وسط تزايد العدد الإجمالي لحالات الإصابة بفيروس كورونا كوفيد-19، فإن الأشهر الأخيرة من إعادة فتح الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية في الصين يمكن أن تقدم دروسا قيمة جديدة لمجموعة من البلدان، التي تواجه الآن مخاطر متزايدة تفرضها قراراتها المتسرعة بالعودة إلى الحياة الطبيعية الجديدة والخروج المتعجل من عمليات الإغلاق.
عودة الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية لمسارها الصحيح
وقال تقرير بثته وكالة الأنباء الصينية الرسمية (شينخوا) اليوم السبت، إنه مع وضع فيروس كوفيد-19 تحت السيطرة إلى حد كبير في الداخل، تعيد الصين الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية إلى مسارها الصحيح بينما تعمل في الوقت نفسه على منع حدوث موجة جديدة محتملة من المرض المعدي الذي تسبب في خسائر فادحة في المجتمع البشري.
ولتحقيق هذا الهدف، ينبغي أن تكون العودة إلى العمل مراحلية وحذرة، فقد بدأت مصانع الإمدادات الطبية وغيرها من المواد الرئيسية المستخدمة في الوقاية من الأوبئة في الدوران مرة أخرى في أواخر يناير، مصحوبة بالانتعاش التدريجي لصناعات البتروكيماويات والاتصالات والكهرباء والنقل في الأسابيع التالية.
ولم تشرع الأعمال التجارية في قطاع الخدمات، مثل المطاعم والتجزئة، بالعمل حتى تراجع الوباء باطراد في البلاد في مارس.
التباعد الاجتماعي أصبح جزءا من الحياة اليومية
وأكد التقرير، أن التباعد الاجتماعي أصبح الآن جزءا من الحياة اليومية في الصين، وبينما بات ارتداء الأقنعة أمرا واجبا في الأماكن العامة، قامت قطاعات مختلفة من المجتمع بتخفيض الكثافة من خلال اعتماد تدابير مرنة.
وبغية منع الازدحام، توفر المصانع والشركات ساعات عمل مرنة وخيارات عمل من المنزل للموظفين.
من شنغهاي ديزني لاند إلى متحف القصر في بكين، أعيد فتح مناطق الجذب السياحي والمطاعم والمتاحف في الأشهر الأخيرة، ولكن تم وضع حد أقصى لعدد الزوار اليومي.
وتبنت وسائل النقل العام أيضا تدابير للسلامة مع توخي الحذر، وعندما استأنفت ووهان خدمة مترو الأنفاق لديها في أواخر مارس بعد أكثر من شهرين من التعليق، عُلقت في عربات المترو ملصقات تطلب من الركاب الجلوس بين المقاعد الفارغة.
وفي المدن التي يوجد بها سائقون يعملون ضمن خدمة استدعاء السيارات بالأجرة، فقد تم تزويد سياراتهم بأغطية بلاستيكية تفصل بين المقاعد الأمامية والخلفية لمنع الاتصال.
تدابير وقائية
وإلى جانب تلك التدابير الوقائية، فإن إجراء اختبار جماعي لفيروس كورونا الجديد في المناطق الرئيسية ومواصلة عمليات فحص درجة الحرارة في الأماكن العامة يمكن أن يساعد أيضا في السيطرة على الإصابات الجديدة في مهدها.
وأشار التقرير إلى أن مدينة ووهان، بؤرة تفشي فيروس كورونا الجديد في الصين، أجرت اختبارات لما يقرب من 10 ملايين من سكان المدينة بعد رفع الإغلاق، كما قامت هيئة الصحة الصينية بتوسيع نطاق الاختبار في المناطق الحدودية مثل مودانجيانغ في الشمال الشرقي، حيث ترتفع مخاطر الحالات الوافدة، ويتم إجراء فحص درجة الحرارة بشكل صارم على نطاق أوسع على الصعيد الوطني.
ويُطلب من الأشخاص قياس درجة حرارتهم أثناء دخولهم المكاتب والمدارس والجامعات والمطاعم ومحطات مترو الأنفاق والصالات الرياضية والمستشفيات والمجمعات المحلية وغيرها.
الرقمنة تجعل الوقاية والانتعاش الاقتصادي أسهل
وأثناء اتخاذ جميع هذه التدابير، فإن الانتقال إلى التكنولوجيا الرقمية يجعل من الوقاية من الأوبئة والانتعاش الاقتصادي أسهل بكثير، وبالتعاون مع عمالقة التكنولوجيا الرقمية، أطلقت الحكومات المحلية رموزا صحية على تطبيقات الهواتف الذكية مثل “ويتشات” و”ألباي” لتقييم خطر إصابة المستخدم بالعدوى.
وفي الوقت نفسه، ضغطت السلطات الصحية أيضا من أجل توفير خدمات التشخيص والعلاج عبر الإنترنت، وكذلك خدمات توصيل الأدوية للحد من الأنشطة غير الضرورية في الهواء الطلق.
4 ملايين من أنشطة التسويق بالبث المباشر للتجارة الإلكترونية
ولفت التقرير إلى أن الرقمنة ساعدت الشركات الخاملة على العودة إلى الحياة، وقدمت مدن مثل بكين وتيانجين وهانغتشو قسائم رقمية بقيمة مليارات الدولارات للجمهور المشتري، في حين أصبح البث المباشر للتجارة الإلكترونية وسيلة شائعة للتجار والمصنعين والمزارعين لبيع المنتجات مع إجراء أكثر من 4 ملايين من أنشطة التسويق بالبث المباشر للتجارة الإلكترونية في الربع الأول من هذا العام.
وعندما يبدو أن هناك موجة جديدة من الحالات في طريقها، يجب أيضا أن تعود التدابير القوية والسريعة في أقرب وقت ممكن، فعلى سبيل المثال، بعد أن شهدت مدينة سويفنخه المتاخمة لروسيا في مقاطعة هيلونغجيانغ شمال شرق الصين ارتفاعا في الحالات الوافدة في إبريل، طُلب من جميع الأفراد الوافدين الخضوع للاختبار والحجر الصحي لمدة أسبوعين في أماكن محددة.
ووسط نشر موارد طبية إضافية، تم تخريج جميع الحالات الـ 409 الوافدة والتي تخضع للعلاج أو المراقبة الطبية بحلول 12 مايو.
وبما أن الصين لا تزال تتحسس طريقها للعودة إلى الحياة الطبيعية، فإن تجربتها تفيد بأن الخروج من عمليات الإغلاق لا يمكن التعامل معه على أنها مقامرة.
وشدد التقرير على أنه يجب على البلدان في جميع أنحاء العالم أن تدير عملية الانتعاش بحذر ومثابرة وتنسيق، حتى لا تفسد النتائج التي تحققت بشق الأنفس في المعركة الضارية ضد الفيروس.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا