من كهوف الملح في السويد إلى عربات القطارات في شيكاجو، لجأ متداولو النفط خلال الشهرين الماضيين إلى تخزين الخام غير المرغوب فيه في أي مساحة تخزينية متاحة بعد انهيار الطلب نتيجة وباء فيروس “كورونا“.
ولجأ المتداولون إلى مواقع كانوا يتجاهلونها عادة بما في ذلك سفن التحميل (الصنادل) في الانهار التي تستخدم في نقل طلبيات صغيرة للأسواق الداخلية، وامتلأت عربات القطارات وكذلك خزانات “فارك”، التي تستخدم عادة لحمل المياه والمواد الكيميائية المستخدمة في عملية التكسير الهيدروليكي لاستخراج الخام من التربة الصخرية.
وفي أواخر أبريل الماضي، تراجعت أسعار الخام القياسي الأمريكي دون الصفر لأول مرة في التاريخ، وعانى المتدالون الذين من المفترض أن يستلموا البتورل من مدينة كاشينج في أوكلاهاما للحصول على المساحة التخزينية التي يريدونها ما دفعهم للدفع لمنافسيهم لآخذ النفط من بين أيديهم.
وقال باتريك كينرفورس، المدير التنفيذي لشركة التخزين الاسكندنافية “تانك ستوريدج”، التي لديها قدرة تخزينية تصل إلى 4 ملايين متر مكعب بما في ذلك الكهوف تحت الأرض في السويد والنرويج، إن الاستفسارات عن أماكن للتخزين غمرته في مارس وأبريل، موضحا أن كل كهوفه تم استجئارها وستكون ممتلئة حتى الصيف.
وقالت صحيفة “فاينانشال تايمز” إن أسعار التخزين ارتفعت في الشهرين الماضيين مع تراجع الطلب عالميا بحوالي 30% جراء الإغلاقات الاقتصادية، وهبط خام برنت من حوالي 70 دولار للبرميل في أوائل يناير إلى أدنى مستوى في 18 عام دون 20 برميل للدولار الأسبوع الماضي.
ومع بحث المتداولين عن أماكن لتخزين الأحجام غير المشهودة من النفط الفائض، ارتفعت تكلفة تأجبر حاملة الخام الكبيرة للغاية القادرة على الطفو في البحار حاملة أكثر من 2 مليون برميل إلى حوالي 230 ألف دولار يوميا في أواخر مارس، وفقا لشركة “كلاركسون بلاتو سيكيورتيز”.
وتعافت أسعار البترول الأسبوع الماضي بحوالي 5 دولار للبرميل، ويقول المتدالون إن سوق البترول قد يقترب من نقطة التحول مع تخفيف العديد من الدول للإغلاقات وحظر السفر ما سيعزز الطلب.
وتراجعت أسعار شحن البترول وكذلك تكلفة استئجار حاملات البترول الكبيرة للغاية إلى حوالي 88.600 دولار الأسبوع الماضي.
وتعود النظرة الوردية جزئيا إلى تخفيضات الإنتاج من قبل أعضاء منظمة “أوبك” وحلفائها التي سرت من أول مايو، كما أعلنت الدول الأخرى مثل النرويج عن تخفيضات كذلك في الإنتاج، وتم محو حوالي 3 مليون برميل يوميا من إنتاج أمريكا الشمالية مع إجبار تراجع الأسعار والقدرة المحدودة لخطوط الأنابيب للمنتجين الصخريين على خفض الإنتاج.
وقال بين لوكوك، مدير تداول البترول في “ترافيجورا”، إن الأمر استغرق بعض الوقت ولكن حجم التخفيضات يأتي الآن أسرع وأكبر من المتوقع.
ويعتقد أن ذروة أزمة التخزين قد مرت ولكن لا يزال هناك مسافة تفصل الأسواق عن العودة لطبيعتها.
وقال دان جرامز، المدير الننفيذي ل “كونفيرج ميدستريم”، التي تشغل قباب الملح المستخدمة في تخزين النفط بالقرب من هيوستن، إن معدل تدفق البترول في خطوط الأنابيب تراجع، مضيفا ان هناك تراجعا كبيرا في الإنتاج في حوض البرميان، أكبر حقل للبترول الصخري، وكذلك في “إيجل فورد” جنوب تكساس.
وفي نفس الوقت يشهد السوق طلبا متزايدا من الصين الحريصة على اقتناص البترول الرخيص لاحتياطياتها الاستراتيجية ومصافيها مع تعافي الاقتصاد من إغلاقات الفيروس.
ومع ذلك ليس الجميع متفائلا، فشركة الاستشارات “ريستاد انرجي” تقول إنها لا تزال ترى أن السعة التخزينية سوف تصل للحد الأقصى في الأسابيع المقبلة، حتى في ظل تحسن الطلب مع تخفيف دول مثل أمريكا وألمانيا للإغلاقات.
وقالت لويز ديكسون، المحللة في “ريستاد”، إن سوق النفط لم يجد حلا سحريا، ولا تزال مشكلات التخزين تلوح في الأفق، ويتعين على مجالس إدارة الشركات اتخاذ القرارات المكلفة ولكن الضرورية المتعلقة بخفض الإنتاج وإعطاء السوق مساحة للتنفس.
ويرى جرامز من “كونفيرج” أن الطلب سوف يعود ببطء، ومع ذلك سوف يقوم منتجو البترول المحتاجون للنقدية بمواصلة الضخ حتى لو لم تكن الأسعار مستدامة على المدى البعيد.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا