مقالات

اقتصاد اليابان ليس ميئوساً منه

يجب أن يتوقف العالم عن النظر إلى اليابان على أنها أراضٍ قاحلة، فلايزال اقتصاد البلاد، وهو ثالث أكبر اقتصاد فى العالم، مهماً، كما أنه ليس عالقاً فى حفرة ديموغرافية ميئوس منها دون هروب، بل بدلاً من ذلك كانت العقود الـ3 التالية لأزمة انفجار الفقاعة العقارية بمثابة فترة متقلبة بالنسبة للاقتصاد.
وبالنظر إلى أرقام الناتج المحلى الإجمالى فى الربع الرابع من عام 2018، التى أُعلن عنها قبل بضعة أيام، ستجد أن اليابانيين ليسوا عباقرة وأدائهم ليس مريعاً، بل إن ما يجعلهم مثيرين للاهتمام هو اعتيادهم على اﻷمور، فمعظم الاقتصادات الصناعية الرئيسية كان لديها – فى أفضل الأحوال – نهاية فاترة حتى عام 2018، وهذا ما عانت منه اليابان.
ويمكن النظر إلى ألمانيا التى انكمش اقتصادها فى الربع الثالث، فمن المرجح إصدارها تقرير يشمل تقييم متواضع للأداء الاقتصادى عن الربع الرابع، أما المملكة المتحدة وفرنسا فتمثلان بالكاد نماذج اقتصادية.
وفيما يخص الصين، التى تعرف بكونها محبوبة العالم، فهى تعد مصدر الهشاشة بالنسبة للعالم هذه الأيام، وليست مصدر قوة على الإطلاق، ولا تعد اﻷمور مبشرة خارج نطاق الولايات المتحدة التى لا تسير أمورها السياسية على ما يرام.
وبشكل عام، تظهر أرقام اليابان ارتداداً بسيطاً من حالة الانكماش التى عانت منها فى الأشهر الثلاثة السابقة، عندما تسببت الكوارث الطبيعية فى تراجع النشاط الاقتصادى.
بالإضافة إلى ذلك، كان النمو الاقتصادى لليابان البالغ %1.4 المسجل فى الربع اﻷخير على أساس سنوى، متماشياً مع التوقعات، ومع ذلك ربما تكون مكونات النمو أكثر إثارة للاهتمام.
وعانت صادرات اليابان فى الربع الرابع، مما يشير إلى أن تجارتها مع الصين تضررت، فلا عجب فى تعرض البلد، الذى يتعامل بشكل كبير مع ثانى أكبر اقتصاد فى العالم، للضرر بسبب إصابته بتباطؤ اقتصادى.
وارتفع الاستهلاك الخاص فى اليابان بنحو %0.6 فى الربع اﻷخير على أساس فصلى، وهو ما يقل بقليل مما كان متوقعاً، أما النجاح الحقيقى فيتمثل فى القفزة التي حققها الاستثمار فى الأعمال ليصل إلى %2.4، على الرغم من توقع خبراء الاقتصاد ارتفاعه بنسبة %1.8.
لذا عندما يتم نقد أداء اقتصاد اليابان، فما هو اﻷساس الذى تقوم عليه المقارنة؟.. فهناك عدد من الأمور التى تسير على ما يرام مع اليابان التى لا تحظى بالاهتمام الكافى، وعلى رأس القائمة الخاصة بتلك اﻷمور يجب أن يكون سوق العمل، فقد أظهر تقرير الوظائف الصادر فى فبراير الجارى وصول معدلات البطالة إلى %2.5.
ومع ذلك، يجب عدم إعارة مثل هذه اﻷمور اهتماماً كبيراً، فمعدلات البطالة الواقعة تحت المجهر مجرد ديموغرافيات سخيفة أخرى، حسناً، ولكن كان من المفترض أن تؤدى تلك الديموغرافيا إلى الهلاك.
لذا نحن بحاجة إلى إعادة ضبط سرد قصة اليابان، التى تواجه بدورها العديد من التحديات، فعلى سبيل المثال تشكل الزيادة المخطط لها فى ضريبة المبيعات فى وقت لاحق من العام الجارى عائقاً أمام الاقتصاد، كما أن الناتج المحلى الإجمالى كمقياس للأداء العام له معارضيه.
بالإضافة إلى ذلك، يسير كلاً من ارتفاع معدلات شيخوخة السكان فى المجتمع وانخفاض أعداد السكان بشكل سريع هناك، ثم يمكن أن يشكل هذا اﻷمر نقاط قوة مرة أخرى بكل سهولة.
ولكن دعونا نتوقف عن قول أن لا شىء فى اليابان يسير بشكل جيد بما فيه الكفاية، فلا يسعنى إلا الظن أن اليابان لا يمكن أن تكون كبش الفداء لو لم يكن هناك عهد التنمية السريعة والنشطة فى فترة الثمانينات والابتكار فى ممارساتها التجارية.

بقلم: دانيال موس

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

صندوق النقد: مستمرون في دعم مصر ولم نحدد موعد المراجعة المقبلة

أكدت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي، جولي كوزاك، خلال مؤتمر...

منطقة إعلانية