ينتظر صندوق النقد الدولي رؤية مصر لتنفيذ المزيد من الإصلاحات واسعة النطاق التي تعهدت بها قبل إجراء المراجعة الأولى لبرنامج بقيمة 3 مليارات دولار، وفقًا لما نقلته بلومبرج عن أشخاص مطلعين على الأمر.
يريد الصندوق الذي يتخذ من واشنطن مقراً له، أن يرى صفقات خصخصة لأصول الدولة ومرونة حقيقية في تسعير العملة المصرية لضمان نجاح المراجعة، حسبما قال الأشخاص، الذين طلبوا من بلومبرج عدم الكشف عن هويتهم نظرا لسرية الأمر.
في ديسمبر الماضي، وافق صندوق النقد على برنامج مدته 46 شهرًا لمصر، وأظهرت وثيقة الصندوق التي نشرت وقتها أن البرنامج المصري سيخضع لمراجعتين سنويا حتى منتصف سبتبمر 2026، بإجمالي 8 مراجهات، وأن المراجعة الأولى والتي سيصرف على أساسها الشريحة الثانية من القرض كانت ستتم في منتصف مارس الماضي.
قال جهاد أزعور، مدير صندوق النقد الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا الوسطى، في مؤتمر صحفي الخميس، إن “مرونة سعر الصرف هي أفضل وسيلة لمصر لحماية اقتصادها من الصدمات الخارجية”.
أشار أزعور أيضا إلى أن هناك حاجة إلى “إعادة تصميم دور الدولة للتركيز على القطاعات ذات الأولوية ووزيادة مساهمة القطاع الخاص في الاستثمار ودعمه على تحقيق النمو وخلق المزيد من العملات الأجنبية”.
وقالت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، في نفس اليوم إن الصندوق يستعد لإجراء المراجعة، دون إعطاء جدول زمني، وقالت للصحفيين “الفرق تعمل وأنا واثقة من أننا سنحقق نتيجة جيدة.”
يعتبر اتفاق مصر مع الصندوق عنصر حيوي في جهود أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان لدعم اقتصادها الذي تعرض لأزمة ويسجل مستويات قياسية للتضخم خاصة بعد أن فقد الجنيه نصف قيمته في نحو 13 شهرا، تحت ضغوط الغزو الروسي لأوكرانيا إلى جانب سياسات التشديد النقدي حول العالم والتي رفعت كلفة الاقتراض.
من المفترض أن يحفز دعم الصندوق استثمارات بمليارات الدولارات من حلفاء الخليج، بما في ذلك السعودية والإمارات، وهي الاستثمارت التي وصفها صندوق النقد بأنها “بالغة الأهمية”.
يحرص صندوق النقد على الحد من دور الدولة في الاقتصاد بخطوات تشمل بيع حصص في الشركات المحلية، ولطالما اشتكت الشركات الخاصة من منافسة غير عادلة من قبل مؤسسات الدولة، لكن ترى الحكومة أنها قامت باستثمارات ما كان للقطاع الخاص القيام بها لأنها ليست ذات عائد مُجزي.
رغم ذلك أعلنت الحكومة في سبتمبر الماضي خطة لزيادة حصة القطاع الخاص من الاستثمارات إلى 65% خلال 3 سنوات مقارنة بنحو 30% فقط حاليا.
أعلنت الحكومة أيضا في فبراير الماضي عن قائمة تضم 32 شركة ستبيع فيها حصصًا في غضون عام، لاحقا قال وزير المالية محمد معيط إن العدد قد يرتفع وإن بعض الأصول ستطرح في السوق في أبريل.
وفقًا لبرنامج صندوق النقد، فمن المتوقع أن تجمع مصر ملياري دولار من بيع حصص مملوكة للدولة خلال السنة المالية الحالية التي تنتهي في يونيو.
إدارة وضع الجنيه هو أيضا قضية حاسمة، إذ تقول السلطات إنها تتحول إلى سعر صرف مرن وخفضت قيمة الجنيه ثلاث مرات منذ مارس 2022، لكن فترات الاستقرار الطويلة للجنيه حتى مع انخفاض قيمته في السوق الموازية المحلية أثارت تساؤلات.
ما يزيد الموقف تعقيدا هو المخاوف بشأن التضخم، الذي بلغ بالفعل أعلى مستوياته منذ الاتفاق مع صندوق النقد نهاية عام 2016، وحذر صندوق النقد في يناير من أن البنك المركزي “قد يواجه ضغوطا اجتماعية لتغيير مساره”.
كانت دول الخليج الغنية بالطاقة في السابق مصدرا سريعا وموثوقا لمساعدة مصر، لكن في حين وعدت السعودية وقطر باستثمارات تتخطى الـ10 مليارات دولار منذ حوالي عام، لم يتحقق منها سوى جزء ضئيل إذ تضغط دول الخليج لضمان قيام مصر بإصلاحات أعمق.
ستؤدي الموافقة على المراجعة، التي ينبغي أن يناقشها مجلس إدارة صندوق النقد الدولي بحلول شهر يونيو، إلى حصول مصر على شريحة ثانية من القرض، بحوالي 354 مليون دولار.
يمكن لصندوق النقد الدولي أن يجمع بين المراجعات في بعض الحالات، ما يعني أنه إذا لم تكتمل المراجعة الأولى بحلول يونيو، فيمكن دمجها مع المراجعة التالية، والتي من المقرر إجراؤها في النصف الثاني من عام 2023.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا