تمثل تدفقات النفط نقطة حاسمة بالنسبة للسعودية بالنظر إلى عائدات صادرات “المملكة” السنوية، إذ شكّل النفط وحده نحو 80% من الصادرات خلال العام الماضي.
نمو الاقتصاد السعودي سيتأثر بقرار “المملكة” تمديد خفض إنتاجها من النفط في يوليو الجاري، والذي قد يستمر لأبعد من أغسطس المقبل، بحسب وكالة بلومبرج.
خفض الإنتاج والطلب العالمي
قبل أسبوع تقريبًا، نقلت وكالة الأنباء السعودية “واس” عن اتجاه المملكة لتمديد الخفض التطوعي لإنتاج النفط من يوليو إلى أغسطس المقبل عند ما يقرب من 9 ملايين برميل يوميا، وهو مستوى نادراً ما وصلت إليه المملكة في العقد الماضي، وأشارت إلى أن الخفض قد يمتد لوقت إضافي بعد أغسطس.
خفض إنتاج النفط يعني معروضًا أقل أمام الأسواق العالمية، ما يعني دعم الأسعار، لكن أسعار النفط لم تتحسن كثيرا بعد قرار الرياض، ليتم تداول خام برنت فوق 78 دولار للبرميل، وهو أقل بنحو 9% عن بداية العام الجاري، وأقل بنحو 27 دولارًا عن أسعار يوليو 2022، وسط توقعات هشه لنمو الطلب العالمي على النفط وزيادة إنتاج الولايات المتحدة.
كيف يتأثر اقتصاد المملكة؟
مع حالة ضعف الطلب على النفط حاليًا، قد يضغط قرار السعودية بتمديد تخفيض الإنتاج التطوعي على اقتصاد المملكة، الذي تبلغ قيمته 1 تريليون دولار، بعد أن كان الأكثر نمواً في مجموعة العشرين خلال العام الماضي بنمو 9%.
خفض الإمدادات قد يمثل عبئاً على اقتصاد المملكة كأكبر مُصدِر للنفط في العالم، وقد ينخفض الاقتصاد بنسبة 0.1% هذا العام إذا رفعت الحكومة الإنتاج في سبتمبر، وبنسبة 1% إذا استمرت في المسار لبقية عام 2023، وفقاً لـ “بلومبرغ إيكونوميكس”.
جان ميشيل صليبا، اقتصادي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “بنك أوف أميركا” قال إن الخفض السعودي قد يكون مُكلفاً.
البنك الأمريكي يتوقع تباطؤ النمو إلى 0.9%، لكنَّه يتوقَّع أيضًا انكماشاً بنسبة 0.6% إذا لم يتم التراجع عن تخفيضات إنتاج هذا العام، وفي حال تراجع الاقتصاد لهذا المستوى ستتذيل المملكة العربية السعودية قائمة مجموعة العشرين بعد الأرجنتين، وفقاً لاستطلاعات بلومبرج.
كما أن توقُّعات انخفاض إيرادات النفط وضعت ميزانية المملكة في عجز وقد يجبرها هذا على اقتراض المزيد، إذ باعت الحكومة 16 مليار دولار من سندات اليوروبوند حتى الآن هذا العام رغم ارتفاع أسعار الفائدة عالميا.
قيمة مبيعات السعودية من سندات اليورو في الفترة المنقضية من العام الجاري أعلى مما أصدرته المملكة في عامي 2021 و2022 مجتمعين، وفقاً لبيانات “بلومبرج”، وهو ما أرجعه مسؤولون سعوديون إلى إعادة تمويل الديون القائمة.
نظرة تفاؤل
صدر بعض المحللون نظرة تفاؤل لنمو اقتصاد المملكة، حتى وإن استمر تخفيض إنتاج النفط في المملكة لنهاية العام المقبل، إذ ترى آمي مكاليستر من “أكسفورد إيكونوميكس” أنَّ الناتج المحلي الإجمالي للسعودية سيرتفع بنسبة 0.3%.
لا يزال الاقتصاد السعودي غير النفطي مزدهرًا حيث يعمل السواد الأعظم من السعوديين في وقت تهدف رؤية 2030 لولي العهد إلى تعظيمه، وقد عززت الشركات الخاصة خارج صناعة النفط طلباتها بأسرع معدل على الإطلاق في يونيو الماضي، وفق مؤشر مديري المشتريات، الذي ارتفع 1.1 نقطة بنهاية يونيو الماضي إلى 59.6 نقطة.
كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في “بلومبرغ إيكونوميكس” زياد داود، قال: “هذا هو القطاع المهم حقاً لخلق فرص العمل وأرباح الشركات”.
وتقول الحكومة السعودية إنَّ الاقتصاد غير النفطي سيتوسع على الأرجح بنسبة 5.8% هذا العام.
قال متحدث باسم وزارة المالية السعودية: “يركز التحول والتنويع الاقتصادي السعودي في إطار رؤية 2030 على الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي”.
نقطة التعادل
يتوقَّع محللي طاقة عديدين، وكذلك المملكة العربية السعودية نفسها، أن تنتعش سوق النفط خلال بقية عام 2023 مع نمو الطلب في الصين والهند.
في هذه الحالة، فمن المرجح أن ترتفع الأسعار، إذ تتوقَّع مجموعة “غولدمان ساكس” قفز سعر النفط الخام إلى 86 دولاراً للبرميل بحلول ديسمبر.
حاليًا، الأسعار أقل مما تحتاجه المملكة العربية السعودية لتعادل موازنتها، وضع صندوق النقد الدولي، في أحدث توقُّعاته، سعر التعادل للنفط لهذا العام عند حوالي 81 دولاراً للبرميل وذلك يعتمد على إنتاج 10.5 مليون برميل يومياً، كما أنَّه يستبعد إنفاق الصندوق السيادي وكيانات الدولة الأخرى على المشاريع العملاقة التي أطلقها ولي العهد، بما في ذلك مدينة نيوم الجديدة.
ويقول اقتصاديو “بلومبرج” إنَّ تعادل الموازنة يحتاج إلى ما يقرب من 100 دولار للبرميل عندما يؤخذ ذلك في الاعتبار.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا