مقالات

لماذا تخشى البنوك التجارية العملات الرقمية «المركزية»؟

مع انتهاء دورة الألعاب الأولمبية الصيفية فى طوكيو، تتزايد الاستعدادات لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية فى بكين المقرر لها فبراير.وستقرع تلك الألعاب جرس البداية فى مسابقة دولية أكبر بكثير من التزلج على المنحدرات، إذ تخطط الصين للحصول على حصة مبكرة فى أرض العالم الجديد لعملات البنوك المركزية الرقمية، وسيمنح الأجانب أول فرصة حقيقية لهم للدفع باستخدام الرنمينبى الإلكترونى الصادر عن بنك الشعب الصينى وقد يشعر أى مصرفى من بين الزوار بالبرد وهو شعور لا يمكن لومه عليه فى الطقس دون الصفر.. لكن العملات الرقمية من البنوك المركزية يمكن أن تضر قطاعه بشكل كبير.

 

وتتعهد الأشكال الجديدة من العملات الرقمية بأن تكون سهلة ورخيصة الحمل والتداول وهذا يمنحها القدرة على هز قواعد قوة العملات الوطنية التقليدية.

إن مشروع الصين طويل الأمد لتطوير الرنمينبى الإلكترونى هو جزء من تحد أوسع نطاقا للنفوذ المالى للولايات المتحدة، كما أنه رد دفاعى على نمو أنظمة الدفع الخاصة فى الصين، وخصوصاً «على باى».

 

تخشى الديمقراطيات المتقدمة أيضًا أن يتم استبدال عملاتها جزئيًا من خلال العملات المشفرة البديلة الأكثر حيوية، ولذلك تفكر فى إنشاء عملات رقمية خاضعة للبنوك المركزية الخاصة بها، وتجرى دراسات الجدوى فى الاتحاد الأوروبى وبريطانيا، وحتى بشكل أكثر ضبابية فى الولايات المتحدة.

 

لماذا أى من هذا يهم البنوك؟

إذا كان بإمكانهم التوسط فى المعاملات بالبيزو والريال، فلماذا لا يستطيعون مع العملات الرقمية؟

 

تستعد العديد من البنوك الأمريكية بالفعل للتعامل بعملة بتكوين، وفى أوروبا، من المحتمل أن ينتهى الأمر بالبنوك إلى إدارة اليورو الرقمى كما تفعل مع النقد التقليدى.

 

وتكمن المشكلة فى أن المنظرين يعتقدون عادة أن البنوك المركزية ستحتاج إلى أن تصبح متلقية لودائع التجزئة لكى تكتسب عملات البنوك المركزية الرقمية الخاصة بها كتلة حرجة، وكان أخذ ودائع التجزئة من الأعمال الأساسية للمصرفيين فى أوروبا منذ العصور الوسطى.

 

سيبدو حساب الودائع لدى البنك المركزى الأوروبى أو تابعيه جذابا للعديد من الأوروبيين عندما تكون أسعار الفائدة منخفضة أو عندما ينتشر الذعر المالى، إذ لا تنهار البنوك المركزية فى الاقتصادات المتقدمة نتيجة خطر تبخر ودائع العملاء.فى المقابل، تم القضاء على العديد من البنوك التجارية فى الأزمة المالية، بما فى ذلك بنك «نورثرن روك» و«أنجلو آيرش بنك»، ومن المفارقات أن ودائع العملات الرقمية للبنك المركزى قد تؤدى إلى تفاقم عدم الاستقرار المالى لهذا السبب، ولنفترض أنه فى انهيار آخر قام عدد كاف من المودعين المذعورين بتحويل أموالهم من فرع بنكهم المحلى إلى البنك المركزى الإيطالى الآمن.

 

عندها سيكون البنك المحلى فى مشكلة خطيرة، ويمكن أن تكون حوالى 11 تريليون يورو من الودائع من الناحية النظرية معرضة للخطر فى جميع أنحاء منطقة اليورو، وفقاً لدراسة أجرتها أندريا فيلترى، الرئيس المشترك لأبحاث الأسهم فى «ميديوبانكا»، واقترح كبار الشخصيات مثل فابيو بانيتا، عضو مجلس إدارة البنك المركزى الأوروبى، وضع حد أقصى لمبلغ اليورو الرقمى الذى يمكن للعملاء إيداعه لدى البنوك المركزية.

 

ويقف الرقم المفضل عند 3000 يورو، وهو ما يقرب من نصيب الفرد من الأوراق النقدية المتداولة فى منطقة اليورو، وتقدر فيلترى أن ذلك يعادل تخفيضاً بحوالى تريليون يورو كحد أقصى فى الودائع التى تحتفظ بها البنوك التجارية فى منطقة اليورو، وهذا من شأنه أن ألا يتركهم مفتقرين إلى رأس المال للإقراض، وسيكون لديهم سيولة فائضة تبلغ حوالى 3.4 تريليون يورو.

 

الخصوصية شيء آخر، ولست مضطراً لأن تكون مبيضاً للأموال كى تكره فكرة أن تكون الجهات الحكومية قادرة على رؤية كل معاملة تشارك فيها، وهو ما قد يكون ممكنا مع عملات البنوك المركزية القائمة على تكنولوجيا بلوكتشين، وأوضح أحد الخبراء المشكلة مازحاً. وقال: «تم رفض معاملة البرجر بالجبن».

 

وهنا، تقوم الهيئات الحكومية المزدحمة «بإيقاف» النقود الإلكترونية التى يريد مواطن يعانى زيادة فى الوزن إنفاقها على وجبة خفيفة غير صحية، ولا تؤدى أى من هذه العقبات مع عملات البنوك المركزية الرقمية إلى إفلات البنوك التجارية تماما من المأزق إذ لا يزال البنك المركزى الأوروبى يفكر فى تأميم جزء من أعمال الودائع لدى البنوك.

 

ويأتى هذا فى وقت ينشغل فيه المتطفلون بمحاولة إبعاد خطوط الأعمال الأخرى عن المقرضين التقليديين، والتحويلات هى مجرد مثال، ويجمع نموذج العمل لمعظم البنوك التجارية خدمات متعددة معا لإنشاء وفورات الحجم، وتعد عملات البنوك المركزية الرقمية واحدة من الابتكارات التى تهدد بتمزيق نموذج العمل هذا.

بقلم: جوناثان جوثرى

محرر مشارك فى «فاينانشيال تايمز»

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

وزير الاستثمار والتجارة الخارجية: خطة لخفض زمن الإفراج الجمركي إلى يومين في 2025

أعلن وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، حسن الخطيب، عن خطة طموحة...

منطقة إعلانية