بينما يغلق رجل الأعمال المصري أحمد عز، مالك “حديد عز” أكبر منتج للصلب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فصلًا من تاريخه مع البورصة المصرية امتد لأكثر من عقدين من الزمان، فإنه يفتح بابًا جديدًا لإعادة هيكلة أعماله بعيدًا عن ضغوط وقيود أسواق المال.
يرغب عز في شطب شركته اختيارياً نهائياً من البورصة المصرية لينهي علاقته بسوق المال التي بدأت بحماس كبير في أواخر تسعينات القرن الماضي، وتنتهي حالياً بانسحاب تكتيكي بعد أن وصلت قيمة الشركة السوقية إلى 1.5 مليار دولار تقريباً، لكن على ما يبدو الطريق نحو الشطب يشوبه بعض التوترات.
رغم موافقة هيئة الرقابة المالية على بدء إجراءات دعوة عمومية الشركة للنظر في الشطب، إلا أنها اشترطت أن يكون التصويت على بنود الشطب مقتصرًا على مساهمي الأقلية، مع استبعاد المساهم الرئيسي وأطرافه المرتبطة، وأن تتم الموافقة على الشطب بأغلبية 75% من أسهم مساهمي الأقلية.
يرى عز الذي يمتلك 68% من الشركة أن استبعاده من التصويت على قرار الشطب يضر بحقوقه كمساهم رئيسي، وهو ما دفعه اليوم إلى تقديم تظلم رسمي ضد قرار إقصاء أسهمه وأسهم الأطراف المرتبطة به من التصويت للنظر في شطب أسهم الشركة من البورصة.
مبررات الخروج من سوق المال
برر المُصنع الأكبر للصلب في الشرق الأوسط وأفريفيا نية تخارجه من البورصة المصرية بارتفاع المخاطر التي تواجه صناعة الصلب عالميًا، وزيادة الفوائض الإنتاجية، فضلاً عن رغبته في تجنب التقلبات السعرية التي تؤثر على سهم الشركة في البورصة، وهو ما قد يضر بالشركة ومساهميها.
وتعد تقلبات سعر الصرف واحدة من المخاطر التي تتعرض لها حديد عز -حسبما ذكرت في إفصاحها- حيث ينعكس سلباً على ربحية الشركة.
مطالبة حكومية
قال أحمد عز في اجتماع مع رئيس الوزراء مصطفى مدبولي الشهر الماضي إن “الشركات المسئول عنها تواجه موضوعات متشعبة دولية تحتاج إلى إمكانات مختلفة لدى الجهاز الإداري للحكومة”.
وطالب الحكومة بتوظيف كفاءات جديدة لمواجهة التحديات الدولية لشركات المجموعة، غير أنه أشار إلى بعض التحديات المحلية التي تواجه شركته التي تتعلق بانخفاض استهلاك المصريين من الحديد السنوات الثلاثة الأخيرة، بسبب قرارات منع البناء.
رسوم الإغراق و تخمة الإنتاج
تواجه حديد عز تحقيقات من مفوضية التجارة في الاتحاد الأوروبي بشأن دعوى إغراق منتجات الصلب المسطح المدرفل على الساخن، بناءً على شكوى من رابطة الصلب الأوروبية تطالب بفرض رسوم إغراق على صادرات مصر، التي تمثلها حديد عز كمصدر وحيد.
إلى جانب ذلك قد تتعرض الشركة لتخمة في الإنتاج؛ إذ تبلغ الحصة السوقية لشركة حديد من حديد التسليح في السوق المصري في حدود الـ 40%، إلا أنها نوهت على أن الطاقات الإنتاجية المحلية تفوق استيعاب السوق بأكثر من الضعف.
وفي حالة زيادة طاقات إنتاج الصلب، فسيكون هناك أثر عكسي ملموس، نظراً لأن الزيادة التدريجية في الاستهلاك ستحتاج إلى ما لا يقل عن 10 سنوات، لتصل إلى الطاقات الإنتاجية المتوفرة بالفعل، وفق بيان حديث للشركة.
بالتالي سيكون من الصعب على الشركة تصريف إنتاجها من الصلب المسطح، إذا فرض الاتحاد الأوربي رسوم إغراق نتيجة للتحقيقات الجارية في هذا الشأن، وستضطر الشركة إلى تخفيض الإنتاج، أو إيقاف أحد المصانع.
بدأت أغلب دول العالم تطبيق إجراءات تجارية لحماية صناعة الصلب المحلية لديها، بينما لم يبدأ ذلك بشكل فعال في مصر حتى الآن، نتيجة لذلك، يتعرض السوق المحلى لاختراق بمنتجات الصلب المسطح ومربعات الصلب البيليت المستوردة، من دول عديدة تبحث عن منفذ الصادراتها.
قيود أسواق المال
من ناحية أخرى، في بعض الأحيان قد تبتعد بعض الشركات المدرجة في أسواق المال وتلجأ إلى الشطب الاختياري نتيجة لقيود أسواق المال منها على سبيل المثال لا الحصر: التقلبات السعرية، ومتطلبات الإفصاح المالي، وضغط المستثمرين لتحقيق أرباح سريعة، بالإضافة إلى الرقابة التنظيمية الصارمة.
وبالتالي فالشطب قد يكون جزءًا من استراتيجية جديدة لعز يسعى من خلالها إلى إعادة الهيكلة وزيادة القيمة السوقية أو تحسين الأداء بعيدًا عن أعين السوق العامة.
يتضمن قرار الشطب شراء أسهم المعترضين وغير الراغبين في الاستمرار بالشركة، بما في ذلك الأسهم محل شهادات الإيداع الدولية ببورصة لندن، بسعر 138.15 جنيه للسهم، وهو أعلى بنسبة 40% من متوسط سعر السهم خلال الستة أشهر السابقة.
القيمة السوقية وتمويل الشطب
تبلغ الطاقة الإنتاجية السنوية لحديد عز 7 ملايين طن من منتجات الصلب، من خلال أربعة مصانع متكاملة لإنتاج الصلب في مصر، بإجمالي استثمارات تصل إلى 4.5 مليار دولار، فيما يبلغ رأس المال المرخص به 8 مليارات جنيه، ورأس مال مدفوع 2.7 مليار جنيه موزعاً على 543.2 مليون سهم، بقيمة إسمية 5 جنيهات للسهم.
بناء عليه تبلغ القيمة السوقية لشركة حديد عز وفق أحدث تقييم للمستشار المالي المستقل نحو 75 مليار جنيه تعادل 1.48 مليار دولار.
الشركة أوضحت أن الحد الأقصى لتمويل عملية الشطب سيصل إلى 300 مليون دولار، يتم تدبيره من خلال تمويل خارجي طويل الأجل، بالإضافة إلى مواردها الذاتية، مع التزامها بتنفيذ العملية خلال فترة لا تتجاوز أربعة أشهر.
استحواذ خارجي؟
خطوات عز نحو الشطب الاختياري من البورصة المصرية فتحت العديد من التكهنات حول احتمالية وجود نية لبيع حصة من الأسهم المستثمرين من دول عربية أو أجنبية، لكن الشركة أكدت أنها لا تخطط لبيع أي حصة من أسهمها لأي من المستثمرين، مؤكدة على عدم تلقيها استفسارات، أو عروض تخص شراء حصة من أسهم الشركة سواء حصة مؤثرة أو أقلية.
خطوة حديد عز بالشطب الاختياري، التي تشمل شراء أسهم المعترضين والمساهمين غير الراغبين في الاستمرار بالشركة، أحد أكبر التحولات في السوق المصري في الفترة الأخيرة.
ومع أن المقرر أن يتم شراء الأسهم بسعر 138.15 جنيهًا للسهم، وهو ما يعكس التزام الشركة بتقديم تعويض عادل للمساهمين -وفق آراء البعض – لكن تظلم أحمد عز قد يعقد العملية ويؤخر تنفيذ القرار.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا