كتبت: هدى السهيلي وسارة هشام
تعقد لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي غدًا، اجتماعها لبحث أسعار الفائدة بعد ثلاث تخفيضات متتالية خلال العام الحالي بإجمالي 5.25%، لتصل الفائدة على الإيداع إلى 22% وعلى الإقراض إلى 23%.
هذا التطور يجعل المصريين يترقبون قرار المركزي لمعرفة أفضل وسيلة للحفاظ على مدخراتهم في ظل استمرار دورة التيسير النقدي، وهو ما يطرح تساؤلًا مهمًا عن الأوعية الادخارية الأكثر جدوى في هذه المرحلة.
يرى خبراء تحدثوا إلى إيكونومي بلس أن هناك بدائل عدة يمكن أن تدر عوائد جيدة للمدخرين، خاصة الأفراد، بعيدًا عن الشهادات البنكية، مثل صناديق الاستثمار وأذون الخزانة والذهب والعقار، مع التحذير من الوقوع في فخ الوعود الاستثمارية الوهمية.
صناديق الاستثمار في الصدارة
قال أحمد شوقي، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع والإحصاء، إن أغلب المودعين ينتمون إلى القطاع العائلي الذي يبحث بطبيعته عن عوائد آمنة ودورية، ما يجعل البنوك خيارهم الأول.
مع تراجع جاذبية الشهادات التقليدية في ظل تراجع معدلات الفائدة، تبرز صناديق الاستثمار النقدية كخيار أكثر أمانًا ومرونة.
تتيح الصناديق للمودعين الحصول على عوائد يومية أو دورية مع إعادة استثمارها تلقائيًا، فضلًا عن أن الاستثمار في أدوات الدين الحكومية يمنح عائدًا مستقرًا بعيدًا عن تقلبات الأسواق عالية المخاطر، مثل البورصة، وفق شوقي.
أما العقارات، فرغم كونها ملاذًا تقليديًا، فإنها تعاني من صعوبة القدرة على تسييلها.
يتفق عمرو الألفي، رئيس قطاع استراتيجيات الأسهم بشركة ثاندر لتداول الأوراق المالية، مع هذا الطرح، مؤكدًا أن الصناديق النقدية تمثل أفضل البدائل مع بدء المركزي دورة التيسير النقدي.
لكن استبعد الألفي حدوث تخارج واسع من الأوعية الادخارية البنكية، إذ يفضل كثيرون الاستثمار بها باعتبارها الأكثر أمانًا.
أذون الخزانة والذهب كخيارات متوازنة
من جانبه، يرى مدحت نافع، الخبير الاقتصادي وعضو اللجنة الاستشارية للاقتصاد الكلي التابعة لرئاسة الوزراء، أن أذون وسندات الخزانة تُعد من أبرز البدائل المتاحة، لما تتميز به من عوائد جيدة ومخاطر منخفضة، إضافة إلى أنها قصيرة الأجل أحيانًا وتمنح عوائد مقدمة.
كما اعتبر نافع الذهب خيارًا مهمًا للتحوط ضد التضخم، رغم تقلباته الدورية وحاجته لفترات أطول لتحقيق مكاسب ملموسة. وأكد أن العقار قد يكون استثمارًا مناسبًا إذا اقتصر على الوحدات الصغيرة أو المتوسطة التي يسهل بيعها أو تأجيرها، بعيدًا عن مخاطر السيولة الكبيرة.
مخاوف من انتشار ظاهرة “المستريح”
حذر كل من شوقي ونافع من الانجرار وراء ظاهرة “المستريح”، التي تعكس ضعف الثقافة المالية واستغلال جهل صغار المدخرين بالبدائل الآمنة. وأشارا إلى أن وعود العوائد المرتفعة والسريعة تدفع كثيرين إلى الدخول في استثمارات غير مرخصة، غالبًا ما تنتهي بخسائر فادحة. وأكدا أن الحل يكمن في توسيع قاعدة الشمول المالي، وتوفير منتجات ادخارية مرنة وسهلة الوصول، مع تشديد الرقابة على الكيانات غير الرسمية وزيادة التوعية بمخاطر “الربح السريع”.
الفائدة بين التثبيت واستمرار الخفض
توقع محمد أبو باشا، كبير الاقتصاديين في المجموعة المالية هيرميس، خفض أسعار الفائدة بنسبة 1% بعد القراءات الإيجابية لمعدلات التضخم واستقرار سعر الصرف، مرجحًا أن يتجه المركزي إلى التثبيت في اجتماع نوفمبر.
وأضاف أن زيادة أسعار البنزين لن تؤثر كثيرًا على التضخم السنوي نظرًا لوجود زيادة مماثلة العام الماضي، لكنها قد ترفع التضخم الشهري بشكل محدود.
أما سلمى طه، مدير إدارة البحوث بشركة النعيم للوساطة، فرجحت خفض الفائدة 1% أيضًا، مشيرة إلى أن التضخم دخل مسارًا هبوطيًا واضحًا، فيما ارتفعت موارد النقد الأجنبي لمستويات قياسية، مدعومة بتحويلات العاملين بالخارج، وهو ما يتيح مساحة للتحفيز عبر خفض الفائدة.
في المقابل، يرى شوقي أن تثبيت الفائدة هو السيناريو الأقرب، موضحًا أن رفع أسعار الوقود قد يضيف من 1% إلى 2% إلى معدل التضخم الأساسي، ما يستدعي التريث. ويتفق معه نافع، مشيرًا إلى أن أي صدمات سعرية في الطاقة تنعكس سريعًا على تكاليف النقل والإنتاج، ما يستدعي من المركزي التمهل ومراقبة التطورات.
توقع نافع أن يتجه المركزي إلى التثبيت على المدى القصير، مع إمكانية العودة إلى خفض تدريجي للفائدة خلال الاجتماعين الأخيرين من العام إذا استقرت معدلات التضخم نسبيًا، وبما يقارب 200 نقطة أساس.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا