شهدت أسهم شركة تسلا تراجعًا حادًا خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث انخفضت بأكثر من 52% من أعلى مستوياتها التي سجلتها في منتصف ديسمبر، مما أثار قلق المستثمرين ودفعهم للتساؤل عن مدى التزام إيلون ماسك بإدارة الشركة في ظل انشغاله بمشاريع أخرى.
الغياب الملحوظ لماسك
لطالما اشتهر ماسك بولائه الكامل لمشاريعه، حيث كان ينام على أرضية مصانع تسلا خلال الأوقات الصعبة، لكنه الآن ينام على أرضية مكتبه الحكومي في واشنطن، بعد أن بات يقضي معظم وقته هناك في إطار خطة إصلاح حكومية تهدف إلى تقليص الإنفاق وإلغاء بعض الوكالات الفيدرالية.
هذا التحول في الأولويات جاء في وقت عصيب بالنسبة لتسلا، حيث سجل السهم تراجعًا مستمرًا على مدار سبعة أسابيع متتالية، منذ أن بدأ ماسك قضاء وقت أطول في العاصمة الأمريكية.
وفي ظل موجة بيع واسعة في السوق، واصل السهم هبوطه ليخسر أكثر من 40% منذ بداية العام، وهو ما يثير قلق المستثمرين الذين يرون أن تراجع التزام ماسك قد يكون عاملًا رئيسيًا في هذه الخسائر.
هل انشغال ماسك بالسياسة يضر بتسلا؟
إحدى أبرز الإشارات التي تعكس حالة القلق بين المستثمرين جاءت عبر منصة StockTwits، حيث أظهر استطلاع حديث أن 60% من المشاركين يعتقدون أن تركيز ماسك على الحكومة يضر بتسلا، بينما رأى 25% أن الإعلام هو من يضخم الأمر، في حين ألقى 15% باللوم على عوامل أخرى مثل تراجع الطلب في الأسواق العالمية.
يقول غاريت نيلسون، كبير المحللين في CFRA Research، إن المستثمرين يشعرون بإحباط متزايد تجاه ماسك، مضيفًا:
“لقد أصبح من الواضح أنه يقضي وقتًا أطول على مشاريع مثل DOGE أكثر من أي شيء آخر.”
تسلا تعاني من تراجع المبيعات في الأسواق الرئيسية
بعيدًا عن مسألة التزام ماسك، هناك مشكلة جوهرية أخرى تواجه تسلا: تراجع مبيعات السيارات الكهربائية في أوروبا والصين، وهما سوقان رئيسيان تعتمد عليهما الشركة بشكل كبير لتحقيق نمو مستدام.
في الصين، تواجه تسلا منافسة شرسة من شركات محلية مثل BYD التي أصبحت أكبر مصنع للسيارات الكهربائية في العالم، في حين أن الطلب في أوروبا تأثر بالعوامل الاقتصادية العامة، مما يزيد الضغط على أداء الشركة.
هل تحتاج تسلا إلى قيادة جديدة؟
مع تصاعد المخاوف، بدأ بعض المستثمرين يطالبون بحل جذري للمشكلة. يرى المحلل غاريت نيلسون أن الحل الأنسب هو ترقية أحد كبار التنفيذيين في تسلا لمنحه دورًا أكبر، بحيث يتمكن من التركيز على الأهداف الاستراتيجية قصيرة ومتوسطة الأجل.
لكن بالنسبة للمستثمر المخضرم في تسلا روس جيربر، فإن هذا ليس كافيًا، حيث يعتقد أن الحل الأفضل هو تنحي ماسك عن منصب الرئيس التنفيذي بالكامل، وتعيين شخص آخر أكثر تركيزًا على الشركة.
يقول جيربر: “الحقيقة هي أن الشركة بحاجة إلى شخص غير منخرط في السياسة، شخص يمكنه استعادة قوة العلامة التجارية، إن كان ذلك ممكنًا.”
المأزق: هل وجود ماسك نعمة أم نقمة؟
لكن حتى مع المطالب المتزايدة بتغيير القيادة، يدرك المستثمرون أن استقالة ماسك قد تؤدي إلى نتائج عكسية.
يقول نيلسون: “مستثمرو تسلا عالقون في مأزق حقيقي، حيث إن وجود ماسك يمثل نسبة كبيرة من قيمة الشركة، ولكن في الوقت ذاته، تأثيره السلبي بدأ يضر بالعلامة التجارية وأدائها المالي.”
وفقًا لتقديرات جيربر، فإن قيمة السهم حاليًا تعكس ما بين 150 إلى 200 دولار من قيمته فقط بسبب وجود ماسك على رأس الشركة.
أما بالنسبة للمحلل دان آيفز من Wedbush، فهو يرى أن ماسك لن يتنحى عن قيادة تسلا في أي وقت قريب، حيث صرح قائلًا:
“ماسك سيكون الرئيس التنفيذي لتسلا لخمس إلى سبع سنوات على الأقل، وربما أكثر.”
وأضاف أن مستقبل الشركة يعتمد على التطورات في مجالات الذكاء الاصطناعي والروبوتات الذاتية أكثر من اعتماده على مبيعات السيارات الكهربائية التقليدية.
“لقد تم التشكيك في ماسك وتوقع سقوطه مرات عديدة خلال السنوات الـ 15 الماضية، وكذلك الحال بالنسبة لتسلا، ونحن نرى أن هذا الموقف ليس مختلفًا.”
الخلاصة
تسلا تواجه تحديات كبيرة، سواء على مستوى الإدارة أو على مستوى الأداء المالي والمبيعات، ويبدو أن مستقبل الشركة مرتبط بشكل وثيق بمصير إيلون ماسك.
في ظل استمرار حالة عدم اليقين، تبقى التساؤلات مفتوحة: هل سيتمكن ماسك من إعادة تركيزه على تسلا؟ أم أن الوقت قد حان لتغيير القيادة؟
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا