أثار تفشى فيروس «كورونا» المميت، اضطرابات فى أسواق الغاز العالمية.
وهدد المستوردون الصينيون بإلغاء ما يصل إلى 70% من الواردات المنقولة بحرا فى فبراير الحالى، فى ظل انهيار الطلب ومعاناة الشركات من العاملين فى الموانئ.
وأدت الخطوة التى اتخذتها الصين، ثانى أكبر مستورد للغاز الطبيعى المسال فى العالم، إلى خفض الأسعار لأدنى مستوى لها على الإطلاق، وأثارت خلافا مع الموردين، الذين يدعون أن الشركات الصينية تنتهك عقودهم لضمان انخفاض الأسعار فى السوق الفورية.
وأفادت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أن هذه الأزمة تعتبر آخر علامة على الأضرار الاقتصادية التى سببها تفشى «كورونا»، والمتوقع أن يحد من النمو العالمى فى ظل إغلاق أجزاء كبيرة من ثانى أكبر اقتصاد فى العالم.
ويمكن أن يعتبر انخفاض أسعار الغاز بمثابة نعمة محتملة للمصنعين والمستهلكين.. لكنه يمثل مشكلة بالنسبة لشركات الطاقة، التى حذرت من معاناة اﻷرباح من ضربة قوية فى النصف الأول من عام 2020.
وتشير التقديرات أيضا إلى انخفاض الطلب على البترول فى الصين بمقدار الربع، فبراير الحالى، فى ظل وضع المدن الكبيرة تحت الحجر الصحى وإلغاء الرحلات الجوية وتمديد العطلات الرسمية فى محاولة لاحتواء انتشار الفيروس، الذى أودى بحياة أكثر من 800 شخص وإصابة أكثر من 34 ألفا آخرين.
وأعلنت اثنتان من أكبر مجموعات الطاقة فى الصين، عن حالة القوة القاهرة فيما يتعلق بـ 14 شحنة استيراد للغاز الطبيعى المسال على اﻷقل، وهو بند مخصص عادة للكوارث الطبيعية أو الحرب التى تحرر كلا الجانبين من العقود.
ومن المحتمل أن يصدر مشترى الغاز الطبيعى المسال الصينى المزيد من هذه الإخطارات فى الأيام المقبلة، وفقا لأشخاص على دراية بالمعاملات.
ويتردد أن بعض ناقلات الغاز الطبيعى المسال، حرى تحويلها من موانئ جنوب الصين إلى الشمال.. لكن المحللين يقولون إن الأسواق الكبيرة الأخرى فى آسيا وأوروبا مشبعة وسط فائض المعروض العالمى، مما يعنى أن السفن قد ترسو قبالة السواحل الصينية باعتبارها مخازن عائمة.
وأشارت الصحيفة إلى أن أسعار الغاز بالجملة فى المملكة المتحدة، تقترب من أدنى مستوى لها منذ الأزمة المالية العالمية.
وقال فرانك هاريس، رئيس الاستشارات العالمية للغاز الطبيعى المسال لدى شركة «وود ماكنزي» الاستشارية، إن احتمال وجود أسطول من ناقلات الغاز الطبيعى المسال التى تبحر حول العالم باحثة عن موطن، يضاف فقط إلى الشعور التشاؤمى.
وأفادت «فاينانشيال تايمز» أن وفرة الغاز الطبيعى بالفعل تسببت فى تراجع أسعار الغاز الطبيعى المسال الآسيوى إلى مستوى تاريخى منخفض يقدر بـ 2.95 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
ويشتكى بائعو الغاز الطبيعى المسال من أن استخدام الصين لبند القوة القاهرة مدفوع جزئيا على الأقل برغبة المستوردين فى الشراء بأسعار فورية أرخص، بدلا من الحمولات المستوردة بموجب عقودهم طويلة الأجل.
ونمت سوق الغاز الطبيعى المسال بسرعة فى اﻷعوام الأخيرة، مدعومة بزيادة الإمدادات من الولايات المتحدة وأستراليا، كما أن الارتفاع فى تجارة الغاز المنقول بحرا ربط اﻷسواق الإقليمية وجعل الأسعار متقاربة، مما يعنى أن الانخفاض فى آسيا يمكن أن يعنى الآن أسعارا أرخص فى أوروبا.. والعكس صحيح.
ووفقا لعدد من اﻷشخاص على دراية بالعقود، من بين الشحنات الملغاه بموجب بند الظروف القهرية، توجد 10 شحنات صادرة عن المؤسسة الوطنية الصينية للبترول البحرى ومتجهة إلى شركة «رويال داتش شل». كما رفضت شركة «بيترو تشاينا» نقل شحنتين من قطر وشحنتين من ماليزيا.
ومن المعتقد أن ما يصل إلى 50 شحنة أو %70 من إجمالى واردات شهر فبراير، أصبحت الآن تحت تهديد الإلغاء خلال الأيام المقبلة، إذ أرسل المشترون، بما فى ذلك شركة «سينوبك» الصينية للكيماويات، إخطارات تفيد خلالها بأنها ستكافح من أجل أخذ تلك الشحنات.
وأوضحت شركة «إنرجى أسبكتس» للاستشارات، أن الصين استوردت فى المتوسط 7 مليارات متر مكعب شهريا من الوقود فائق التبريد العام الماضى.
وقال المحللون فى مجموعة أستراليا ونيوزيلندا المصرفية المحدودة، إنه رغم توسيع الصين لمخزونتها فى اﻷعوام الأخيرة، إلا أن قدرتها ظلت محدودة. ويتساءل موردو الغاز الطبيعى المسال والتجار والمحامون حول مدى شرعية إعلان بند الظروف القهرية، بسبب انخفاض الطلب فى أعقاب انتشار فيروس «كورونا».
وأشارت «فاينانشيال تايمز» إلى أن شركة «توتال» الفرنسية، أعلنت رفضها إشعار الظروف القهرية المقدم من أحد الشركات الصينية.
وقال رئيس شركة «توتال» للغاز والطاقة المتجددة والطاقة، فيليب ساوكيه، إن التحليل القانونى الذى أجرته شركته لا يفيد بوجود قوة قهرية، لذا ينبغى توخى الحذر لأنه إذا كان هناك حجر صحى حقيقى فى ميناء تحميل أو تفريغ الشحنات، فستكون هناك حالة حقيقية للقوة القهرية فى الصين.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا