ملفات

كيف يتشكل مستقبل صناعة الرقائق الأمريكية؟

الرقائق الإلكترونية

كان من السهل أن تكون حالماً بشأن صُناع الرقائق الأمريكيين فى الربيع، لكن أزمة الإمدادات العالمية أثبتت مدى تأثير الرقائق الرئيسية فى الحياة الحديثة، إذ ظل الطلب مرتفعاً على التكنولوجيا العاملة بالرقائق.

كان المستثمرون أقل كآبة بشأن الرقائق من التقنيات الأخرى، التى كانت تتعرض لضربة سوق الأوراق المالية، وكان قانون الرقائق يُمرر عبر الكونجرس واعداً بدعم قدره 52 مليار دولار للمشاريع المختلفة بالتالى خفض اعتماد البلاد على المصادر الأجنبية.

لكن الأحلام أصبحت مرعبة اليوم، فقد أعلنت صانع رقائق الذاكرة «ميكرون»، فى أواخر سبتمبر، عن انخفاض بنسبة %20 على أساس سنوى فى المبيعات الفصلية.

وبعد أسبوع، خفضت صانع أشباه الموصلات «إى إم دى» تقديرات مبيعاتها للربع الثالث بنسبة %16.

ويقال إن «إنتل» تخطط لتسريح آلاف الموظفين، بعد سلسلة من النتائج السيئة التى يُحتمل أن تستمر عندما تقدم تقريرها الربع السنوى الأخير فى 27 أكتوبر، وقد خفضت للتو تقييم الاكتتاب العام الأولى لوحدتها ذاتية القيادة إلى ثلث مبلغ الـ50 مليار دولار الذى كانت تتوقعه فى الأصل.

ومنذ يوليو، خفضت أكبر 30 شركة أمريكية لصناعة الرقائق أو نحو ذلك، توقعات الإيرادات للربع الثالث من 99 مليار دولار إلى 88 مليار دولار، كما تم محو أكثر من 1.5 تريليون دولار من القيمة السوقية المجمعة لشركات الرقائق الأمريكية المدرجة خلال العام الجارى.

ذكرت مجلة «ذا إيكونوميست» البريطانية أن الصناعة تشتهر بتقلباتها الدورية، حيث يستغرق بناء السعة الجديدة بضعة أعوام، وفى ذلك الوقت قد لا يكون الطلب محتدماً للغاية.

يتم الآن تشغيل هذه الدورة من قبل الحكومة الأمريكية، حيث يحفز قانون الرقائق، الذى أصبح قانون فى أغسطس بعد هتافات المسؤولون فى الصناعة، جانب العرض فى أعمال أشباه الموصلات تماماً كما تكثف إدارة بايدن جهودها لمنع الرقائق الأمريكية الصنع ومعدات صناعة الرقائق من الذهاب إلى الصين، مما يضعف الطلب على المنتجات الأمريكية فى أكبر سوق لأشباه الموصلات فى العالم.

وسواء كان من المنطقى بالنسبة لأمريكا جلب المزيد من صناعة الرقائق إلى الوطن أم لا، وإعاقة منافستها الجيوسياسية بحظر التصدير، فإن الجمع بين المزيد من العرض وقلة الطلب هو مجرد وصفة للمشاكل.

وإذا سرعت السياسات الأمريكية جهود الصين «لكسب المعركة بقوة فى التقنيات الأساسية الرئيسية»، كما أكد الرئيس الصينى شى جين بينج فى خطاب ألقاه أمام مؤتمر الحزب الشيوعى فى 16 أكتوبر، فقد تؤدى إلى ظهور منافسين صينيين أقوياء.

ومن هذا المنطلق، فإن مجال الاحلام يكفى لإبقائك مستيقظاً من الذعر فى الليل.

حتى الآن، كان الركود الدورى أكثر حدة فى السلع الاستهلاكية، حيث تشكل أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية نحو نصف ما قيمته 600 مليار دولار من الرقائق التى تباع سنوياً، كما يشترى المتسوقون المرهقون من التضخم عدداً أقل من الأدوات.
وتتوقع شركة الأبحاث «جارتنر» انخفاض مبيعات الهواتف الذكية بنسبة %6 خلال العام الجارى ومبيعات أجهزة الكمبيوتر الشخصية بنسبة %10.
كذلك، تعمل شركات مثل «إنتل»، التى أبلغت المستثمرين فى فبراير أنها تتوقع نمو الطلب على أجهزة الكمبيوتر بشكل مطرد خلال الخمسة أعوام المقبلة، على مراجعة توقعاتها.
يمكن أن تكون الشرائح الأخرى التالية، فقد تسبب الذعر فى الشراء وسط نقص الرقائق العام الماضى فى إمداد العديد من الشركات المصنعة بكمية كبيرة من رقائق السيليكون.
تقدر شركة «نيو ستريت ريسيرش» أن مخزون الشركات الصناعية من الرقائق بين شهرى أبريل ويونيو بلغت نحو %40 أعلى من المستوى التاريخى بالنسبة للمبيعات، كما أن المخزونات لدى صُناع أجهزة الكمبيوتر والسيارات ممتلئة بالمثل.
جدير بالذكر أن شركتى «إنتل» و»ميكرون» ألقت باللوم فى النتائج الضعيفة جزئياً على ارتفاع مخزونات العملاء.
لا شك أن وفرة العرض وضعف الطلب يضربان الأسعار بالفعل، حيث تشير شركة «فيوتشر هوريزونز» إلى أن تكلفة رقائق الذاكرة انخفضت بمقدار الخمسين فى العام الماضى، كما انخفض سعر الرقائق المنطقية، التى تعالج البيانات وتكون أقل سلعة من رقائق الذاكرة، بنسبة %3.
سيتجه مشترو الرقائق إلى استخدام مخزوناتهم فى النهاية، لكن بعد ذلك قد يشترون أقل من ذى قبل.
فى أغسطس، ألمحت شركتا «ديل» و»هيوليت باكارد»، وهما من صانعى الأجهزة، إلى تراجع الطلب من العملاء التجاريين.
يذكر أيضاً أن مبيعات أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية بدأت فى الاستقرار قبل كوفيد- 19، وربما يتم استئناف هذا الاتجاه.
لا يستطيع صُناع الهواتف استخدام المزيد من الرقائق فى أجهزتهم إلى الأبد، وهذا يمثل مشكلة بالنسبة لشركات مثل «كوالكوم»، التى تستمد نصف مبيعاتها من رقائق الهواتف الذكية، و «إنتل»، التى تحصل على حصة مماثلة من تلك الخاصة بأجهزة الكمبيوتر.
كان رد صُناع الرقائق هو المراهنة على أسواق جديدة، فعلى سبيل المثال تنوع «كوالكوم» نشاطها فى مجال السيارات، بينما تتنافس «أى إم دى» و»إنتل» و»إنفيديا» على مراكز بيانات الحوسبة السحابية، حيث يكون الطلب على الرقائق قوياً.

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

منطقة إعلانية