كتبت: مريم إيهاب
تراجع مؤشر فاو لأسعار الغذاء في يناير الماضي للشهر العاشر على التوالي ليكمل بذلك أطول سلسلة تراجع شهرية له في نحو 3 عقود.
سجل مؤشر “فاو” 131.2 نقطة في يناير الماضي، مقارنة بـ135.6 نقطة في يناير 2022، أي قبل شهر من اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية التي تسببت في تفاقم أسعار الغذاء العالمية.
في المقابل، سجل مؤشر تضخم الغذاء في مصر ارتفاعا سنويا بـ48.1%، مدفوعا بارتفاع الحبوب والخبز 65.3%، واللحوم والدواجن 59.7%، وسجل مؤشر التضخم السنوي 26.5% في عموم الجمهورية.
لماذا ترتفع الأسعار في مصر؟
اعتبرت الدكتورة لميس العربي، عضو هيئه تدريس ورئيس قسم الاقتصاد في الجامعة المصرية الصينية، أن ازمة التضخم في مصر بدأت منذ بداية عام 2022 أي قبل الحرب الروسية الاوكرانية بشهرين على الأقل، لذلك فإن الأمر لا يتعلق بالأزمات العالمية بقدر ما يتعلق بعجز ميزان المدفوعات المصري.
“نحن في حاجة دائمة إلى دولار نظراً لارتفاع قيمة الواردات إلى 90 مليار دولار مقارنة بصادرات لا تتجاوز 45 مليار.
بالإضافة إلى خروج الأموال الساخنة من مصر عقب رفع الفيدرالي الأمريكي للفائدة وبالتالي انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار، واحتجاز العديد من السلع في الموانئ والتي هي بالأساس من مدخلات الإنتاج، انتهاءً بقرض صندوق النقد، “كل هذه الأسباب مجتمعة أثرت سلبا على اسعار السلع والخدمات في مصر”، قالت العربي.
وأشارت إلى أن السبب الرئيسي في ذلك هو الانخفاض الكبير للجنيه المصري امام الدولار في دولة تعتمد على الاستيراد في العديد من مدخلات الإنتاج، وذلك على النقيض من كون الدولة مصدرة، ففي حالة الصين مثلا، كدولة مصدرة فإن انخفاض قيمة عملتها يمنحها ميزة تنافسية في السوق العالمي.
من ناحية أخري أرجعت الدكتورة “عالية المهدي” أستاذة الاقتصاد، أسباب ارتفاع الاسعار في مصر الي العوائق التي وضعتها الدولة أمام الاستيراد منذ مارس وحتى نوفمبر 2022 ولمدة تزيد عن سبعة اشهر، وهو ما تسبب في ارتباك المستوردين ووضع سعر عالى للمنتجات في حوزتهم بسبب تخوفهم من أسعار الاستيراد وإمكانيته في المستقبل.
السبب الآخر، بحسب المهدي، هو تحرير سعر صرف الجنيه وفقاً لمتطلبات صندوق النقد للحصول على القرض.
هل استفادت مصر من الحرب؟
في المقابل، ترى المهدي إن مصر استفادت استفادت من الحرب الروسية الأوكرانية بارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في العالم في الوقت الذي صدرت فيه مصر كميات كبيرة من الغاز.
وقال وزير البترول والثروة المعدنية طارق الملا، في وقت سابق من هذا الشهر إن صادرات مصر البترولية ارتفعت في عام 2022 لتسجل 18.2 مليار دولار، فضلا عن تحقيق فائض في الميزان التجاري البترولي للعام الثالث على التوالي يتخطى 3 مليارات دولار.
لكن لماذا انخفضت الاسعار عالمياً؟
أوضحت “العربي” أنه برغم تنفيذ الدول الكبرى لسياسات نقدية متشددة كما هو الحال في مصر، إلا قوة الدولار الأمريكي أدى إلى مردود أفضل لهذه السياسات وهو ما ظهر جلياً في السوق المحلى واسعار السلع.
هل تنخفض الاسعار في مصر؟ ومتى؟
قالت لميس إنه من غير الوارد أن تنخفض الأسعار في مصر في حالة عدم احتواء التضخم الناتج عن ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج.
ما يعنى أننا قد لا نرى اى انعكاسات إيجابية بانخفاض الأسعار خلال هذه السنة.
ترى عالية المهدي، أن انخفاضات الأسعار العالمية لن تصل إلى مصر نتيجة للتغير المستمر في سعر صرف الجنيه أمام الدولار.
بالتالي لن يحدث التراجع إلا عند استقرار سعر صرف الجنيه وحدوث توازن بين المعروض من العملات الأجنبية والطلب عليها.
وأشارت إلى أن استقرار الاقتصاد وبداية مرحلة التعافي والنمو لن يحدث إلا من خلال زيادة الانتاج واستبدال الواردات بخيارات محلية وهو ما قد يستغرق بين ثلاث وأربع سنوات.
تعمل عليه الحكومة في الوقت الحالي على الاعتماد على المنتجات المحلية، من خلال ضخ استثمارات جديدة في قطاع الغزل والنسيج على سبيل المثال، وهو ما تراه المهدي “خطوات إيجابية”، كما تعمل قطاعات بالفعل على التصدير مثل الأسمدة والأسمنت والحديد، وهو ما سيؤدي إلى تعافي الاقتصاد المصري وبالتالي ينعكس علينا كأفراد بالايجاب.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا