بحلول عام 2030 وبحلول عام 2050، قد تنخفض معدلات نمو الناتج المحلى الإجمالى بنسبة %6 بسبب الآثار المرتبطة بالمياه على الزراعة والصحة والدخل، مع خسارة 4.5 تريليون دولار وفقاً للبنك الدولى.
ويقول «توم ويليامز» مدير المياه فى البنك الدولى إنه إذا فهم العالم الحجم الحقيقى للمخاطر والعواقب الاقتصادية اللاحقة عندما تؤثر المياه على النشاط البشرى، فربما يقدرها أكثر ويتخذ قرارات اقتصادية وتنموية وتجارية مستنيرة بشأن المياه.
ويرغب المستثمرون الآن فى الحصول على مزيد من المعلومات حول كيفية قيام الشركات بالإفصاح عن المخاطر المتعلقة بالمياه لأعمالهم.
وتتمثل إحدى طرق القيام بذلك فى تسليط الضوء على نسبة الإيرادات التى تتعرض لمخاطر متعلقة بالماء ويظهر تأثير مخاطر المياه أيضاً على الخطوط الأساسية للشركات.
ومن المؤكد أن العالم أصبح أكثر ذكاءً فى حساب السعر الحقيقى لاستخدام المياه من حيث الاستخراج والمعالجة والنقل، وكذلك استخدام الطاقة وانبعاثات الكربون المرتبطة بها، وهذا يمهد الطريق للاقتصادات والتجارة العالمية ويعنى حساب دقيق لقيمة هذه السلعة الثمينة.
وفى الوقت المناسب، يمكن أن يساعد ذلك فى زيادة الطلب على التمويل بمشاريع المياه، وهو ضعيف حالياً بينما يكون عدد المشروعات القابلة للتمويل صغيراً.
وتوجد حاجة إلى التطور فى كيفية تمويل البنية التحتية للمياه والابتكار وتغيير النهج التقليدية من قبل القطاع العام أو رأس المال الاستثمارى وخلق تمويل مختلط من رأسمال منخفض وعالى المخاطرة ورأسمال صبور لدعم رواد الأعمال فى مجال المياه.
ويعد الإشراف على قضايا المياه فى العديد من الحالات وظيفة ومسئولية اجتماعية للشركات ولا ينظر إليها على أنها مخاطر تجارية فهناك حاجة إلى التعامل مع المياه كفرصة للقطاع الخاص.
المدن تبدأ الاستعانة بأجهزة الاستشعار لكشف الهدر
يجرى إهدار ثلث مياه الشرب فى العالم عبر تسريب الأنابيب المتهالكة، ولكن تتوفر أدوات فعالة لوقف ذلك حالياً، وتعتبر خسارة المياه من خلال التسريبات والمياه المستهلكة غير المرتبطة بالإيرادات مشكلة عالمية ذات نطاق هائل.
وكشف تقرير لمجلس “المستهلك للمياه فى بريطانيا” لعام 2018 أن أكثر من 3 مليارات لتر من المياه فى إنجلترا وحدها تُفقد من تسرب البنية التحتية اليومى، مما يجعل تسرب المياه هو الشاغل الأول لعملاء مرافق المياه فى المملكة المتحدة.
وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التى تحركها القوى العاملة للحد من التسرب فقد استمرت فى الزيادة بالفعل خلال السنوات الأخيرة، وطرحت حكومة المملكة المتحدة الآن سيناريو مخيف مفاده أن البلاد قد تواجه نقصاً فى المياه بحلول عام 2050.
وهذا هو السبب فى أنها بدأت ممارسة الضغط على مرافق المياه فى المملكة المتحدة لتكثيف جهودها وتقليل التسرب بنسبة %15 على فترة إدارة الأصول لمدة 5 سنوات وفرض برامج الاستثمار الكثيفة.
ونظراً لتكلفة استبدال الأنابيب، والتى يمكن أن تصل إلى مئات الآلاف من الجنيهات الاسترلينى للميل، فإن إيجاد وإصلاح التسريبات فى أقرب وقت ممكن هو السبيل الوحيد لتقليل فقد المياه بشكل مستدام، ولكن الأساليب الحالية ليست مناسبة، لأن جيوش عناصر التسريب التى تدعمها أدوات التكنولوجيا المنخفضة يمكنها فقط تقديم علاج سطحى.
وتتوفر مجموعة من الأساليب والتقنيات الجديدة مثل صور الأقمار الصناعية واكتشاف التسرب وتتبعه والطائرات بدون طيار والقياس الذكى على سبيل المثال لا الحصر ويمكن أن تكون أدوات مفيدة فى صندوق الأدوات لأى فائدة أخرى.
ويقول أورى جوترمان المتحدث باسم شركة تكنولوجيا الكشف عن التسرب التخصصية إن النهج الأكثر فعالية يكمن فى النشر الواسع النطاق لأجهزة الاستشعار الصوتية المترابطة تماماً على شبكة المياه.
ويعنى الارتباط الكامل تلقى الخوادم السحابية تسجيلات صوتية متزامنة يومياً من شبكة الأنابيب التى ترتبط بشكل منهجى ومن ثم يمكنها التعرف تلقائياً على التسريبات الصغيرة، بناءً على ملف تعريف الضوضاء الفريد الخاص بهم، وتحديد موقعها بالضبط على الأنبوب.
وأضاف جوترمان أنهم أول من أدخل الترابط المتكامل فى الشبكات الثابتة منذ 15 عاماً ومنذ ذلك الحين قاموا بتركيب أكثر من 300 مشروع حول العالم.
وأوضح أن الحد من التسرب يجب أن يكون استراتيجية طويلة الأجل وكذلك قرارات الاستثمار فى تكنولوجيا الكشف عن التسرب وبعدها سيحدث انخفاض كبير ومستدام فى فقد المياه اعتماداً على مدى كثافة تثبيت شبكة الأجهزة المترابطة تماماً وسرعة رد فعلك على أجهزة الإنذار على التسرب.
وغطت “ليون”، ثالث أكبر مدينة فى فرنسا أكثر من 2000 كيلومتر من شبكة الأنابيب فقط عام 2015 وخفضت المياه غير التجارية من %21 إلى أقل من %14 فى 3 سنوات فقط.
ويمكن أن يحدث تغيير فى النموذج التطبيقى للمملكة المتحدة قريباً، ففى الأشهر الأخيرة، بدأت العديد من مرافق المياه فى المملكة المتحدة بنشر شبكة الأجهزة على نطاق واسع لمراقبة الأحياء الحرجة أو البلدات والمدن بأكملها بشكل دائم.
وإذا تبنت المرافق عقلية استراتيجية فى نشر شبكات صوتية ثابتة مترابطة بشكل كامل بجميع أنحاء العالم، فإن كوكب الأرض سينعم بالنصر فى معركة البقاء للجنس البشرى.
الذكاء الاصطناعى يعالج أخطاء إدارة الموارد الحيوية
عصر المياه الرقمية يعزز القيمة المضافة للإنتاج 79 مليار دولار استثمارات الذكاء الاصطناعى فى 2022
يمتد استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى من الكشف عن تسرب المياه إلى استخدام آلية التنبؤ بأحجام الاستخدام ما يعنى أنه يوفر إمكانيات لإحداث تغيير جذرى فى قطاع مرافق المياه بالكامل.
ويمكن القول، إن العقد المقبل هو عقد المياه الرقمية حيث يجرى تغيير جذرى فى الطريقة التى تعمل بها المرافق العامة بفضل اللاعبين المهرة فى هذا القطاع والذين يعتمدون على الذكاء الاصطناعى وتعلم الآلة وتحليلات البيانات الجديدة لتحقيق كفاءة ومرونة أفضل لسلسلة قيمة مرافق المياه.
وبينما يسود نهج الانتظار والترقب، توجد تحركات لإصلاح المرافق من الألف إلى الياء من خلال فهم الحلول الرقمية واعتمادها ضمن مبادرات مثيرة حيث يتعلق الأمر بخلق قيمة، وليس فقط طرح أشياء يعتقد أنها رائعة من الناحية التكنولوجية.
وتساعد القوة الحسابية المذهلة والخوارزميات المتقدمة على ترجمة البيانات إلى معلومات ذكية قابلة للتنفيذ، وفى الوقت نفسه، من المتوقع أن تنمو شهية شركات الذكاء الاصطناعى فى جميع أنحاء العالم للدخول فى المضمار.
وتقدر مؤسسات دولية إنفاق عام 2019 على الذكاء الاصطناعى بمبلغ 35.8 مليار دولار، وهو مبلغ يمكن أن يتضاعف إلى 79.2 مليار دولار بحلول عام 2022.
وبجمع ما يقدر بنحو 300 مليون قطعة من البيانات التشغيلية كل يوم، يعد قطاع المياه هو المرشح المثالى لإجراء تحسين كبير للبيانات.
ويمثل ظهور أجهزة استشعار فعالة من حيث التكلفة وإنترنت الأشياء مصدراً آخر لاستخراج البيانات منه، حيث يمكن نشر أجهزة الاستشعار فى الأماكن التى قد تترك عادة دون مراقبة، وجمع بيانات الحالة والأداء للمساعدة فى الكشف عن التسريبات، والتنبؤ بالاستخدام وتوقع الفشل ومنع السرقة.
ووصل الذكاء الاصطناعى لكل شىء تقريبا كما يشير «جوانجتاو فو»، أستاذ تحليل المعلومات المائية بجامعة «إكستر» وزميل معهد «آلان تورينج» وهذا حديث الجميع، وفى السنوات العشر الأخيرة، تحسنت الخوارزميات والنماذج الجديدة بهذا المجال بسبب دقة التنبؤات من نماذج الشبكات العصبية الاصطناعية فى الماضى، والتى قد توفر فى بعض الحالات نظرة أكثر ثراءً من الاعتماد على المعرفة المحلية المحدودة.
وبالمقارنة مع الصناعات الأخرى، فإن تنفيذ الحلول الرقمية بواسطة مرافق المياه والصرف الصحى كان بطيئاً.
وفى دراسة استقصائية لقادة صناعة المياه أجرتها شركة «بلاك آند فيتش» للهندسة والاستشارات والإنشاءات ثبت أن ثلث المستطلعين تظل بياناتهم صامتة وغير مندمجة، فى حين يعتقد %55 أن استراتيجية إدارة البيانات لديهم قوية ومحسنة، رغم أنها تفتقر إلى التكامل التام، مما يجعل من الصعب فهم ما يحدث بشكل جماعى عبر أنظمة إدارة الموارد.
ولا يوجد أى وهم لدى المتخصصين فى مجال المياه فيما يتعلق بنطاق وتعقيد القضايا فى خط الأنابيب، من البنية التحتية المتقادمة وتضخم العواصم والمدن الرئيسية إلى تهديد الطقس المتطرف الذى يشكله تغير المناخ وهذا يعنى أن جعل الأنظمة ذات الكفاءة المثالية والمرونة بات أمراً ضرورياً لتجنب انقطاع الخدمة ونقص الماء بما يصل إلى مستوى الأزمة.
ووصف «ويل سارنى» الرئيس التنفيذى لشركة «ووتر فوندرى» بحسب تقرير صحيفة «ذا تايمز» التحديات المائية مجتمعة بأنها مشكلة كبرى ولا يمكن لأى شخص أو كيان إدارة هذا المورد عندما يواجه هذه الاتجاهات الكبيرة بدون تعاون شامل.
وأضاف أن الأمر يتعلق بأخذ الأدوات الرقمية وتطبيقها حتى يمكن ضمان الحصول على مياه شرب آمنة عند مواجهة الصدمات لنظام الإدارة.
وعلى الرغم من أن المحركين الأوائل فى الذكاء الاصطناعى سيستفيدون من كفاءات تشغيلية أفضل فى سلسلة القيمة الخاصة بهم، فضلاً عن ترسيخ أنفسهم كمرجع لأولئك الذين يتراجعون عن التقنيات الرقمية، تشير النتائج التى توصلت إليها شركة الاستشارات العالمية «رولاند بيرجر» إلى أن %23 فقط من المرافق الأوروبية تعتبر الذكاء الاصطناعى أولوية استراتيجية عالية وتهدف إلى أن تكون المحرك الأول، فى حين أن الغالبية بنسبة %60 تفضل تقليد الآخرين.
ويقول «جاى لينجار”، نائب الرئيس الأول وكبير مسئولى الابتكار والتكنولوجيا بشركة «زيلام لتكنولوجيا المياه» إن الكثير من هذه المرافق تعمل من خلال النظم القديمة ويعتقدون أن الذكاء الاصطناعى يحتاج استبدال كل شىء وأن تكلفته باهظة ويجهلون أن الأمر يتعلق بخلق قيمة وليس فقط طرح أشياء يعتقد أنها رائعة من الناحية التكنولوجية.
وتوجد علامات على أن المرافق تحرز تقدماً فى تبنى القدرات الرقمية، وإجراء تعديلات تنظيمية تؤدى إلى زيادة القيمة عند نشر التقنية وفقاً لـ”مارك كانى» مدير إدارة الأصول بشركة «بلاك آند فيتش» الذى يرى أن هناك تحولاً سريعاً مشهوداً فى التكنولوجيا التى تندمج مع تقنية المعلومات الخاصة بكل شىء مع رؤية كبار مسئولى البيانات وعلماء البيانات فى التخصصات المختلفة.
ويجرى حالياً بناء الشراكات، ويعززها اعتقاد واسع النطاق بأن الحل سوف يتطلب التعاون أكثر من مجرد الاعتماد على اللاعبين الرئيسيين فى الصناعة لمواجهة التحديات واسعة النطاق.
ويشيد «سارنى» بمراكز التكنولوجيا والمسرعات التى تعمل بجد لتحديد التقنيات المبتكرة والتقنيات الرقمية على وجه الخصوص، ثم العمل مع المرافق والقطاع الصناعى.
الصناعات كثيفة الاستهلاك مطالبة بدور أكبر فى الترشيد
إجراءات حيوية ضمن المسئولية المجتمعية لمواجهة شح الموارد
تتعرض القطاعات كثيفة الاستخدام للمياه مثل تلك التى فى التصنيع والإنتاج ى لتحمل مسئولية أكبر عن استهلاكها للمياه، ومع اقتراب العالم من مستقبل غير مطمئن بالنسبة للمناخ، تحتاج الشركات إلى العمل معاً فى القضايا المتعلقة بشح المياه.
ويعد التوفير الآمن لمياه الشرب حق من حقوق الإنسان ولكن هذا المبدأ تحت تهديد متزايد وليس فقط بسبب الجفاف وتغير المناخ وتزايد عدد السكان، ولكن أيضاً زيادة استهلاك الناس والصناعات كثيفة الاستخدام للمياه.
وتظل المياه واحدة من أهم مبادرات المسئولية الاجتماعية للشركات فى إطار جهودهم للاستفادة من الميزة التنافسية والوعى بالعلامة التجارية وتحسين الثقة مع العملاء والموظفين وأصحاب المصلحة.
ولكن مشاكل الحفاظ على المياه تشكل خطراً متزايداً على الشركات نفسها، ويؤكد معهد الموارد العالمية أن أكثر من مليار شخص يعيشون حالياً فى المناطق التى تعانى من ندرة المياه، وقد يرتفع هذا العدد إلى 3.5 مليار بحلول عام 2025.
وفى الوقت نفسه، وجدت وكالة «ناسا» أن 13 من أهم 37 حوضاً للمياه الجوفية فى العالم تستنفد بوتيرة أسرع بكثير مما يمكن أن تكون عليه عملية إعادة شحنها.
وتتمثل إحدى الخطوات الأولى التى يمكن أن تتخذها الشركات فى التغيير إلى مورد أكثر استدامة وعلى سبيل المثال تم تحرير السوق التجارى لقطاع المياه فى دول مثل بريطانيا خلال عام 2017، مما سمح للشركات بتغيير مزودى الخدمات، بغض النظر عن مكان تواجدهم.
ومع ذلك قام 36 ألف فقط من أصحاب الأعمال التجارية الصغيرة فى إنجلترا بالتبديل بين موردى المياه خلال الفترة من أبريل وحتى أغسطس 2017، من أصل 1.2 مليون شركة، وبعد مرور عام، تحول أقل من %5، وفقاً لبيانات هيئة خدمات تشغيل السوق التى تدير سوق المياه الجديد.
ولا تنجح جهود إزالة القيود إلا عندما تستغل الشركات ذلك، فبصرف النظر عن السعر، تشمل الحوافز للتبديل رفع خدمة العملاء وتحسين الكفاءات، بما فى ذلك الخدمات المصممة لتلبية متطلبات العملاء الأفراد وخدمات الدعم الإضافى.
وأشارت “ليز لوى” مديرة شركة كوكاكولا فى المملكة المتحدة للمسئولية الاجتماعية للشركات حيث تقدمت شركتها بطلب ترخيص من الإمداد الذاتى حتى يتمكنوا من التعامل مع تجار الجملة للمياه بدلاً من تجار التجزئة وهذا يقطع دور الوسيط ويحسن العلاقات ويكون أكثر مرونة.
وتوجد العديد من الفوائد للشركات العاملة فى الصناعات كثيفة الاستخدام للمياه والتى تتجاوز مبادرات المسئولية الاجتماعية للشركات بحسب “فيكتوريا روميرو”، مديرة الاتصالات العلمية والاستدامة بشركة “بروكتور آند جامبل” فى شمال أوروبا.
وقالت إن “بروكتر آند جامبل” خفضت كمية الماء لكل وحدة إنتاج بمقدار الربع منذ عام 2010، مع حلول مثل استخدام مياه الأمطار وإعادة الاستخدام للمرافق.
ووجدت العديد من مصانع العناية بالنسيج الموجودة فى المكسيك وباكستان والتشيك والولايات المتحدة مقاربات تدوير فريدة لإعادة استخدام المياه بشكل مفيد من عملية واحدة وتوفير المياه لعملية أخرى.
ومن الأمثلة الجيدة، مصنع ميناء قاسم فى باكستان والذى يقع داخل منطقة تعانى من الإجهاد المائى، حيث يجرى إعادة استخدام مياه التنظيف وملء الخزانات مرة أخرى فى عملية التصنيع.
ويعلم الجميع أن تكلفة المياه الشحيحة للشركات مرتفعة أكثر وتكون أقل موثوقية، لذلك يدرك الكثيرون أنه يجب عليهم التركيز فى الإشراف على المياه من أجل البقاء، وليس فقط سمعة أعمالهم.
وبالنسبة لشركة مثل كوكاكولا فإن الماء هو العنصر الرئيسى فى جميع المشروبات لديها وبدون ذلك لن تكون موجودة.
والشركات التى لديها مبادرات فى مجال الإشراف على المياه يؤمنون بأن العمل الذى يقومون به يساعد فى تأمين مستقبلهم.
ومع ذلك، لا تأتى مبادرات المسئولية الاجتماعية للشركات دون تحديات لأن التحكم فى نظم إدارة مصادر المياه لا يخضع للشركة كما أن الاستفادة من الشركاء والتمويل يمثل تحدياً كبيراً، ولكنه يمثل أيضاً فرصة مثيرة.
وفى أوقات تزايد توقعات المستهلكين، قد تواجه الشركات التى لا تفعل ما يكفى عواقب وخيمة ففى عام 2007، على سبيل المثال، واجهت «كوكاكولا» اتهامات بالتسبب فى نقص المياه فى الهند على الرغم من نفى الشركة، إلا أن تأثير ذلك على السمعة يتردد صداه بجميع أنحاء العالم.
وكان من المهم بالنسبة لهم التأكد من أن هذا لن يحدث مرة أخرى، مما خلق لحظة ثورية عندما ضاعفت جهودها حول الإشراف على المياه وتطوير التفكير والتعامل مع المجتمع لتحقيق أهداف مشتركة.
خسائر بالجملة من غياب التعاون فى حل أزمات المياه
%60 انخفاضاً فى تكلفة إعادة تدوير المياه المستخدمة
يعتبر التحدى الأهم حالياً هو الجمع بين مختلف أصحاب المصلحة لإدارة المياه بشكل استراتيجى سواء فى الاستخدام الصناعى أو الزراعى أو مياه الشرب.
ويقول “ألكساندر لين”، المدير التجارى بشركة “دوبونت ووتر سوليوشنز» إنه يمكن فعل شىء حيال ذلك، لكن على الجميع العمل بطريقة جماعية كما لم يحدث من قبل.
وتحتاج جهود التصدى للأزمة إلى مجتمعات مائية أكثر ارتباطاً وإشراك الصناعة والبلديات والسلطات للمساعدة فى إدارة الإمداد والنظر فى مصادر إعادة الاستخدام والجودة لجميع المعنيين.
وفى المناطق النائية التى تزود مجتمعاً أو إنتاجاً صناعياً، من مصدر أو مصدرين، من المهم إدارته بشكل كلى بدلاً من أن يأخذ كل صاحب مصلحة ما يحتاج إليه دون رؤية الصورة كاملة.
وفى سياق الابتكار، يعد تمكين تنقية وإعادة استخدام المياه العادمة أحد مجالات التركيز الرئيسية للشركات الكبرى ويعمل الحد الأدنى لتصريف السوائل على تحويل %95 من المياه العادمة إلى مصدر مستدام للمياه العذبة بسعر أقل بنسبة %60 من الحلول التقليدية.
وهذه الابتكارات تعزز عقلية أن المياه العادمة يجب أن ينظر إليها على أنها مصدر للمياه العذبة.
ولا يقتصر الأمر على الحاجة إلى قليل من المطر ثم كل شىء سيكون جيداً مرة أخرى لأن %80 من المياه المنتجة من التدوير يتم إعادتها إلى البيئة.
ويجب عدم قصر التفكير على التقليل من الاستخدام أولاً رغم أهميته ولكن أيضاً النظر إلى الطرق التى يمكن من خلالها إعادة تدوير ومعالجة المياه الموجودة فعلاً.
والجميع يجلس ويتحدث حول العذاب والكآبة والتعقيد ولكن على نحو ما لدى العالم فرصة سهلة لمحاولة إعادة تنشيط وتبسيط المناقشة.
وتقوم شركة “دون بونت» وهى شركة عالمية بدور رائد فى معالجة الخلل العالمى بالمياه كمصنع ومورد لتقنيات التنقية والفصل حيث يعد الابتكار الذى تطوره مكوناً أساسياً للمساعدة فى جعل نظافة المياه أكثر أماناً وأسهل من حيث إمكانية الوصول إليها.
ويعد الجمع بين الترشيح الفائق والتناضح العكسى والتبادل الأيونى، على وجه الخصوص، مشروع ابتكارى قوى عندما يتعلق الأمر بتنقية المياه من مجموعة واسعة من المصادر، بما فى ذلك المياه الجوفية والمياه السطحية ومياه البحر وحتى المياه العادمة.
ومع ذلك، فإن التكنولوجيا ليست سوى قطعة واحدة من اللغز والتحدى الأكبر هو الشرط لتحسين الوعى والتعاون فى الصناعة.
وتقدم مؤسسة “بريف بلو وورلد» مبادرة غير هادفة للربح للاهتمام بقضايا المياه بهدف دعم سلسلة القيمة لأصحاب المصلحة لكل واحد مختلفة تماماً فمن المهم أن يعمل كل طرف بفاعلية حتى يمكن التوصل إلى حل، بدلاً من مجرد بيع منتج.
ومن الضرورى أن يكون الجميع جزءاً من التفاعل بالإضافة إلى العمل على المستوى العالمى لجلب بعض الأفكار القيادية للأسواق والوصول لأحدث الحلول التقنية.
ووضعت الأمم المتحدة الهدف المستدام السادس لها بالحصول على المياه النظيفة والهدف 17 هو شراكات مطلوبة لتشكيل نظم إيكولوجية جديدة، وهذا يعنى تشييد طرق جديدة للنظر فى المشكلات وجمع أصحاب المصلحة المختلفين أكثر مما كانوا من قبل تاريخياً لدفع محادثات وتنفيذ حلول جديدة.
وتضم حلبة الصراع البنوك والحكومات والصناعة ومقدمو التكنولوجيا والعديد من الأشخاص الذين يجب عليهم أن يجتمعوا ويعملوا معاً.
وتوجد أيضاً حاجة إلى الإرادة السياسية والتمويل والتنظيم، وكذلك الابتكار الصحيح فى الأماكن التى تشتد الحاجة إليها وتأطيرها بشكل كلى وإسقاط الصوامع المنعزلة تماماً.
وتسيطر المياه على %66 من كوكب الأرض ويعطى ذلك للناس انطباعاً بوجود وفرة من المياه حولها ولكن فى الواقع، فإن حالة الإمداد هشة للغاية لأن %2.5 فقط من هذه المياه عذبة. ويتم تحويل أكثر من نصف المياه العذبة العالمية إلى مياه الصرف الصحى فى شكل صناعى والاستخدام المحلى والأعمال الزراعية.
ويمثل إعادة استخدام المياه العادمة مصدراً مستداماً فى المتناول للمياه والطاقة والمواد المغذية وغيرها من المواد القابلة للاسترداد وتعتبر المياه العادمة موجودة فى كل مكان وفى المناطق الشحيحة تصبح مورداً قيماً للغاية.
ويزودنا تغير المناخ والنمو السكانى بتحديات ضخمة للموارد تحتاج إلى معالجة عاجلة لكن شركات المياه أكثر ملاءمة للتصدى مع التحديات البيئية خاصة مع ارتفاع مستويات الإجهاد المائى.
ونحن فى وقت ملئ بالتحديات بالنسبة للقطاع فالأرض تعيش ضائقة مائية حرجة وتغير المناخ والنمو السكانى يغيران المشهد العالمى.
لكنه أيضاً وقت مثير لمن يرغب فى اقتناص الفرص حال لجأت الشركات للعمل عن كثب مع مراكز مرافق المياه والصناعة والأوساط الأكاديمية والابتكار والتواصل عبر الحدود الجغرافية. وتوجد فرصة حقيقية للتعاون والتثقيف والابتكار لتغيير طريقة القيام بالأشياء للأجيال القادمة.
ووضعت المملكة المتحدة كأول دولة من دول مجموعة السبع الكبرى هدفاً ملزماً قانونياً لخفض انبعاثات الكربون إلى الصفر بحلول عام 2050، وصناعة المياه فى المملكة لديها هدف أكثر طموحاً بحلول عام 2030.
ويجد حالياً البريطانيون بالفعل طرقاً لاستخدام طاقة أقل وإغلاق حلقة الموارد عن طريق استخراج الوقود الحيوى والأسمدة من مياه الصرف الصحى وإعادة استخدام المياه العادمة.
وتوجد أيضاً بعض الأعمال التعاونية الرائعة فى إدارة مستجمعات المياه، حيث تعمل شركات المياه مع سلسلة الإمداد والسلطات المحلية والمزارعين وملاك الأراضى لتشجيع الإدارة المستدامة للأراضى.
وتعترف الصناعة أيضاً بقلق الجمهور بشأن الملوثات الدقيقة، بما فى ذلك المستحضرات الصيدلانية المتبقية التى تصل إلى المجارى المائية.
وخلال دورة الاستثمار المقبلة للصناعة، من عام 2020 إلى 2025 يجب أن تتعاون شركات سلسلة التوريد وشركات المياه بشكل أوثق لحماية الأنهار وتقليل مخاطر جودة المياه.
كما يجب إشراك العملاء فى كل خطوة على الطريق وزيادة الوعى بالعمل المدهش الذى يجرى والتحسينات الهائلة فى نوعية مياه الشرب والمعايير البيئية للأنهار ومياه الاستحمام، ولكن أيضاً هناك دور الإشراف على المياه الذى يشترك فيه الجميع وخاصة حول الحد من الاستهلاك.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا