تحولت أنظار قادة الأعمال العالميين وبنوك الاستثمار وعمالقة إدارة الأصول صوب الإمارات وقطر خلال الفترة الأخيرة، في ظل ما تواجهه السعودية من تحديات مالية يفرضها استمرار تراجع أسعار النفط وعجز متصاعد بموازنتها.
عندما حل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الشهر الماضي ضيفا على منطقة الخليج، وتسابقت الرياض وأبوظبي والدوحة على التعهد بضخ تريليونات الدولارات في شرايين اقتصاد الولايات المتحدة، اتفق عدد كبير من بنوك الاستثمار وشركات الاستشارات المالية وإدارة الأصول على أن السعودية لم تعد الوجهة الرئيسية عندما يتعلق الأمر بالرغبة في الحصول على تمويلات أو عقد صفقات كبرى لرأس المال الخارجي.
فيما لا يزال ممثلو بنوك الاستثمار الكبرى يزورون الرياض، لعقد صفقات تتعلق بالمساعدة في ترتيب إصدار سندات أو قروض أكثر من تقديم المشورة بشأن صفقات استحواذ أو ضخ استثمارات خارجية، وفقا لما ذكرته مصادر مطلعة لـ”بلومبرج”.
أصبحت السعودية الآن أكبر مُصدر للسندات السيادية في الأسواق الناشئة، بصفقات تجاوزت الـ 14 مليار دولار منذ بداية العام، إذ تعاني ميزانيتها من عجز كبير، وقد لجأت لبيع السندات بهدف تمويل خطة التنويع الاقتصادي المتوقع أن تبلغ تكلفتها تريليوني دولار، في وقت تسعى الحكومة السعودية لترشيد الإنفاق، حتى صندوقها السيادي “صندوق الاستثمارات العامة” يواجه صعوبة في تمويل هذه الخطة واستيعاب حجم النفقات المخطط لها.
تعهدت السعودية باستثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة، فيما منحت قطر تعهدًا للرئيس الأمريكي باستثمارات بقيمة 1.2 تريليون دولار، ووعدت الإمارات بتقديم 1.4 تريليون دولار، ورغم أن السعودية تعد أكبر اقتصاد بمنطقة الخليج إلا أن جيرانها “الإمارات وقطر” لديهم مرونة مالية أكبر منها، للوفاء بتعهداتهم لترامب.
قالت الباحثة البارزة في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا، كارين يونج لـ”بلومبرج” إن السعودية ستجد صعوبة في الوفاء بتعهداتها مقارنة بأبوظبي والدوحة.
وفي الوقت الذي تحتاج فيه السعودية إلى جذب رأس مال أجنبي لمواصلة خطة التنويع الاقتصادي وزيادة الإنفاق المحلي، تتمتع الإمارات وقطر بمساحة مالية أكبر مما تستطيعان إنفاقه محليًا، وتحتاجان إلى ضخ المزيد من الاستثمارات الخارجية، كما تأملان أن تساعدهما تعهداتهم الاستثمارية لترامب في ترسيخ مكانتهما كأسواق رائدة في مجالات الذكاء الاصطناعي والتمويل وغيرها.
قد تعهدت الحكومة السعودية بضخ استثمارات بتريليون دولار في الولايات المتحدة بدلا من 600 مليار دولار، إلا أن صندوق الاستثمارات العامة يبحث عن سبل لخفض النفقات في وقت يتعرض فيه لضغوط أكبر بكثير للإنفاق محليًا، أو التركيز على الصفقات الدولية التي تساعد على تطوير الاقتصاد السعودي، وفقا لمصدر مطلع تحدث لـ”بلومبرج”.
على النقيض من ذلك، تستعد قطر لطفرة مالية مع تكثيف صادراتها من الغاز التي ستساعد في تمويل خطة صندوقها السيادي “جهاز قطر للاستثمار” لاستثمار 500 مليار دولار في الولايات المتحدة على مدى العقد المقبل، وفي المقابل تسيطر كيانات حكومية في أبوظبي على أصول بقيمة 1.7 تريليون دولار، وقد تفوقت شركة مبادلة للاستثمار، المملوكة لحكومة أبوظبي، على صندوق الاستثمارات العامة السعودية العام الماضي كأكثر صناديق الثروة السيادية نشاطًا عالميًا.
قالت الباحثة في مركز الأمن الأمريكي الجديد، راشيل زيمبا، لـ”بلومبرج”، إن الرياض لديها احتياجات تمويلية وقدرة على استيعاب الاستثمارات في الداخل أكبر بكثير من جيرانها في منطقة الخليج، فدول مثل الإمارات وقطر لديها فوائض مالية أكبر لاستثمارها في الخارج.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا