تحليل: عبد الرحمن الشويخ
على ما يبدو أن اللجوء لتبرعات الجماهير بات الحل الأسهل لإدارات الأندية ذات الجماهيرية في مصر، فبعدما أقدم الزمالك علي هذه الخطوة، أعلن يحيى الكومي رئيس الإسماعيلي سيره علي نفس النهج.
يحيى الكومي، رجل الأعمال البارز، خرج بتصريح قال فيه: “سنعمل علي فتح حساب بنكي لتلقي تبرعات من الجماهير لدعم النادي، مثلما قام نادي الزمالك بالخطوة ذاتها”.
الغريب في الأمر أن الخطوة التي قام بها الزمالك لا يمكن تقييمها بالناجحة، فحسب ما أعلنت إدارة النادي، بلغ إجمالي ما تم جمعه من تبرعات 25 مليون جنيه، أي “رُبع” ما كان يطمح حسين لبيب، رئيس اللجنة المكلفة بإدارة النادي في تحقيقه، مع الوضع في الاعتبار أن أكثر من نصف المبلغ تكفل به رجال أعمال بنسبة 60% تقريبا، وهو ما يعني أن الحملة لم تحقق الهدف منها، بالرغم من قيام العديد من نجوم النادي بدعوة الجماهير لدعم الزمالك.
غياب الحلول
تخرج إدارات الأندية بتبريرات كثيرة حتى تتنصل من مسئوليتها في إيجاد الحلول للأزمات المالية، فتلقي بالكرة في ملعب المشجعين، ليس هذا فحسب بل إن حسين لبيب خرج في أحد البرامج موجها اللوم للجماهير علي عدم إقبالها علي التبرع بالشكل الذي توقعه، بالرغم من أن توفير الموارد المالية هو دور الإدارة وليس الجماهير، وأن قرار التبرع هو أمر يخص فقط من يرغب في القيام به.
حتى الأهلي الذي يعيش ظروف أفضل من كل منافسيه، ألمح محمود الخطيب رئيس النادي، خلال حديثه عند وضع حجر الأساس لمشروع ستاد النادي الأهلي، إلي مشاركة الجماهير في التمويل بقوله: “الأهلي خلفه ملايين من محبيه وجماهيره، الجميع سوف يساعد في بناء ستاد ناديه”.
يرى زهير عمار خبير التسويق الرياضي، أن فتح باب التبرع للجماهير يدل على قصور شديد في إدارة الرياضة الإحترافية، فهذا الأسلوب من الصعب اللجوء إليه في أغلب دول العالم، حتي الدول التي لديها معاناة إقتصادية، مضيفا بالقول: “هناك وسائل كثيرة للحصول علي الدعم المالي من خلال الرعاة وبرامج أخرى تحقق دخل مثل تذاكر المباريات والعلامات التجارية وإنشاء فروع لأكاديميات الأندية بالخارج، وتحديدا أفريقيا، ويجب أن يكون هناك مدخلات أخرى للأندية في ظل وجود رابطة الأندية المحترفة، وآن الآوان أن يكون هناك فكر جديد بدلا من هذا الأسلوب الذي يضر الأندية وعلامتها التجارية.
مبادرة ادعم ناديك تنطلق بالسعودية
في السعودية، انطلقت مبادرة “ادعم ناديك” من خلال الهيئة العامة للرياضة، علي مرحلتين، كانت المرحلة الأولي في 2017، بتقديم مبلغ ريال واحد يوميًّا عبر الرسائل النصية، وتضمنت المرحلة الثانية في 2018 إطلاق طريقة جديدة للدعم، عبر تخصيص مبلغ مقطوع من إحدي الفئات الثلاث “10- 20- 30” ريالاً، بحيث يمكن للمشجع الرياضي إرسال رسالة نصية إلي رقم مخصص، تتضمن رقم المبلغ المراد دفعه بالإضافة لاسم النادي، وذلك من خلال هيئة الرياضة، وتم بعد ذلك منح الأندية الحق في التعامل المباشر مع المبادرة.
قد تكون المبادرة ساهمت في حل جزء من الأزمة المالية للأندية السعودية، لكن الدولة قدمت دعما لا محدودا للأندية، ووضعت ضوابط مشددة بتحميل الإدارات تبعات الغرامات المالية الخاصة بفسخ عقود اللاعبين والمدربين، وكذلك العمل بنظام الكفاءة المالية، وهو ما أثر بالإيجاب على أوضاع الأندية السعودية وإن ظل بعضها في أوضاع مالية صعبة مثل الاتحاد والأهلي والنصر.
يري صالح الصالح، المستثمر في قطاع الرياضة السعودية، أن التجربة غير ناجحة ولن تنجح، كونها غير عادلة حسب وصفه، فالمشجع ذو الدخل المحدود يدفع أموالا للاعب يحصل علي رواتب باهظة، دون أن يعود عليه ذلك بأي فوائد أو امتيازات، وهو أمر غير منطقي.
الأفريقي والزمالك.. وجهان لعملة واحدة
الحالة التي يعيشها الزمالك حالياً بالحرمان من القيد وتراكم الديون، مر بها نادي الأفريقي التونسي من مايو 2020 حتي أغسطس الماضي، وبلغت ديون النادي في سبتمبر 2020 حوالي 11.5 مليون دولار، لكن الإدارة التي تولت قيادة النادي في فبراير 2021، نجحت من خلال حملة دعم كبيرة قامت بها الجماهير في جمع أكثر من نصف المبلغ، والخروج من عنق الزجاجة.
الزمالك يحتاج ما لا يقل عن 200 مليون جنيه للخروج من الأزمة المالية التي يمر بها، بسبب القضايا الخارجية ومنها ما صدر فيه أحكام نهائية مثل قضايا أتشمبونج وجروس وماريتيمو البرتغالي وسبورتنج لشبونة ومعروف يوسف وحسام أشرف ويتجاوز مجموعها 4.5 مليون دولار تقريبا، وقضايا أخرى متداولة مثل قضايا باتشيكو وخالد بوطيب، بالإضافة لتجديد عقود لاعبيه التي تنتهي بنهاية الموسم.
كل ذلك يعني ضرورة وجود مجلس إدارة منتخب يدير النادي بشكل مستقر حتى يستطيع وضع خطط عاجلة وأخرى قصيرة الأجل للخروج من الأزمة، يكون أول قرارتها تشكيل إدارة للتسويق والاستثمار من شخصيات تمتلك الخبرة والتجربة والكفاءة، وتستطيع إيجاد حلول وتوفير موارد مالية مستدامة للنادي، بعيدا عن إلقاء الكرة في ملعب المشجعين.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا