تستعد شركة الصناعات الغذائية المصرية “دومتي” لاتخاذ قرار حاسم بشأن عرض “آرلا فودز” الدنماركية؛ للاستحواذ على 100% من أسهمها.

القرار ليس مجرد مسألة مالية أو صفقة تجارية، بل هو اختبار لاستجابة الشركة للتغيرات الديناميكية في السوق المصرية خلال السنوات الأخيرة.

عرض مثير للاهتمام

بداية العرض على دومتي “مثير للاهتمام”، وأعرب مساهمو الشركة الرئيسيون عن تفضيلهم لإبرام الصفقة مع “آرلا” نظراً لكونها واحدة من الشركات العالمية العاملة في مجال منتجات الألبان.

تبلغ قيمة الاستحواذ المقترح نحو 8.9 مليار جنيه، بسعر 31.48 جنيه للسهم الواحد، وبزيادة 71% عن قيمة السهم في إغلاق 15 أكتوبر الجاري.

مع رغبة “آرلا” في تقديم عرض شراء غير ملزم، فإن هذا يتضمن أيضاً الشطب الاختياري من البورصة.

دوافع “دومتي” لقبول العرض

واحدة من أهم قواعد الأسواق المتعارف عليها بين الشركات، هو التركيز على الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من المستهلكين، بغض النظر عن قدرتهم الشرائية.

في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر، أقر نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة دومتي، محمد الدماطي، بتغير ديناميكية السوق وانتقالها من التركيز على الكتلة الكبيرة من المستهلكين “الجمهور العام” إلى التركيز على شريحة محددة ذات القدرة الشرائية العالية “النخبة”.

“ديناميكية السوق المصري تغيرت، ولابد أن يدرك الجميع هذا التغيير. في الماضي، كان من يريد النجاح والتوسع يعمل على السوق الواسع أو الغالبية العظمى من الشعب. أما اليوم، فإن من يرغب في تحقيق النجاح، عليه أن يركز على الأسواق المتخصصة (niche) ويستهدف شريحة محددة من الجمهور”.. هكذا دون الدماطي على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”.

تغيرات دراماتيكية في السوق المصرية

بالفعل، تشهد الأسواق في مصر تغيرات دراماتيكية، جعلت الشركات تولي دفتها لاستهداف شريحة النخبة “niche market”، وهي الشريحة التي تمثل نسبة محدودة تصل إلى 5% من السكان تقريباً، وتتمتع بقدرة شرائية عالية، وتفضل المنتجات والخدمات الفاخرة، وفق وصف وتقدير البعض.

تحرير العملة والتضخم “متهمان” رئيسيان في ذلك التحول، لما فرضوه من زيادات سعرية قياسية في أسعار المنتجات والسلع، ولا مبالغة إن قلنا من الإبرة إلى الصاروخ.

البحث عن التفرد والتميز

يتفق مع الدماطي، مسئول كبير بإحدى الشركات القابضة العاملة في قطاع التجزئة والصناعات الغذائية في مصر، قائلاً: “التركيز على شريحة النخبة أصبح استراتيجية أكثر فعالية في ظل الظروف الراهنة. هؤلاء العملاء ذوي القدرة الشرائية العالية لا يبحثون فقط عن جودة المنتجات، بل أيضاً عن التفرد والتميز. لذا، الشركات التي تستطيع تقديم قيمة مضافة وفاخرة لهذه الفئة ستكون في موقع أفضل لتحقيق النجاح والنمو”.

قفزة في المبيعات العقارية

يتضح ذلك في مبيعات القطاع العقاري الذي تضاعفت بشكل حاد في السنوات الأخيرة الماضية.

مثلاً حققت أكبر 10 شركات عقارية في مصر، مبيعات قياسية خلال النصف الأول من العام الحالي، تزيد على 647 مليار جنيه، بدعم من طرح مشروعات ومراحل جديدة في الساحل الشمالي، وهي زيادة تقدر بنحو 319%، مقارنة بمبيعات الفترة المقارنة من العام الماضي، وفق تقرير شركة ذا بورد كونسالتينج.

حتى أن صافي أرباح أبرز 5 شركات عقارية مدرجة في البورصة زاد بنسبة 151% ليقفز إلى 15 مليار جنيه خلال النصف الأول من العام الحالي.

كانت الأرباح من نصيب كل من طلعت مصطفى وإعمار مصر ومدينة مصر ومصر الجديدة وسوديك.

زيادات قياسية في أسعار السيارات

الأمر كذلك في أسعار السيارات، التي شهدت قفزة كبيرة خلال الفترات الماضية، إذ ارتفع متوسط سعر المركبات الاقتصادية في مصر من 200 ألف جنيه إلى نحو مليون جنيه.

“السوق يتغير بالتأكيد.. وصحيح أن القوة الشرائية باتت تتركز أكثر في شريحة النخبة، لكن على الجانب الآخر، لا يمكن إغفال الشريحة العامة. سيظل السوق حاضناً لكل الشرائح”.. هكذا قال عضو شعبة السيارات باتحاد الغرف التجارية، علاء السبع.

التركيز على المنتجات والخدمات الفاخرة

ببساطة.. شريحة النخبة غالباً ما تركز على المنتجات والخدمات الفاخرة، التي تتوافق مع أنماط حياتهم واحتياجاتهم الخاصة، وهذا يخلق سوقاً يتنافس فيه التجار والشركات على تقديم منتجات عالية الجودة بأسعار مرتفعة.

أما الشريحة العامة، تمثل الأغلبية من حيث العدد، وعلى الرغم من أن قوتها الشرائية قد تكون أقل، إلا أن تأثيرها لا يقل أهمية.

تأثير الشريحة العامة على الأسواق

تغير سلوكيات الاستهلاك لدى العامة، يؤدي إلى تأثيرات واسعة على السوق؛ إذ أن الارتفاع أو الانخفاض في طلبهم على السلع والخدمات، يغير ديناميكية العرض والطلب، ويشكل توجهات الصناعة.

هل سيؤثر هذا التحول في ديناميكية السوق على قرار “دومتي” بشأن عرض الاستحواذ من “آرلا فودز”؟

الإجابة المحتملة هي نعم، إذ يمكن أن يمثل العرض فرصة لدومتي للاستفادة من خبرة “آرلا” في تطوير منتجات مخصصة لهذه الشريحة الثرية.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يسهم هذا التعاون في تعزيز مكانة “دومتي” في السوق المصرية، مما يوفر لها موارد إضافية للتوسع وإضافة منتجات جديدة.

بل وستكون الصفقة – حال اكتمالها – دفعة لدومتي للتوسع بشكل أكبر داخل أسواق جديدة خارج مصر، بما في ذلك الأسواق الأوروبية والآسيوية.

هل ظلمت تقييمات السوق سعر سهم دومتي؟

يتوزع هيكل ملكية الشركة بواقع 15.65% لصالح يحيى بن لادن، و11.35% لصالح شركة تريفي، و32.9% لصالح شركة إكسبديشن ليمتد المملوكة لعائلة الدماطي، و24.1% لصالح شركة ديري العالمية.

تعتزم عائلة الدماطي، الاستمرار كشريك بجزء من أسهمهم مع الشركة الدنماركية، بالإضافة إلى استمرار محمد الدماطي عضوا منتدبا للشركة.

في نفس الاتجاه المرجح لقبول دومتي العرض، ما نشره الدماطي على صفحته بموقع “فيسبوك” والذي أشار فيه إلى أن تقييمات السوق ظلمت سعر سهم الشركة على مدار السنوات الماضية.

في عام 2016، طرح سهم شركة دومتي للصناعات الغذائية بسعر 9.20 جنيه للسهم الواحد.

في عام 2022، اشترت عائلة الدماطي من خلال شركة إكسبديشن إنفسمنتس حصة تصل إلى 32.9% من أسهم الشركة بسعر 5 جنيهات للسهم، في حين كان يتداول السهم

في عام 2022، اشترت عائلة الدماطي من خلال شركة إكسبديشن إنفسمنتس حصة تصل إلى 32.9% من أسهم الشركة بسعر 5 جنيهات للسهم، في حين كان يتداول السهم قبل العرض بشهر ونصف تقريباً عند مستويات دون 15 جنيهاً.

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا