رئيس التحرير أسامه سرايا |
أخبار

الذهب يتجاوز ذروته التاريخية المعدلة بالتضخم

فيدليتي

قفز الذهب إلى مستوى قياسي جديد، متجاوزًا ذروته التاريخية المعدلة بالتضخم والتي تعود إلى يناير 1980، في انعكاس مباشر لتصاعد المخاوف بشأن مسار الاقتصاد الأميركي، وتزايد توجه المستثمرين نحو الملاذات الآمنة.

مستويات قياسية جديدة

سجلت أسعار الذهب هذا الشهر ارتفاعًا يقارب 5%، ليصل سعر الأونصة إلى 3,674.27 دولار يوم الثلاثاء، وهو أعلى مستوى على الإطلاق، وليحقق أكثر من 30 قمة سعرية منذ بداية 2025. وبهذا، تخطت الأسعار مستوى 850 دولارًا للأونصة المسجل في 21 يناير 1980، والذي يعادل وفق حسابات التضخم الحالية نحو 3,590 دولارًا.

رغم اختلاف طرق احتساب التضخم، يتفق المحللون على أن الذهب قد اخترق بالفعل تلك الذروة التاريخية، مما يعزز مكانته كملاذ تقليدي ضد التضخم وتراجع العملات.

عوامل الدفع

شهد المعدن النفيس مكاسب تقترب من 40% منذ بداية العام، مدعومًا بعدة عوامل أبرزها:

• السياسات الاقتصادية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي تضمنت خفض الضرائب، وتوسيع الحرب التجارية، ومحاولات فرض نفوذ غير مسبوق على الاحتياطي الفيدرالي.

• ضعف الدولار والسندات الأميركية طويلة الأجل، ما زاد من الشكوك حول جاذبية الأصول الأميركية كملاذ آمن.

• تزايد القلق من العجز المالي وإمكانية تراجع استقلالية الفيدرالي، مع رهان الأسواق على خفض قريب للفائدة.

مقارنة مع 1980

في يناير 1980، وصل الذهب إلى ذروته التاريخية على خلفية انهيار العملة الأميركية، وارتفاع التضخم، ودخول الاقتصاد في ركود. كما ساهمت أزمة الرهائن في طهران وتجميد الأصول الإيرانية حينها في رفع المخاطر أمام المستثمرين الأجانب، ودفعهم للابتعاد عن الدولار.

لكن بخلاف تلك الفترة التي اتسمت بتقلبات حادة وصعود ثم هبوط سريع، فإن صعود الذهب اليوم يتميز بوتيرة أكثر استقرارًا، بفضل اتساع قاعدة المستثمرين وسيولة السوق.

الذهب في الاحتياطيات العالمية

مع القفزة الأخيرة، تجاوزت قيمة الذهب المخزن في خزائن لندن تريليون دولار لأول مرة، كما تخطى اليورو ليصبح ثاني أكبر أصل في احتياطيات البنوك المركزية بعد الدولار.

ويرى خبراء أن الذهب يبدو “باهظ الثمن” تاريخيًا، لكنه لا يزال رخيصًا عند مقارنته بالأسهم الأميركية، ما قد يمنحه مزيدًا من الزخم إذا تعرضت أسواق الأسهم لأي هزات.

عودة قوية بعد عقود من التراجع

بعدما تراجع الاهتمام بالذهب في التسعينيات وأوائل الألفية مع صعود العولمة والدولار، عاد المعدن الأصفر إلى الواجهة بقوة. فالبنوك المركزية تسعى اليوم لتنويع احتياطياتها بعيدًا عن الدولار تحسبًا للعقوبات، في حين ضاعفت صناديق الاستثمار والأفراد الأثرياء من مشترياتهم.

كما ساهمت الحرب في أوكرانيا، وما أعقبها من تجميد أصول روسيا في الخارج، في مضاعفة الأسعار تقريبًا منذ 2022. أما في الصين، فقد أدى الطلب القوي من المستثمرين المحليين إلى تعزيز الاتجاه الصعودي.

دور السياسة النقدية

تاريخيًا، يؤدي خفض الفائدة إلى زيادة جاذبية الذهب مقارنة بالأصول ذات العائد مثل السندات، فضلًا عن الضغوط التي يفرضها على الدولار. ومع تزايد المخاوف من خضوع الفيدرالي لضغوط سياسية لخفض الفائدة حتى مع بقاء التضخم مرتفعًا، يجد الذهب نفسه في موقع قوي لجذب المزيد من الاستثمارات.

قراءة مستقبلية

يرى مراقبون أن التحول من عالم أحادي القطب تهيمن عليه الولايات المتحدة إلى نظام متعدد الأقطاب، عزز مكانة الذهب كأصل استراتيجي للبنوك المركزية والمستثمرين الأفراد على حد سواء.

وبينما يستعد العالم لاحتمال تزايد المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية، يبقى الذهب حاضرًا كخيار رئيسي للتحوط وحفظ القيمة، ليواصل رحلة الصعود نحو مستويات غير مسبوقة في التاريخ الحديث.

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

الذهب يتجاوز ذروته التاريخية المعدلة بالتضخم

قفز الذهب إلى مستوى قياسي جديد، متجاوزًا ذروته التاريخية المعدلة...

منطقة إعلانية