كتب: عمر علاء
شهد سوق السيارات في مصر موجة جديدة من ارتفاع الأسعار نهاية عام 2024، مع إعلان الشركة “المصرية التجارية وأوتوموتيف”، الوكيل الرسمي لعلامة فولكس فاجن، عن زيادة في أسعار سيارات تيجوان 2024 بقيمة 75 ألف جنيه، ليصبح سعر السيارة نحو 2.6 مليون جنيه، كما ارتفعت أسعار سيارات فولكس فاجن جولف بقيمة 40 ألف جنيه ليكون سعرها نحو 1.8 مليون جنيه.
في الوقت ذاته، رفعت شركة “تيوتا مصر” الوكيل لعلامة “تويوتا” أسعار موديل كورولا 2025، بمقدار 50 ألف جنيه، لكل الفئات، لتتراوح بين 1.4 مليون جنيه لأدنى فئة، والأعلى 1.8 مليون جنيه.
مع استمرار التضخم وتحركات العملة، من غير المتوقع أن تنخفض أسعار السيارات في المدى القريب ومع ذلك، يعقد الخبراء والفاعلون في السوق الآمال على دعم التصنيع المحلي وتطبيق سياسات استيراد أكثر استقرارا لتحقيق توازن أفضل في سوق السيارات خلال العام الحالي.
قال عضو شعبة السيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية، منتصر زيتون، إن الوكلاء يرفعون الأسعار تحوطاً من ارتفاع سعر الدولار، وكذلك تحوطا من عدم انتظام العملية الاستيرادية، الأمر الذي ينتج عنه قلة المعروض والمخزون من السيارات.
أشار عضو شعبة السيارات إلى أن “زيادة أسعار السيارات مؤخرا، جاءت نتيجة تحمل الشركات مصاريف إضافية بسبب تأخر السيارات في المناطق الجمركية لفترة تصل إلى شهرين”.
شهد سوق السيارات خلال عام 2024، زيادة في المبيعات، بنحو 12% خلال أول 10 أشهر من العام، ليصل الإجمالي إلى نحو 78.4 ألف سيارة، مقابل نحو 70 ألف سيارة في نفس الفترة من عام 2023، بحسب آخر تقرير صادر عن مجلس معلومات سوق السيارات “أميك”.
ارتفاع مبيعات السيارات “الملاكي” بلغ نحو 18% خلال أول 10 أشهر من العام الماضي، لتسجل 62.3 ألف سيارة، مقابل 52.8 ألف سيارة في فترة المقارنة.
تصدرت العلامة التجارية “نيسان” و”شيري” و”شيفروليه” و”هيونداي” و”تويوتا” العلامات التجارية الأكثر مبيعاً في سوق السيارات خلال الأشهر العشرالأولى من عام 2024.
يرى زيتون أنه: “رغم الحديث عن زيادة مبيعات السيارات، إلا أنها زيادة وهمية”، مشيراً إلى أن الزيادة مدفوعة بإيقاف العملية الاستيرادية خلال عام 2022، و2023”.
أضاف: “لا يمكن الحكم على حجم سوق السيارات المصري من خلال الفترة الحالية”.
أوضح زيتون أن السوق يعاني منذ فبراير 2022، من أزمة اقتصادية أثرت على الاستيراد، وأدت إلى انخفاض المبيعات من نحو 215 ألف سيارة سنويًا قبل الأزمة.
“أتوقع عدم تجاوز حجم مبيعات العام الماضي 100 ألف سيارة”.. قال زيتون.
ارتفعت قيمة الواردات المصرية من سيارات الركوب خلال أول 9 أشهر من عام 2024، لتسجل نحو 1.9 مليار دولار، مقابل نحو 1.4 مليار دولار في نفس الفترة 2023، بنمو بلغ 37.2%، وفقا لآخر نشرة للتجارة الخارجية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
أبرز تحديات سوق السيارات
أكد زيتون أن سوق السيارات شهد نوع من الممارسات الاحتكارية نتيجة “إغلاق الاستيراد الموازي والشخصي” مشيراً إلى أن “الوكيل أصبح المتحكم الوحيد في التسعير”.
أكد عضو شعبة السيارات أن “غياب المنافسة يؤدي إلى زيادات سعرية وضغط على المستهلك”.
أوقفت مصلحة الجمارك المصرية في يوليو 2024، الإفراج الجمركي أو التسجيل المسبق، لجميع سيارات أصحاب الاحتياجات الخاصة لمدة 6 أشهر، ولحين الانتهاء من وضع منظومة جديدة تعمل على القضاء على جميع الثغرات الموجودة.
وافق مجلس الوزراء في أكتوبر 2024، على تعديل اللائحة التنفيذية لقانون “حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة” بهدف حوكمة إجراءات منظومة استيراد سيارات ذوي الهمم.
قيود استيراد السيارات ليست وليدة العام الماضي.
في مايو 2022، أصدر وزير التجارة والصناعة حينها قرارا يحدد اشتراطات على التجار للإفراج عن سيارات الركوب.
أوضح زيتون أنه قبل ذلك القرار، كان يحق لكل تاجر يملك بطاقة استيرادية أن يستورد سيارة بغرض الإتجار، لكن القرار منع ذلك مما قلل المعروض وأثر على الأسعار.
“القرار اتخذ خلال اجتماع الحكومة مع الوكلاء دون تمثيل التجار وشعبة السيارات”.. قال زيتون.
أوضح زيتون أن السوق خلال عام 2025، سيفقد “المنافسة السعرية ومنافسة في المواصفات”، نتيجة تحكم الوكلاء، مشيراً إلى أنه سابقاً كان يمكن للتاجر استيراد سيارات بها مواصفات رفاهية مثل (فتحة سقف – بصمة للباب) ليست موجودة في الموديل الذي استورده الوكيل، مما يدفع الوكيل لرفع مواصفات سيارته.
حذر من أن النظام الحالي لاستيراد السيارات سيدفع الوكيل إلى: “عدم تجديد شكل السيارة والمواصفات الخاصة بها، وسيستأثر بالسعر”، متوقعاً أن يشهد عام 2025 “زيادات سعرية جديدة، مع استمرار الاحتكار في السوق وغياب المنافسة، كما قد يتراجع تنوع المواصفات المعروضة بسبب تحكم الوكيل بالسوق”.
أسباب ارتفاع الأسعار
علق الخبير في سوق السيارات، أحمد نوح، على هذه الزيادات قائلاً: “ارتفاع أسعار السيارات ناتج بشكل أساسي عن تحركات سعر الدولار”، مشيراً إلى أن الوكلاء يرفعون الأسعار “حتى بالنسبة للسيارات التي تم استيرادها بالسعر القديم”.
كان يتداول سعر صرف الجنيه مقابل الدولار في البنك المركزي المصري مطلع ديسمبر 2024، عند 49.5 جنيه مقابل الدولار، ليصل إلى 50.77 جنيه مقابل الدولار نهاية الشهر.
مؤخرا أصدر وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، حسن الخطيب، ضوابط جديدة لاستيراد السيارات للاستعمال الشخصي ليقتصر “الاستيراد على سيارة واحدة للمستورد كل خمس سنوات”.
أشار نوح إلى أن قرارًا جديدًا بفتح باب استيراد السيارات الشخصية بشروط محددة، قد يُحسن من توافر السيارات في السوق.
أضاف: “حتى الآن، لم يتم توضيح آلية التنفيذ ما يجعل تأثير القرار على الأسعار غير واضح”.
فيما يتعلق بالحلول الممكنة، لضبط أسعار السيارات، قال نوح: “التصنيع المحلي هو الحل الأكثر واقعية لتقليل الاعتماد على الاستيراد، خاصة في ظل مشاكل تدبير العملة الأجنبية، مشيراً أنه إذا استطعنا تحقيق وفرة في السيارات المُجمّعة محليًا، فقد يؤدي ذلك إلى استقرار الأسعار”.
في شهر ديسمبر 2024، افتُتِح مصنع سيارات ماليزية بمنطقة السادس من أكتوبر، لتجميع السيارة الماليزية ” بروتون”، سبق ذلك إطلاق سيارة “إكسيد” بمصنع الشركة المصرية الألمانية للسيارات “إجا” بمدينة 6 أكتوبر نوفمبر الماضي.
تسعى مصر لتكون مركزا إقليميا لصناعة السيارات، بحسب ما ذكر نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، كامل الوزير.
أشار إلى أن السوق المصري يشهد تنوعًا متزايدًا في السيارات المحلية، مثل منتجات “نيسان” و”جنرال موتورز” و”النصر للسيارات”، حيث تتجاوز نسبة المكون المحلي فيها 50%.
في نوفمبر 2023، أعلنت الحكومة عن توقيع اتفاقية لدراسة التعاون الاستراتيجي بشأن إنشاء “مجمع صناعة السيارات المشترك بالمنطقة الصناعية بشرق بورسعيد، بالتعاون بين الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وصندوق مصر السيادي، وشركة شرق بورسعيد للتنمية الرئيسية، وشركة “فولكس فاجن” أفريقيا.
توقع نوح أن يشهد عام 2025، تواجدا أكثر للموديلات المجمعة محلياً، مما يخلق تنافسية، خاصة مع وجود عربات من فئات اقتصادية مجمعة محلياً.
مع ذلك رجح نوح عد انخفاض أسعار السيارات في العام المقبل، مشيرا إلى أنه حال توفر العملة الأجنبية وهبوط معدلات التضخم واستقرار إجراءات استيراد السيارات ستستقر الأسعار.
مستقبل سوق السيارات 2025
من جانبه توقع رئيس رابطة مصنعي السيارات، حسين مصطفى، استمرار ارتفاع أسعار السيارات بنسبة تتراوح بين 8 و10%، خلال النصف الأول من عام 2025، مشيراً إلى أن السيارات ارتفعت بنسبة تتراوح بين 2 إلى 3% في نهاية العام الماضي، مدفوعة بتحركات سعر الصرف.
بلغت زيادات أسعار السيارات نحو 30% خلال عام 2024، بحسب قول رئيس رابطة مصنعي السيارات، في تصريحات تلفزيونية.
استبعد رئيس رابطة مصنعي السيارات، أن يشهد سوق السيارات انخفاضا في الأسعار خلال النصف الأول من عام 2025، حتى يتم طرح السيارات المجمعة محلياً في السوق، مشيراً إلى أنه سيتم البدء في طرحها في النصف الثاني من العام.
أوضح مصطفي أنه منذ فبراير 2022 توقفت الاعتمادات المستندية لاستيراد السيارات، ما أسهم في تقليل المعروض، مشيراً إلى أن زيادة الطلب ونقص المعروض تدفع المعارض لوضع “Over Price” يدفعها المشتري لسرعة الاستلام، وهو مبلغ يصل في بعض الأحيان، إلى 150 ألف جنيه أو أكثر، على حد قوله.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا