بدأت شركة النفط الوطنية العملاقة أرامكو السعودية يوم الأحد بيع أسهمها الذي طال انتظاره وسبق أن تأجل مرارا، عارضة على المستثمرين الأفراد ومن المؤسسات حصة في الشركة الأعلى ربحية في العالم من خلال إدراج في بورصة الرياض تداول.
وبوسع السعوديين التواقين لتملك قطعة من أكبر شركة مصدرة للنفط في العالم الشراء عبر الإنترنت أو التوجه إلى البنوك المحلية، التي مددت ساعات العمل لتلبية الطلب الكبير المتوقع خلال عملية البيع التي تستمر حتى 28 نوفمبر تشرين الثاني.
وسيباع ما يصل إلى 0.5 بالمئة من أرامكو إلى المستثمرين الأفراد، أي نحو 8.5 مليار دولار من الأسهم، في الطرح الأولي الذي يقدر قيمة الشركة بين 1.6 و1.7 تريليون دولار.
وصف أحمد سند (37 عاما) الذي سجل نفسه وأسرته يوم الأحد في فرع البنك السعودي البريطاني (ساب) بوسط الرياض، الطرح الأولي بأنه ”حديث المجتمع“ و“حدث عالمي“.
وأبلغ رويترز ”لا أعتقد أن أحدا سيفوت الفرصة هذه في اكتتاب أرامكو… ما في خيار أفضل في الفترة الحالية“.
ولأسابيع، أخذت اللوحات الإعلانية على جوانب الطرق وفي مراكز التسوق تمهد للإدراج، صائحة ”أرامكو السعودية، قريبا على تداول“. وعلى وسائل التواصل الاجتماعي وفي المقاهي وخلال الجلسات العائلية، هيمن الطرح الأولي على النقاشات.
تتناقض حملة التسويق المكثفة تلك مع بيع أسهم ضخم آخر هذا الشهر، هو الإدراج الثانوي لعملاق التجزئة الصيني علي بابا في هونج كونج، المدينة التي تجتاحها الاحتجاجات. ومن غير المتوقع أن تقوم علي بابا بحملة إعلانية لما سيصبح أول إدراج بلا ورق في هونج كونج.
يقول طبيب الأسنان في الرياض عبد الله الفقيه (29 عاما) إنه بدأ الإدخار فور أن أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن خطط الطرح الأولي قبل نحو أربع سنوات.
وأبلغ رويترز ”سأستثمر في الشركة للمدى الطويل.. سأحصل على أسهم مجانية، وسأشتري مزيدا من الأسهم بالأرباح. إنها فرصة لا تتكرر.“
طفرة إقراض
سيحق للمستثمرين الأفراد السعوديين الحصول على سهم مجاني واحد عن كل عشرة أسهم يشترونها إذا احتفظوا بأسهمهم لفترة 180 يوما على الأقل. ومن المتوقع مشاركة ما يصل إلى خمسة ملايين شخص، بحسب وسائل إعلام محلية.
وأبلغ مصرفيان رويترز أن عشرات الآلاف من السعوديين يسعون للاستثمار نيابة عن جميع من يعولونهم – كطريقة لزيادة عدد الأسهم التي يمكنهم شراؤها.
تسوق البنوك السعودية أيضا قروضا للعملاء للمساعدة في تمويل استثماراتهم، مع توسع البعض في الإقراض إلى أربعة أمثال السقف المعتاد، حسبما قاله مصدران ماليان آخران لرويترز. وقال المصدران إن البنوك قادرة على زيادة الحد الأقصى لأنها ستحتفظ بالأسهم نيابة عن العملاء كضمان.
وقال علماء دين كبار نهاية الأسبوع الماضي، من بينهم الشيخ عبد الله المطلق عضو هيئة كبار العلماء السعودية، إن الاستثمار في أرامكو جائز شرعا.
وأبلغ الشيخ متصلا كان يسأل عن الطرح في برنامج إذاعي أسبوعي يوم الجمعة ”هي (أرامكو) من أعمدة الاقتصاد في المملكة… أعتقد حتى المشايخ ونحن سنشارك فيها.“
وقال موظف حكومي (37 عاما) طلب عدم نشر اسمه إن بنكه عرض عليه قرضا بلا فائدة يُرد في غضون ثلاثة أسابيع، لكنه ينوي الاستثمار بمدخراته.
حمى نفط في الرياض
قالت أرامكو يوم الأحد إنها تخطط لبيع 1.5 بالمئة من أسهمها أو حوالي ثلاثة مليارات سهم، بسعر استرشادي في نطاق 30 إلى 32 ريالا، مقدرة قيمة الطرح الأولي بما يصل إلى 96 مليار ريال (25.6 مليار دولار) عند سقف النطاق. وقد تتجاوز بذلك الطرح العام الأولي القياسي لشركة علي بابا الصينية في 2014 والذي بلغت حصيلته 25 مليار دولار.
وتستحث الحكومة السعوديين الأثرياء للاستثمار في الطرح الأولي باستخدام السيولة المحتفظ بها في الخارج، إذ ينظر سعوديون كثيرون إلى الأمر كفرصة لإظهار مدى وطنيتهم عقب هجوم سبتمبر أيلول على منشأتين لأرامكو والذي استهدف قلب صناعة الطاقة بالمملكة.
ألقت واشنطن والرياض باللوم على المنافس الإقليمي إيران في الهجمات التي أوقفت مؤقتا أكثر من خمسة بالمئة من المعروض العالمي. وتنفي طهران أي دور لها.
وقال الكاتب السعودي أنور أبو العلا في تغريدة حديثة ”الاكتتاب في أرامكو واجب وطني لمن استطاع إليه سبيلا.“
وعلى تويتر أيضا، وصف مشعل الذايدي مساعي الأمير محمد لطرح أرامكو للاكتتاب العام – حجر الزاوية لبرنامج إصلاح يستهدف الحد من اعتماد الاقتصاد على النفط – بأنها ”حرب ضروس“ ينبغي أن يدعمها السعوديون.
لكن حتى بعض السعوديين الذين يرون أن الحكومة مخطئة في تخليها عن السيطرة على الشركة ولو جزئيا، يجدون في فرصة تملك أسهم في أرامكو إغراء تصعب مقاومته.
يقول أبو محسن، الذي يعمل سائق سيارة مع أوبر، ”أرامكو رابحة رابحة.. سأشتري لأن المكاسب كبيرة، لكن لا أحد راض عن الاكتتاب ولا عن بيع أرامكو، خصوصا للأجانب.“
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا